فاعِلٍ كرَاكعٍ ورُكَّع ، وهكذا هو مضبوط عندنا في سائرِ النُّسخ ، ووْجِد في نُسخ الصحاح واللسان بضمّ فَسُكونٍ ، ومثلُه في أَكثر الدَّواوين ، قال شيخُنَا : وكلاهما ثابِتٌ. وقد وَلَّدْتَها تَوْلِيداً فأَوْلَدَتْ هي وهي مُولِدٌ كمُحْسِن من غَنمٍ مَوَالِيدَ وَمَوَالِدَ ، ويقال : وَلَّدَ الرجُلُ غَنَمَهُ تَوْلِيداً ، كما يقال : نَتَّجَ إِبلَه. وفي حديثِ لقيطٍ : «ما وَلَّدْتَ يا رَاعي» ، يقال : وَلَّدْت الشَّاةَ تَوْلِيداً. إِذ حَضَرْت وِلادَتَها فَعَالَجْتها حَتَّى يَبِينَ الوَلَدُ مِنها ، وأَصحابُ الحَدِيث يقولون : مَا وَلَدَتْ؟ يَعْنُونَ الشَّاةَ ، والمحفوظُ بِتَشْدِيد اللام علَى الخِطَابِ للرَّاعِي ، ومنهحديثُ الأَبرص والأَقْرَع : «فَأَنْتِجَ هذَانِ (١) وَوَلَّدَ هَذَا» وقال الأُمويّ : إِذا وَلَدَتِ الغَنَمُ بَعْضُها بعد بَعْضٍ قيل : قد وَلَّدْتُها الرُّجَيْلَاءَ ، ممدودٌ ، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً ، وقول الشاعر :
إِذَا مَا وَلَّدُوا شَاةً تَنَادَوْا |
|
أَجَدْيٌ تَحْتَ شَاتِك أَمْ غُلَامُ |
قال ابنُ الأَعْرَابيّ في قولِه وَلَّدُوا شاةً : رَمَاهُم بأَنَّهُم يَأْتُونَ البَهَائمَ ، قال أَبو منصور : والعَرب تَقول : نَتَّج فلانٌ ناقَتَه إِذا وَلَدَت وَلَدَها ، وهو يَلِي ذلك مِنْهَا ، فهي مَنْتُوجَة ، والناتِج للإِبل بمنزلة القابِلَة للمرْأَةِ إِذا وَلَدتْ ، ويقال في الشاءِ : وَلَّدْنَاها ، أَي وَلِينا وِلَادَتَها ، ويقال لِذَواتِ الأَظلاف والشاءِ والبقرِ : وُلِّدت الشَّاةُ والبَقَرَةُ ، مضمومة الواوِ مَكْسُورة اللام مشدَّدَة ، ويقال أَيضاً : وَضَعَتْ ، في موضع وُلِّدَت ، كذا في اللسان ، وبعضٌ من ذلك في البصائر والمِصباح والأَفعالِ لابن القَطَّاع.
