حصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأبوبكر ليس من المحصورين أم فى إيذاء قريش للنبى صلىاللهعليهوآلهوسلم فأبوبكر ليس من المحامين بل القائم بحماية النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم والمواسي له بنفسه والذاب عنه فى ذلك كله من لايهاب الرجال ولاتروعه الأبطال أبوطالب وبنوه ورهطه وأبوبكر فى معزل عن ذلك كله فما نعلم الموضع الذى اختص فيه بمواساة النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم دون غيره إلا أن يدعو حديث الغار وفيه ما فيه كما تقدم ـ وأين هو فى ذلك ممن بات يفدى النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه ويتوقع الموت فى الذب عنه صابراً محتسباً.
وأما المجاهدة ساعة الخوف فماعلمنا لأبى بكر قتالاً ولا سمعنا أنه فى موقف بارز قرناً ولاسفك دماً فضلاً عن أن يكون اختص بجهاد مع النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم دون غيره بل المعلوم ضرورة خلاف ذلك فإنه فى بدر كان بالعريش ولم ير القتال بوجهه فضلا عن أن يكون قاتل وكان رسول الله لايكلفه حرباً ولاقتالاً فإنه لما خرج ابنه عبدالرحمن يوم أحد من عسكر المشركين يدعو المسلمين للمبارزة وينادي هل من مبارز أنا عبدالرحمن بن عتيق فغضب أبوه من قوله وقام مصلتا سيفه يريد مبارزة فنظر إليه النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : « يا أبابكر شم سيفك وأمتعنا بنفسك » (١) ثم لم يلبث بعد ذلك حتى فرّ مع الفارين وفاز بالمواساة والجهاد غيره وهو علي الذى لم يزل فائزاً بذلك حتى نزل جبرئيل على النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال يا محمد قد عجب الملائكة من صبر هذا الفتى إنها لهى المواساة فقال : « يا جبرائيل إنه منى وأنا منه » فقال جبرئيل عليهالسلام وأنا منكما ولاشك أن حديثهم الذى افتعلوه لينا قضوا به هذا الحديث الصحيح وما جرى مجراه.
ثم فى يوم الأحزاب عجز هو وغيره عن مبارزة عمرو وفاز بالحظ الجزيل
________________
١. إبن أثير الجزرى الكامل فى التاريخ ج ٢ ص ١٥٦ وابن أبى الحديدشرح نهج البلاغة ج ١٣ ص ٢٨١.