والعُوذَةُ ، بالهَاء : الرُّقْيَةُ يُرْقَى بها الإِنسانُ مِن فَزَعٍ أَو جُنونٍ ، لأَنه يُعاذُ بها ، وقد عَوَّذَه. قال شيخُنا. وزَعم بعضُ أَرْبابِ الاشتقاقِ أَنّ أَصْلَها هي الرُّقْيَة بما فيه أَعُوذُ ، ثم عَمَّت ، ومالَ إِليه السُّهَيْلِيُّ وجَمَاعَةٌ. قلت : وهو كذلك ، فقد قَالَ مثلَ ذلك صاحبُ اللسانِ وصرَّحَ به غَيْرُه ، يقال : عَوَّذْتُ فُلاناً باللهِ وبأَسمائه وبالمُعَوِّذَتَيْنِ ، إِذا قلتَ أُعِيذُك بالله وأَسمائِه مِن كُلِّ ذي شَرٍّ وكُلِّ داءٍ وحاسِدٍ وحَيْنٍ (١). ورُوِي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم «أَنه كان يُعَوِّذُ نَفْسَه بالمُعَوِّذَتَيْنِ بعد ما طُبَّ.
وكان يُعَوِّذ ابْنَيْ ابْنَتَهِ البَتُولِ عليهمالسلام بهما» كالمعَاذَةِ والتَّعْوِيذِ ، والجمع العُوَذُ والمَعَاذَاتُ والتَّعاوِيذُ.
والعَوذُ ، بالتَّحْرِيكِ : المَلْجَأُ ، قاله الليثُ ، يقال : فُلَانٌ عَوَذٌ لك ، اي مَلْجَأٌ ، وفي بعض النُّسخ : اللَّجَأُ (٢) ، كالمَعَاذِ والعِيَاذِ. وفي الحديث : «لقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ». والمَعَاذُ المَصْدَرُ والزَّمَانُ والمَكَانُ ، أَي قد لَجَأْتِ إِلى مَلْجَإِ ولُذْتِ بِمَلاذٍ. واللهُ عَزَّ وجَلَّ مَعَاذُ مَنْ عَاذَ به ، وهو عِيَاذِي ، أَي مَلْجَئِي.
والعَوَذُ ، بالتحريك : الكَرَاهَةُ كالعَوَاذِ ، كسَحَابٍ ، يقال : ما تَركْتُ فُلاناً إِلَّا عَوَذاً منه ، وعَوَاذاً منه ، أَي كَرَاهَةً.
والعَوَذُ : السَّاقِطُ المُتَحَاتُّ مِن الوَرَقِ ، قال أَبو حنيفة : وإِنما قيل له عَوَذٌ لأَنّه يَعْتَصِمُ بِكُلِّ هَدَفٍ ويَلْجأُ إِليه ويَعوذُ به. وقال الأَزهرِيُّ : والعَوَذُ : ما دَارَ به الشيءُ الذي يَضْرِبُه الرِّيحُ فهو يَدُور بالعَوَذِ من حَجَرٍ أَوْ أَرْومَةٍ.
وعن ابن الأَعْرَابيّ : العَوَذُ رُذَالُ النَّاسِ وسِفْلَتُهم.
ويقال : أَفْلَتَ (٣) فلانٌ منه عَوَذاً ، إِذا خَوَّفَه ولم يَضْربْه ، أَو ضَرَبَه وهو يُرِيد قَتْلَه فلم يَقْتُله.
