الحِيرة ، يُكْنَى أَبَا عُمَيْر ، وجَدُّه أَيُّوبُ ، أَوَّلُ مَن تَسَمَّى أَيُّوبَ من العربِ ، كما سبقت الإِشارةُ إِليه في الموحَّدة.
وقال شيخُنَا : قال أَحمدُ بن أَبِي يَعْقُوبَ : إِنَّمَا سُمِّيَ نَصَارَى الحِيرَةِ العبَادَ ، لأَنه وَفَد على كَنُود منهم خمسةٌ ، فقال للأَوّلِ : ما اسْمُكَ؟ قال : عبدُ المَسِيح. وقال للثاني : ما اسْمُكَ؟ قال : عبدُ يالِيلَ. وقال للثّالث : ما اسمُكَ؟ قال عبدُ عَمْرو. وقال للرّابع : ما اسمُكَ؟ قال : عَبْدُ ياسُوعَ.
وقال للخامس : ما اسمُكَ؟ قال : عبدُ اللهِ. فقال : أَنتُم عِبادٌ كُلُّكُم. فسُمُّوا عِباداً.
وقال اللَّيْثُ ؛ أَعْبَدَنِي فلانٌ فلاناً ، أَي مَلَّكَنِي إِيَّاهُ ، قال الأَزْهَرِيُّ : والمعرُوفُ عندَ أَهلِ اللُّغَةِ : أعْبَدْتُ فُلاناً ، أَي استَعْبَدْتُه. قال : ولسْتُ أَنْكِرُ جَوَازَ ما قَالَه (١) اللَّيْثُ ، إِن صَحَّ لِثِقَةٍ من الأَئِمَّةِ ، فإِنَّ السَّماعَ في اللُّغَاتِ أَوْلَى بنا (٢) مِن خَبْطِ العَشْواءِ ، والقَوْلِ بالحَدْسِ ، وابتداعِ قِيَاسَاتٍ لا تَطَّرِدُ.
وأَعبدَنِي فلانٌ اتَّخَذَنِي عَبْداً أَو صَيَّرنِي كالعَبْدِ. وفي الحديثِ : «ثلاثةٌ أَنا خَصْمُهُم : رَجُلٌ أَعْبَدَ (٣) مُحَرَّراً» ، أَي اتَّخَذَه عَبْداً ، وهو أَن يُعتِقَه ثم يَكْتُمَهُ إِيّاه ، أَو يَعْتَقِلَه بَعْد العِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهاً ، أَو يَأْخُذَ حُرّاً فيدَّعِيَهُ عَبْداً ويَتَملَّكَه. والقياسُ أَن يكونَ : أَعْبَدْتُه : جَعلْتُه عَبْداً.
وأَعْبَدَ القَوْمِ بالرَّجُلِ : اجتَمَعُوا عليه وضَرَبُوه.
والعَبَّادِيَّةُ ، مُشَدَّدَةً : ة ، بالمَرْجِ. نقلَه الصاغانيُّ.
وعَبَّادَانُ : جَزِيرة أَحاطَ بها شُعْبَتا دِجْلَةَ ساكِبَتَيْنِ في بَحْر فارِسَ ، مَعْبَدُ العُبَّادِ ومُلْقَى عِصِيّ النُّسَّاك. ومثله في المصباح ، والمَشَارق. وقال ابن خُرداد : إِنَّهُ حِصْنٌ بِالعِرَاقِ ، بينَه وبين البَصْرَةِ اثنا عَشَرَ فَرْسَخاً ، سُمِّيَتْ بِعَبَّادِ بنِ الحُصَيْنِ التَّمِيمِيِّ الحَنْظَلِيّ. وفي المثل : «ما وراءَ عَبَّادانَ قَرْيَةٌ».
