مَعْدُودَاتٍ أَدلُّ على القِلَّةِ ، لأَنَّ كُلَّ قلِيلٍ (١) يُجْمَعُ بالأَلِفِ والتاءِ ، نحو دُرَيْهِماتٍ ، وحَمَّامَاتٍ. وقد يَجُوزُ أَن تَقَعَ الأَلِفُ والتَّاءُ للتَّكْثِير.
والعِدَّةُ. مَصْدَرٌ كالعَدِّ ، وهي أَيضاً : الجماعةُ ، قَلَّتْ أَو كَثُرَتْ ، تقول : رأَيتُ عِدَّةَ رِجالٍ وعِدَّةَ نِساءٍ وأَنفَذْتُ عِدَّةَ كُتُبٍ ، أَي جَماعة كُتُبٍ.
وفي الحديث : «لم تَكُنْ للمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ فأَنْزلَ اللهُ تعالى العِدَّة للطَّلاقِ» وعِدَّةُ المَرْأَةِ المُطَلَّقةِ والمُتَوفَّى زَوْجُها : هي ما تَعُدُّه مِن أَيَّامِ أَقْرائِها ، أَو أَيَّامِ حَمْلها ، أَو أَربعة أَشْهُرٍ وعَشْر ليالٍ. وعِدَّتُها أَيضاً : أَيامُ إِحْدَادِها على الزَّوْجِ وإِمساكِها عن الزِينةِ ، شُهُوراً كان أَو قراءً ، أَو وَضْعَ حَمْلٍ حَمَلَتْه من زَوْجِها ، وقد اعتَدَّت المرأَةُ عِدَّتَها من وَفَاةِ زَوْجِها أَو طَلاقِهِ إِيَّاها. وجَمْعُ عِدَّتِها عِدَدٌ. وأَصْلُ ذلك كُلِّه مِن العَدِّ. وقد انْقَضَتْ عِدَّتُها.
وَعِدَّانُ الشَّيْءِ ، بالفتح والكسر ، ولو قال : وعَدَّان الشيْءِ ، ويُكْسَر كان أَخْصَر : زَمَانُهُ وعَهْدُهُ ، قال الفَرَزْدَقُ ، يخاطب مِسْكيِناً الدارِمِيَّ ، وكان قد رَثَى زِيَادَ ابنَ أَبِيه :
أَمِسْكِينُ أَبكَى اللهُ عَينكَ إِنّمَا |
|
جَرَى في ضَلَالٍ دَمْعُها فتَحَدَّرا (٢) |
أَقولُ له لَمَّا أَتانِي نَعِيُّهُ |
|
بِهِ لا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمةِ أَعْفَرا |
أَتَبْكِي امْرَأً من آلِ مَيْسانَ كافِرًا |
|
ككِسْرَى على عِدَّانِه أَوْ كَقَيْصَرَا |
وأَنا على عِدَّانِ ذلكَ أَي حِينِه وإِبَّانِهِ ، عن ابن الأَعرابِيّ.
وأَوردَه الأَزهريُّ في عَدَنَ ، أَيضاً. وجِئْتُ على عِدَّانِ تَفْعَلُ ذَلِكَ [وعَدَّانِ تَفْعَل ذلك] (٣) أَي حِينِه. أَو معنى قولهم : كان ذلك في عِدَّانِ شَبَابِه ، وعِدَّانِ مُلْكه ، هو أَوَّلُهُ وأَفْضَلُهُ وأَكثرُه. قال الأَزهريُّ : واشتقاقُ ذلك من قولِهِم : أَعَدَّهُ لأَمْرِ كذا : هَيَّأَهُ له ، وأَعْدَدتُ للأَمْرِ عُدَّته ، ويقال : أَخَذَ للأَمْر عُدَّتَهُ وعَتَادَه ، بِمَعنًى ، قال الأَخفشُ : ومنه قولُه تعالَى : (جَمَعَ مالاً) وَعَدَّدَهُ (٤) أَي جَعَلَهُ عُدَّةً للدَّهْرِ ، ويقال : جَعَلَه ذا عَدَدٍ. واستَعَدَّ له : تَهَيَّأَ ، كأَعَدَّ ، واعْتَدَّ ، وتَعَدَّدَ ، قال ثَعْلبٌ : يُقَالُ : استَعْدَدتُ للمَسائل ، وتَعدَّدْتُ. واسم ذلك : العُدَّةُ.
