وله عِنْدَه وَطِيدَةٌ ، أَي مَنْزِلَةٌ ثابِتَةٌ ، عن يعقوب.
ومن المَجازِ يقال : وَطَّدَ اللهُ للسُّلطانِ مُلْكَه وأَطَّدَهُ (١) ، إِذا ثَبَّتَه.
وعِزٌّ مُوَطَّدٌ ومَوطُودٌ ووَاطِدٌ : ثابِتٌ.
ووطَائدُ المَسْجِد : أَساطِينُه. وفُلانٌ مِن وَطَائِدِ الإِسْلام.
كما في الأَساس.
[وعد] : وعَدَه الأَمْرَ ، مُتَعدِّياً بنفسه ، ووعَدَه بِهِ.
مُتَعدِّياً بالباءِ وهو رأْيُ كَثيرٍ ، وقيل : الباءُ زائدةٌ ومَنَع جَماعَةٌ دُخُولَها مع الثلاثيِّ ، قالوا : وإِنما تكون مع الرُّباعيّ ، يَعِدُ عِدَةً ، بالكسر ، وهو القياس في كُلِّ مِثَالٍ ، ورُبَّمَا فُتِح كسَعَةٍ ، ووَعْداً ، وهو من المصادر المَجْموعة ، قالوا الوُعُودُ ، حكاها ابنُ جِنِّي ، وقوله تعالى : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢) أَي إِنجاز هذا الوَعْد ، أَرُونَا ذلك. وفي التهذيب : الوَعْدُ والعِدَةُ يَكُونَانِ مَصْدَراً واسْماً ، فأَمَّا العِدَةُ فتُجْمَع عِدَات ، والوَعْد لا يُجْمَع ، وقال الفراءُ وَعَدْتُ عِدَةً ، ويَحذِفون الهاءَ إِذا أَضَافُوا ، وأَنشد :
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فَانْجَرَدُوا |
|
وأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمْرِ الذِي وَعَدُوا |
وقال ابن الأَنبارِيّ وغيرُه : الفَرَّاءُ يقول : عِدَةٌ وعِدًى ، قال : ويُكْتَب بالياءِ. وفي الصّحاح والعِدَةُ : الوَعْدُ ، والهاءُ ، عِوَضٌ من الواو ، ويُجْمَع على عِدَاتٍ ، ولا يُجْمَع الوَعْد ، والنِّسْبَةُ إِلى عِدَةٍ عِدِيٌّ ، وإِلى زِنَةٍ زِنِيٌّ ، فلا تَرُدُّ الواوَ كما تَرُدُّهَا في شِيَةٍ. والفراءُ يقول : عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌ كما يقال شِيَوِيٌّ. قلت : وقوله : ولا يُجْمَع ، أَي لكَوْنِه مَصدَراً ، والمصادِرُ لا تُجْمَع إِلَّا ما شَذَّ ، كالأَشْغَالِ والحُلُومِ ، كما قاله سيبويهِ وغيرُه ، ومَوْعِداً ومَوْعِدَةً ، قال شيخُنَا : هو أَيضاً مِن المَقِيس في باب المِثَالِ ، فيقال فيه مَفْعِلَة بفتح الميم وكسر العين ، وما جَاءَ بالفَتْح فهو علِى خِلافِ القِياسِ كمَوْحَد ، وما مَعَه من الأَلفاظ التي جاءَ بها الجوهريُّ وذكَرَها ابنُ مالِكٍ وغيرُه من أَئمَّةِ الصرْفِ ، وهنا للجوهريِّ مباحثُ وقواعِدُ صَرْفِيَّة أَغفلَها المُصنِّفُ لعدَمِ إِلْمامه بذلك الفَنِّ.