ومن المجاز : أَرْعُوا بَهْمَكم عُوَّذَ هذا الشَّجَرِ ، عُوَّذ كَسُكَّرٍ : ما عَاذَ به من المَرْعَى وامتَدَّ تَحته (٤). كذا في الأَساس. وقال غيرُه : هو ما عِيذَ به مِن شَجَرٍ وغيرِه (٥) ، وقيل هو النَّبْتُ في أُصُولِ الشَّوْك أَو الهَدَف أَو حَجَرٍ يَسْتُرُه ، كأَنَّه يُعَوَّذُ بها ، أَو العُوَّذُ من الكَلإِ : ما لَم يَرْتَفِع إِلى الأَغْصَان وَمَنَعَهُ الشَّجَرُ مِن أَنْ يُرْعَى ، من ذلك ، وقيل : هو أَنْ يَكُون بِالمَكَانِ الحَزْنِ لا تَنَالُهُ المَالُ ، قال الكُمَيْت :
خَلِيلَيَّ خُلْصَانَيَّ لَمْ يُبْقِ حُبُّهَا |
|
مِنَ القَلْبِ إِلَّا عُوَّذاً سَيَنَالُهَا |
كالمُعَوَّذِ ، وتُكْسَر الواوُ قال كُثَيِّر بنُ عَبْد الرَّحمن الخُزَاعِيّ يَصِف امرأَةً :
إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا رَاقَ عَيْنَهَا |
|
مُعَوَّذُهُ وأَعْجَبَتْهَا العَقَائِقُ |
يَعْنِي أَن هذه المرأَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِن بيتِهَا رَاقَهَا مُعَوَّذُ النَّبْتِ حَوَالَيْ بَيْتِها.
ومن المَجازِ : أَطْيَبُ اللحْمِ عُوَّذُه. قال الزمَخْشَريُّ : العُوَّذُ : مَا عَاذَ بالعَظْمِ مِن اللَّحْمِ ، زاد الجوهَرِيُّ : ولَزِمَه ، ومِثْلُه قَولُ الراغب ، وقال أَبو تَمَّامٍ :
ومَا خَيْرُ خُلْقٍ لَمْ تَشُبْه شَرَاسَةٌ |
|
ومَا طِيبُ لَحْمٍ لَا يَكُونُ عَلَى عَظْمِ |
وقال ثعلبٌ : قلتُ لأَعْرَابِيٍّ : ما طَعْمُ الخُبْزِ ، قال أُدْمُه.
قال : قلت : ما أَطْيَبُ اللَّحْمِ ؛ قال : عُوَّذُه.
والعُوَّذُ : طَيْرٌ لَاذَتْ بِجَبَلٍ أَو غَيْرِه مِمَّا يَمْنَعُها ، كالعِيَاذِ بالكَسْر ، قال بَخْدَجٌ :
كالطَيْرِ يَنْجُونَ عِيَاذاً عُوَّذَا
وكَرَّرَ مُبَالَغَةً ، وقد يكون عِيَاذاً هنا مَصْدَراً.
وقولهم : مَعَاذَ الله ، أَي أَعوذُ بالله مَعَاذاً ، تَجْعَلُه بَدلاً من اللَّفْظِ بالفِعْلِ ، لأَنه مصدرٌ ، وإِن كان غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ ، مثْل سُبْحَانَ. وقال الله عَزَّ وجَلَّ (مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) (٦) أَي نَعوذ بالله معَاذاً أَنْ نَأْخُذ غَيْرَ الجانِي بِجِنَايَتِه ، وكذا مَعَاذَةَ الله ، ومَعَاذَ وَجْهِ الله ومَعَاذَةَ وَجْهِ الله وهو مثْل المَعْنَى والمَعْنَاةِ والمَأْتَى والمَأَتَاةِ ، وقال شيخُنَا : وقد عَدُّوا مَعَاذَ الله من أَلفاظِ القَسَمِ ، وقد بَسَطَه الشيخُ ابنُ مالِكٍ في مُصَنَّفَاته.
__________________
(١) في التهذيب : «وعين» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وحين ، كذا في اللسان ، أي بفتح الحاء بمعنى الهلاك وفي بعض النسخ : وجنيّ».
(٢) وهي عبارة التكملة.
(٣) ضبطت في اللسان بالبناء للمجهول.
(٤) في الأساس : وهو ما عاذ به من الرعي واستتر تحته.
(٥) اللسان : أو غيره.
(٦) سورة يوسف الآية ٧٩.