ويقال : هُم يَتَعَادُّونَ ، ويَتَعَدَّدُون على أَلْفٍ ، أَي يَزِيدُون عليه في العَدَدِ ، وقيل : يَتَعَدَّدُون عليه : يَزِيدُون عليه في العَدَد ، ويَتعادُّونَ : إِذا اشتَركُوا فيما يُعادُّ به بَعْضُهُم بَعضاً من المَكَارِمِ.
والمَعَدَّانِ : مَوْضِعُ دَفَّتَي السَّرْجِ على جَنْبَيْهِ من الفَرَسِ ، تقولُ : عَرِقَ مَعَدَّاه ، وأَنشدَ اللِّحْيَانِيُّ :
كَزِّ القُصَيْرَى مُقْرِفِ المَعَدِّ
وقال : عَدَّه مَعَدًّا ، وفَسَّرَه ابنُ سيده وقال : المَعَدُّ هُنا : الجَنْبُ ، لأَنَّه قد قال : كَزّ القُصَيْرَى ، والقُصَيْرَى عُضْوٌ ، فمُقَابَلَةُ العُضْوِ بالعُضْوِ خَيْرٌ من مُقَابَلَتِهِ بالعِدَّةِ.
ومَعَدُّ بنُ عَدْنَانَ : أَبو العَرَبِ ، والمِيمُ زائدةٌ ، أَو المِيمُ أَصْلِيَّةٌ ، لقولهم : تَمَعْدَدَ ، لِقِلَّةِ تَمَفْعَلَ في الكلام ، وهذا قولُ سِيبويهِ ، وقد خُولِفَ فيه.
وتَمَعْدَدَ الرَّجُلُ ، أَي تَزَيَّا بِزِيِّ مَعَدٍّ ، في تَقَشُّفِهِم ، أَو تَنَسَّبَ هكذا في النُّسخ. وفي بعضها (٥) : أَو انْتَسَبَ إِليهِمْ أَو تكلَّم بكَلامِهِمْ أَو تَصَبَّرَ عَلَى عَيْشِهِمْ ، ونقَلَ ابنُ دِحْيَةَ في «كتاب التَّنْوِير» له ، عن النُّحاةِ : أَنَّ الأَغلبَ على مَعَدٍّ ، وقُرَيْشٍ ، وثَقِيفٍ ، التذكيرُ والصَّرْفُ ، وقد يُؤَنَّثُ ولا يُصْرَفُ. قاله شيخُنا.
وقولُ الجَوْهَرِيِّ : قال عُمَرُ ، رضياللهعنه. الصَّوابُ : قالَ رسولُ الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم : «تَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا وانتَضِلُوا ، وامشُوا حُفاةً» أَي (٦) تَشَبَّهُوا بِعَيْشِ مَعَدٍّ ، وكانُوا أَهلَ تَقَشُّفٍ وغِلْظَةٍ (٧) في المَعَاشِ ، يقول كُونُوا مِثْلَهُمْ ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزيَّ الأَعاجِمِ.
وهكذا هو في حديث آخَرَ : «عَلَيْكُم باللِّبْسَةِ المَعَدِّيَّةِ».
وفي «الناموس» و «حاشية سَعْدِي چلبى» وشرْحِ شَيْخِنا : لا يَبْعُدُ أَن يكونَ الحديثُ جاءَ مرفُوعاً عن عُمَر ، فليس
__________________
(١) في المطبوعة الكويتية : «تقليل» تحريف.
(٢) في المطبوعة الكويتية : «فتحدر».
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) سورة الهمزة الآية ٢.
(٥) وهي عبارة اللسان ، «وتنسب» عبارة الصحاح.
(٦) هذا أحد قولّي أبي عبيد ، والقول الآخر : يقال هو من الغلظ ، ومنه قيل للغلام إِذا شب وغلظ قد تمعْدَدَ ، وسترد العبارة مستقلة قريباً.
(٧) الصحاح : أهل قشف وغلظ.