قلْتُ : وسَنَسُوقُ عِبَارَةَ الجَوْهَرِيِّ وسَببَ عُدولِ المُصَنِّف عنها قريباً. وفي لسان العرب : ويَكُون المَوْعِدُ مصدرَ وَعَدْتُه ، ويكون المَوْعِد وَقْتاً لِلْعِدَةِ ، والمَوْعِدَةُ أَيضاً اسمٌ لِلْعِدَةِ. والمِيعادُ لا يكون إِلَّا وَقْتاً أَو مَوْضِعاً ، والوَعْدُ مصدَرٌ حَقيقيٌّ ، والعِدَةُ اسمٌ يُوضَع مَوضِعَ المَصْدَر ، وكذلك المَوْعِدَةُ ، قال الله عزّ وجَلّ : (إِلّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ) (٣) وفي الصّحاح : وكذلك المَوْعِدُ ، لأَن ما كَانَ فاءُ الفِعْل منه وَاواً أَو ياءً ثم سَقَطَتَا في المُسْتَقْبَل نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ (٤) فإِن المَفْعِلُ منه مَكْسُورٌ في الاسمِ والمَصدرِ جميعاً ، ولا تُبَالِ أَمنصوباً كانَ يَفْعل منه أَو مَكْسوراً بَعْدَ أَن تكون الواوُ منه ذاهِبةً ، إِلَّا أَحرُفاً جاءَتْ نَوَادِرَ ، قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ ، وفلانٌ ابن مَوْرَقٍ ، ومَوْكَلٌ اسمُ رجُلٍ أَو مَوْضِعٍ ، ومَوْهَبٌ اسمُ رجُلٍ وَمَوْزَنٌ مَوْضِع ، هذا سَمَاعٌ ، والقِيَاس فيه الكَسْرُ ، فإِن كانت الواوُ مِنْ يَفْعَلُ منه (٥) ثابِتَةً ، نحو يَوْجَل ويَوْجَعُ ويَوْسَنُ ففيه الوَجْهَان ، فان أَردَت به المَكَانَ والاسمَ كَسَرْتَه وإِن أَردت به المَصْدَرَ نَصَبْتَه ، فقُلت مَوْجِلٌ ومَوْجَلٌ فإِن كان مع ذلك مُعْتَلَّ الآخِر فالمَفْعَل منه منصوبٌ ، ذهَبَت الواوُ في يَفعل أَو ثَبَتَتْ ، كقولِك : المَوْلَى والمَوْفَى والمَوْعَى ، من يَلِي ويَفِي ويَعِي ، قال الإِمام أَبو مُحَمَّد ابن بَرِّيٍّ : قوله في استثنائه : إِلّا أَحْرُفاً جاءَتَ نَوَادِرَ ، قالوا : دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ. قال : مَوْحَد ليس من هذا الباب ، وإِنما هو مَعْدُولٌ عن واحِدٍ ، فيمتَنِع من الصَّرْف للعَدْلِ والصِّفَةِ كأُحَادَ ، ومثلُه ، مَثْنَى وثُنَاءَ ومَثْلَث وثُلَاث ومَرْبَع ورُبَاع ، قال : وقال سيبويهِ : مَوْحَد فتَحوه لأَنّه ليس بمصْدَرٍ ولا مكانٍ ، وإِنما هو مَعدولٌ عن واحِدٍ ، كما أَنّ عُمَرَ معدُولٌ عن عامِرٍ ، انتهى. قلت : ولمَّا كان الأَمْرُ فيه ما ذَكَرَه ابنُ بَرِّيٍّ ، وأَن بَعْضَ ما استثْنَاهُ مُنَاقَشٌ فيه ومَرْدُودٌ عليه لم يَلْتَفِتْ إِليه المُصنِّف ، وزَعَم شيخُنَا سامحه اللهُ تعالى أَنه لِجَهْلِه بالقَواعِد الصَّرْفِيَّة ، وهو تَحَامُلٌ منه عَجِيبٌ ، وَمَوْعُوداً ومَوْعُودَةً ، قال ابنُ سِيدَه : هو من المصادر التي جاءَت على مَفْعُولٍ ومَفْعولَةٍ كالمَحْلُوف والمَرْجُوعِ والمَصْدُوقَة والمَكْذُوبَةِ ، قال ابنُ جِنِّي : ومما جاءَ مِن المصادِر مجْمُوعاً مُعْمَلاً قولُهم :
__________________
(١) عن اللسان ، وبالأصل «فأطد».
(٢) سورة الأنبياء الآية ٣٨ وسورة يونس الآية ٤٨ وسورة سبأ الآية ٢٩.
(٣) سورة التوبة الآية ١١٤.
(٤) يئِلُ ماضيه وألَ.
(٥) الصحاح : فيه.