وعَبَّادَةُ بالتشديد : جَارِيةُ المُهَلَّبِيَّة ، لها قِصَّةٌ ذَكرها الزُّبَيْر ، وهي التي قال فيها أَبو العَتاهِيةِ :
مَنْ صَدَقَ الحُبَّ لأَحْبابِهِ |
|
فإِنَّ حُبَّ ابنِ غُرَيْرٍ غُرُورْ |
أَنْسَاه عَبَّادَةَ ذاتَ الهَوَى |
|
وأَذْهَبَ الحُبَّ لَدَيْهِ الضَّمِيرْ (٤) |
وابنُ غُرَيْرٍ كانَ يَهْوَى عَبَّادة.
واسمُ مُخَنَّث ذي نَوَادِرَ أَيامَ المُتَوَكِّلِ ، ذكَره الذَّهَبِيُّ.
ويقال : عَبَدْتُ بِهِ أُوذِيهِ ، أَي أُغْرِيتُ به.
والمُعَبَّدُ كمُعَظَّمٍ : المُذَلَّلُ من الطَّرِيقِ وغيرِهِ ، يقال : بَعِيرٌ مُعَبَّد ، أَي مُذَلَّلٌ ، وطَرِيقٌ مُعَبَّدٌ ، أَي مَسْلُوكٌ مُذَلَّل. وقيل : هو الذي تَكثُر فيه المُخْتَلِفةُ. قال الأَزهريُّ : والمُعَبَّد : الطَّرِيقُ المَوطُوءُ (٥). والمُعَبَّدُ : المُكَرَّمُ المُعَظَّم ، كأَنّه يُعْبَد ، ضِدٌ ، قال حاتم :
تَقُول : أَلا تُبْقِي عليكَ فإِنَّني |
|
أَرى المالَ عِنْدَ المُمْسِكِينَ مُعَبَّدَا |
أَي مُعَظَّماً مَخْدُوماً ، وبَعِيرٌ مُعَبَّدٌ : مُكَرَّمٌ.
وقال ابنُ مُقْبِلٍ :
وضَمَّنْتُ أَرْسانَ الجِيَادِ مُعَبَّداً |
|
إِذَا ما ضَرَبْنَا رأْسَه لا يُرَنِّحُ |
قال الأَزهريُّ : المُعَبَّدُ هنا : الوَتِدُ.
والمُعَبَّد : المُغْتَلِمُ من الفُحُولِ ، نقلَه الصاغانيُّ.
والمُعَبَّدُ بَلَدٌ ما فيه أَثَرٌ ولا عَلَمٌ ولا ماءٌ ، أَنشد شَمِرٌ.
وَبَلَدٍ نائِي الصُّوَى مُعَبَّدِ |
|
قطَعْتُهُ بِذَاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ |
والمُعَبَّد : البَعِيرُ المَهْنوءُ بالقَطِرَانِ ، قال طَرَفَةُ :
إِلَى أَن تَحَامَتْنِي العَشِيرَةُ كُلُّهَا |
|
وأُفْرِدتُ إِفْرادَ البَعِيرِ المُعَبَّدِ |
قال شَمِرٌ : المُعَبَّدُ من الإِبل : الذي (٦) قد عُمَّ جِلْدُه
__________________
(١) التهذيب : ما ذكره.
(٢) التهذيب : أولى بنا من القول بالحدس والظن.
(٣) وفي رواية : «اعتبد محرّراً» عن اللسان.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «وبعدهما في التكملة :
خمسون ألفاً كلها وازنٌ |
|
خشنٌ لها في كل كيس صرير |
[وفي هامشها أيضاً] : وقوله وابن غرير الخ عبارة التكملة : وابن غرير هو إسحاق بن غرير».
(٥) وشاهده قول لبيد ، كما في التهذيب :
وظيفاً وظيفاً فوق مَوْرٍ مُعَبّدِ
(٦) عن التهذيب ، وبالأصل «التي» وتمام العبارة في التهذيب : الذي قد عُمّ جلده كله بالقطران من الجرب.