واللِّدَةُ ، بالكسر : التِّرْبُ ، وهو الذي يُولَد مَعَك في وَقْتٍ واحِد ، ج لِدَاتٌ ، وهو القياس في كُلّ كَلمة فيها هاءُ تأْنيثٍ ، كما جزم به النُّحَاةُ ، وحكَى الشاطِبيُّ عليه الإِجماعَ ، قاله شيخُنَا ، ولِدُونَ ، نقله الجوهريُّ وغيرُه ، قال أَبو حَيّان وغيرُه من شُرَّاح التَّسهيل : إِن مثْل هذه الأَلفاظِ إِذا صارَتْ عَلَماً صحَّ جَمْعُهَا بالواو والنُّونِ ، وزعمَ بعضٌ أَن لِدَةً مِن لدى لا من ولد ، وسيأْتي الكلامُ عليه في المُعْتلّ إِن شاءَ الله تعالى ، قال الفرزدق :
رَأَيْنَ شُرُوخَهُنَّ مُؤَزَّرَاتِ |
|
وَشَرْخَ لِدِيَّ أسْنَانَ الهِرَامِ |
وفي الصحاح : ولِدَةُ الرَّجُلِ : تِرْبُه ، والهاءُ عِوَضٌ من الواو الذاهِبةِ من أَوَّلِه ، لأَنَّه من الوِلَادَة ، وهما لِدَانِ (٢) ، والتَّصغيرُ وُلَيْدَاتٌ ووُلَيْدُونَ ، لأَنهم قالوا : إِن التصغيرَ والتَّكْسِيرَ يَرُدَّانِ الأَشياءَ إِلى أُصولِها ، لا لُدَيَّاتٌ ولُدَيُّونَ ، نظراً إِلى ظاهِرِ اللفْظِ كما غَلِطَ فيه بعضُ العَربِ. وهذا الذي غلَّطه هو الذي مَشى عليه الجوهريُّ وأَكثرُ أَئمَّةِ الصَّرْف ، وقالوا : مُرَاعَاةُ الأَصلِ ورَدُّه إِليه يُخْرِجه عن مَعْنَاه المُراد ، لأَن لِدَة إِذا صُغّر وُلَيْد يَبْقَى لا فَرْقَ بينه وبين تصغير وَلَدٍ ، كما لا يَخْفَي ، ووَجَّه سَعْدِي (٣) جلْبِي في حاشِيتِه أَنه شاذٌّ مُخَالِف للقِيَاسِ ، ومثلُه لا يُعَدُّ غَلَطاً ، وسيأْتي البحث في آخر الكتاب إِن شاءَ الله تعالى.
واللَّدَة : وَقْتُ الوِلَادَةِ ، كالمَوْلِد والمِيلادِ ، أَما المَوْلد والمِيلاد فقد ذَكرَهما غيرُ واحدٍ من أَئمّةِ اللُّغَة ، وأَما اللِّدَة بمعناهما لا يَكَاد يُوجَد في الدواوينِ ، ولا نَقَلَه أَحَدٌ غيرُ المُصَنّف فينبغِي التَّحَرِّي والمُرَاجَعَة حَتَّى يَظْهَرَ مِن أَيْنَ مَأْخَذُه. ففي اللسانِ والمُحْكَم والتهذيبِ والأَساس : مَوْلِدُ الرَّجُلِ : وَقْتُ وِلَادَتِه. ومَوْلِده : المَوْضِع الذي وُلِدَ فيه ، ومِيلادُ الرَّجُل : اسمُ الوَقْتِ الذي وُلِدَ فيه ، ومثله في الصحاح. وفي المِصْباح : المَوْلِد : المَوْضِع والوَقْتُ ، والمِيلادُ الوَقْتُ لا غَيْرُ.
والمُوَلَّدَةُ : الجارية المَولُودةُ بين العرب ، كالوَلِيدة ، ومثله في المحكم ، وقال غيرُه : عَرَبِيَّةٌ مُوَلَّدَة ، ورجُلٌ مُوَلَّد ، إِذا كان عَرَبِياًّ غيرَ مَحْضٍ ، وقال ابنُ شُمَيل : المُوَلَّدَة : التي وُلِدَتْ بأَرْضٍ وليس بها إِلَّا أَبُوها أَو أُمُّها. والتَّلِيدَةُ : التي أَبوهَا وأَهْلُ بَيْتِها وجَمِيعُ مَن هو بِسَبِيل منها بِأَرْضٍ وهي بأَرْضٍ أُخْرَى. قال : والقِنُّ مِن العَبيد التَّلِيدُ : الذي وُلِدَ عندَك. وجارِيَةٌ مُوَلَّدَةٌ : تُولَد بين العَرَبِ وتَنْشَأُ مع أَولادِهم ويَغْذُونَها غِذَاءَ الوَلَدِ ويُعَلِّمونَها مِن الأَدَب مثْل ما يُعَلِّمون أَوْلادَهم ، وكذلك المُوَلَّد من العَبِيدِ. والوَلِيدة : المَوْلُودَة بين العَرَبِ ، ومثلُه في الأَساس.
__________________
(١) الأصل والنهاية ، وفي اللسان : «هذا».
(٢) كذا بالأصل والصحاح واللسان ، ولعل الصواب ، كما نراه ، لدتان مثنى لدة.
(٣) على هامش القاموس عن الشارح : سعد بن جلبي.