به الصاغانيُّ ، ونقَلَ فيها الفتْحَ والضَّمَّ ، وقال : لُغَتَانِ في الوِسَادَةِ ، بالكسر ، ج وُسُدٌ بضمّتين ، وبضمّ فسكون ، هكذا ضُبِط بالوَجْهَيْنِ ، ووَسائِدُ ، وزاد صاحِبُ المصباح ووِسَادَات ، وقد تَوَسَّدَ ، ووَسَّدَه إِياهُ تَوْسِيداً فتَوَسَّدَ ، إِذا جَعَلَه تَحْتَ رأْسِه ، قال أَبو ذُؤَيْبٍ الهُذَليُّ :
فَكُنْتُ ذَنُوبَ البِئْرِ لَمَّا تَوَشَّلَتْ |
|
وسُرْبِلْتُ أَكْفَانِي وَوُسِّدْتُ سَاعِدِي |
وأَوْسَدَ في السَّيْرِ : أَغَذَّ ، بالغَيْن والذال المعجمَتين ، أَي أَسْرَعَ.
وأَوْسَدَ الكَلْبَ : أَغْراهُ بالصَّيْدِ ، كآسَدَه ، وقد تقدَّم.
ووِسَادَةُ ، بالكسر : ع بطرِيقِ المَدِينَة ، على ساكِنها أَفضلُ الصلاةِ والسلام ، مِن الشَّامِ في آخرِ جِبَال حَوْرَانَ ما بَيْن يرقع وقُرَاقِر ، مات به الفقيهُ يُوسفُ بن مَكِّيّ بن يُوسُف الحارثيّ الشافعيّ أَبو الحَجَّاج إِمام جامِع دِمَشق الدّمشقيّ ، وكان سمع أَبا طالبٍ الزَّيْنَبِيّ وغَيْرَه ، وكانَتْ وفاتُه بهذا الموضِع راجِعاً مِن الحَجِّ سنة ٥٥٥ قاله ابنُ عساكِر. وذَاتُ الوَسائِد : ع بأَرْضِ نَجْدٍ في بلاد تَمِيم ، قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ :
أَلَمْ تَرَ أَنِّي بَعْدَ قَيْسٍ ومَالِكٍ |
|
وأَرْقَمَ عُيَّاطِ الذينِ أَكَابِدُ (١) |
وعَمْرواً بِوَادِي مَنْعِجٍ إِذْ أُجِنُّهُ |
|
ولَمْ أَنْسَ قَبْراً عِنْد ذَاتِ الوَسَائِدِ |
وفي الحديث : قولُه صلىاللهعليهوآلهوسلم لِعَدِيّ بن حاتِم : «إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ» ، وهُو من كِنَاياتِه البَلِيغَةِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال ابنُ الأَثير : كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ النَّوْمِ وهو مَظِنَّتُه ، لِأَنَّ مَنْ عَرُضَ وِسَادُه (٢) ووَثَرَه طابَ نَوْمُه وطَالَ ، أَراد إِن نَوْمَكَ إِذاً لَكَثِيرٌ. أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ عِرَضِ قَفَاهُ وعِظَمِ رَأْسِه ، وذلك دَلِيلُ الغَبَاوَةِ ، أَلَا تَرَى إِلى قَول طَرَفَة :
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الذِي تَعْرِفُونَه |
|
خَشَاشٌ كَرَأْس الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ |
وتَشْهَد له الرِّوايةُ الأُخْرَى «قُلْتُ يا رَسُولَ اللهِ ، ما (الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) ؛ أَهما الخَيْطانِ؟ قال : إِنك لَعَرِيضُ القَفَا إِن أَبْصَرْتَ الخَيْطَيْنِ». وقيل : أَراد أَن من تَوَسَّدَ الخَيْطينِ المَكْنِيّ بهما عن الليلِ والنهارِ لَعرِيضُ الوِسَادِ. وكذلك قولُه صلىاللهعليهوآلهوسلم : في شُرَيْح الحَضْرَمِيِّ في خَبَرٍ مُرْسَل «ذُكرَ عند النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ذَاكَ رَجُلٌ لا يَتَوَسَّدُ القُرْآنَ» قال ابنُ الأَعْرَابيّ يَحْتَمِلُ كَوْنَه مَدْحاً ، أَي لا يَمْتَهِنُه ولا يَطْرَحُه ، بل يُجِلّهُ ويُعَظِّمُه ، أَي لا يَنَامُ عنه ولكن (٣) يَتَهَجَّد به ، ولا يكون (٣) القُرآنُ مُتَوسَّداً معه ، بل هو يُدَاوِمُ قِرَاءَتَه ويُحَافِظ عليها ، لا كَمَنَ يَتَهَاوَنُ به ويُخِلّ بالوَاجِبِ مِن تِلاوَتِه. وضَرَبَ تَوسُّدَهُ مَثلاً للجمْعِ بينَ امْتِهَانِه والاطِّرَاح له ونِسْيَانِه ، ويَحتَمِل كونَه ذَمّاً ، أَي لا يُكِبُّ علَى تِلَاوَتِه ، وإِذا نامَ لم يَكُنْ مَعه من القرآن شيءٌ مثل إِكْبَاب النائمِ عَلَى وِسَادِه ، فإِن كان حَمِدَهُ فالمَعْنَى هو الأَوَّل ، وإِن كان ذَمَّه فالمَعْنى هو الآخِر ، قال أَبو منصور : وأَشْبهُهُما أَنه أَثْنَى عليه وحَمِدَه ، وقد رُوِيَ في حديث آخَر : «مَنْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَات (٤) من القُرآنِ لم يَكُنْ (٥) مُتَوَسِّداً لِلْقُرْآنِ».
ومِنْ الأَوَّلِ قولُه صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديثٍ آخَر «لَا تَوَسَّدُوا القُرْآنَ واتْلُوه حَقَّ تِلَاوَتِه ولَا تَسْتَعْجِلُوا ثَوَابَهُ ، فإِنَّ لَهُ ثَوَاباً».
ومن الثاني ما يُرْوَى أَنَّ رَجُلاً قال لأَبي الدَّرْدَاءِ رضي اللهُ عنه : إِنّي أُرِيد أَن أَطْلُبَ العِلْمَ فأَخْشَى ، وفي بعض النسخ ، بالواو (٦) ، أَنْ أُضَيِّعَه. فقال : لأَنْ تَتَوَسَّدَ العِلْمَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَوسَّدَ الجَهْلَ يقال : تَوَسَّدَ فُلانٌ ذِرَاعَه ، إِذا نَامَ عليه وجَعلَه كالوِسَادَة له ، وقال الليث : يقال : وَسَّدَ فُلانٌ فُلاناً وِسَادَةً ، وتَوَسَّدَ وِسَادَةً ، إِذا وَضَعَ رَأْسَه عليها ، وقد أَطالَ شُرَّاحُ البخاريّ في شَرْحِ الحَديثينِ ، ولَخَّصَه ابنُ الأَثير في النِّهَاية ، قال شيخُنَا : وما كان من الأَلفاظ والتَّراكِيب مُحْتَمِلاً كهذا التركيبِ يُسَمَّى مثلُه عند أَهل البديع الإِيهامَ والتَّوْرِيَةَ والمُوَارَبَةَ ، أَي المُخَاتَلَةَ كما في مُصَنَّفَاتِ البديع.
__________________
(١) في معجم البلدان :
وأرقم غيّاظ الذين أكايد
(٢) هذا ضبط القاموس ، وضبطت العبارة في التكملة : لأن من عرّض وسادَه ووثَّره .. وفي اللسان (وثر) : وثَر الشيء وثراً ووثَّره : وطَّأه.
(٣) في النهاية : «ولم يتهجد ... فيكون القرآن» والشارح خلط في نقله بين عبارتي النهاية والتكملة.
(٤) في النهاية واللسان والتكملة زيد : «في ليلة» وسقطت فيها : «من القرآن».
(٥) في التكملة : لم يَبِتْ.
(٦) وهي عبارة النهاية واللسان ، وبالفاء عبارة التكملة.