موضوع ولاغرابة فى وقوع هذا التنافر بين الموضوعات فأحد الوضاعين يضع لفظا من غير اطلاع منه على ما وضعه الآخر لكن الغرابة فى مناقضة ابن حجر لنفسه فى كلام واحد لأن أبابكر إذا كان « محراب المدينة » فليس هو « أساسها » وإذا كان « أساسها » فليس « محرابها » ... لكن هذا من آثار خذلان ابن حجر فالله حسيبه وحسيب أمثاله وهو المؤاخذ إياه على سوء فعاله وإن الواقع والحقيقة يكذب وينفي أن يكون أبوبكر أساس مدينة العلم وذلك لجهل أبى بكر بالأحكام الشرعية والمعارف الدينية والأمثلة والشواهد على جهلة كثيرة جداً ومشهورة بين الفريقين وسيأتى ذكر طرف منها. (١)
وأيضاً : رجوعه إلى أميرالمؤمنين عليهالسلام فى المعضلات والمشكلات مشهور كذلك بل لقدأدى جهله وضلاله إلى أن يقول على رؤوس الأشهاد : « إن لى شيطاناً يعترينى فإذا استقمت فأعينونى وإذا زغت فقومونى » (٢).
وإن كون أبى بكر « أساسها » يستلزم معنى باطلاً لايلتزم به مسلم وذلك لأن أساس المدينة مقدم على نفس المدينة فيكون أبوبكر مقدماً على النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذا كفر صريح لايطيق أهل السنة إظهاره وأن اعتقدوا به فى قلوبهم ... هذا بالنسبة إلى فقرة « وأبوبكر أساسها » (٣)
وأما بالنسبة إلى فقرة « وعمر حيطانها » فنقول : هو باطل من وجوه :
إن جعل « الحيطان » للمدينة غلط ... ومن هناك كان اللفظ فى الحديث الموضوع الآخر : « سورها » لكن واضعها جعل ثلاثتهم « سورها » فلفظه : « أنا مدينة
________________
١. المصدر ص ١٥٨.
٢. عبدالرزاق المصنف : ج ١١ ص ٣٣٦ إبن عساكر تاريخ مدينة دمشق ج ٣٠ ص ٣٠٤ والمتقى الهندى كنزالعمال فى سنن الأقوال والأفعال ج ٥ ص ٥٨٩.
٣. السيد علي الميلانى نفحات الأزهار فى خلاصة عبقات الانوار فى الرد على التحفة الاثنى عشرية : ج ١٢ ص ١٥٩.