بالفَرْقِ بَيْنَهما وقال : الفَرْقُ مثلُ الصُّبْحِ ظاهِرٌ ، فإِن الشجاعة جَرَاءَةٌ وإِقدَامٌ يَخوض به المَهَالِكَ ، والنَّجْدَة : ثَبَاتُه على ذلك مُطْمَئِنًّا من غير خَوْفِ أَنْ يَقَع على مَوْتٍ أَو يَقَع المَوْتُ عليه حتى يُقْضَى له بِإِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ : الظَّفْرِ أَو الشَّهادَةِ فيَحْيَا سَعِيداً أَو يَموت شَهِيداً ، فتلكَ مُقَدِّمة وهذه نَتِيجَتُها. ثم قال شيخُنَا : ويبقى النَّظَرُ في تفسِيرِهَا بالقِتَال ، وهل هو مُرَادِفٌ للشَّجَاعةِ ولها ، فتأَمل. وفي بعض الكتب اللغوية : النِّجْدَة ، بالكسر : البلاءُ في الحُرُوبِ ، ونقله الشِّهاب في العِناية أَثناءَ النَّمْلِ ، تقول منه : نَجُدَ الرجُلُ بالضمّ فهو نَجِدٌ ونَجُدٌ (١) ونَجِيدٌ ، وجمْع نَجُدٍ أَنْجَاد مثل يَقُظٍ وأَيْقَاظ ، وجمع نَجِيد نُجُدٌ ونُجَدَاءُ.
والنَّجْدَة : الشِّدَّةُ والثِّقَلُ ، لا يُعْنَى بهِ شِدَّة النَّفْسِ ، إِنما يَعنى به شِدَّة الأَمْرِ عليه ، قال طَرَفَةُ :
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً
ويقال رَجُلٌ ذو نَجْدَةٍ ، أَي ذو بَأْسٍ ، ولاقى فُلَانٌ نَجْدَةً ، أَي شِدَّة. وفي حديثِ عَلِيٍّ رضياللهعنه : «أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ فأَنْجَادٌ أَمْجَادٌ» أَي أَشِدَّاءُ شُجْعَانٌ ، وقيل أَنْجَادٌ جَمْعُ الجَمْعِ ، كأَنَّه جَمعَ نَجُداً على نِجَادٍ أَو نُجُودٍ ثم نُجُدٍ ثم أَنْجَادٍ. قاله أَبو موسى. وقال ابن الأَثير : ولا حاجةَ إِلى ذلك ، لأَنّ أَفْعَالاً في فَعُلٍ وفَعِلٍ مُطَّرِدٌ نحو عَضُدٍ وأَعْضَاد وكَتِفٍ وأَكْتَافٍ ، ومنهحديثُ خَيْفَان «وأَمَّا هذا الحَيُّ من هَمْدَانَ فأَنْجَادٌ بُسْلٌ» ، وفي حديث عَلِيٍّ «مَحَاسِنُ الأُمور التي تَفَاضَلَ فيها المُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ» ، جمع مَجِيدٍ ، ونَجِيدٍ ، والمَجِيدُ : الشَّرِيفُ. والنَّجِيد : الشُّجَاع. فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ.
والنَّجْدَةُ : الهَوْلُ والفَزَعُ ، وقد نَجُدَ.
والنَّجِيدُ : الأَسَدُ ، لشجاعته وَجَرَاءَتِه ، فَعِيل بمعنى فاعلٍ.
والمَنْجُود : الهالِكُ والمَغْلُوب ، وأَنشدوا قولَ أَبي زُبَيْدٍ المتقدِّم.
والنِّجَاد ، ككِتَابٍ : ما وَقَعَ على العاتِق مِن حَمَائِل السَّيْفِ ، وفي الصّحاح : حَمَائِلُ السَّيْفِ ، ولم يُخَصِّصْ ، وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ : «زَوْجِي طَوِيلُ النِّجادِ» تُريد طُول قَامَتِه ، فإِنها إِذا طَالَتْ طالَ نِجَادُه ، وهو من أَحسن الكنايات.
والنَّجَّادُ ككَتَّانِ : مَنْ يُعَالِج الفُرُشَ والوَسائدَ ويَخيطُهما ، وعبارَة الصّحاح : والوِسَاد (٢) ويَخِيطُهما ، وقال أَبو الهيثم : النَّجَّاد : الذي يُنَجِّد البُيُوتَ والفُرُشَ والبُسُطَ ، ومثلُه في شَرْحِ ابنِ أَبي الحَدِيد في نَهْجِ البَلاغة.
وقال الأَصمعيُّ : النَّاجُودُ : أَوَّلُ ما يَخْرُجُ من الخَمْر إِذا بُزِلَ عَنْها الدَّنُّ ، واحتَجَّ بقول الأَخْطَل :
كَأَنَّمَا المِسْكُ نُهْبَى بَيْنَ أَرْحُلِنَا |
|
مِمَّا تَضَوَّعَ مِنْ نَاجُودِهَا الجَارِي |
وقيل : الخَمْرُ الجَيِّد ، وهو مُذَكَّر. والنَّاجُود أَيضاً : إِنَاؤُهَا وهي البَاطِيَةُ ، وقيل : كُلُّ إِناءٍ يُجْعَل فيه الخَمْرُ من بَاطِيَة (٣) أَو جَفْنَة أَو غيرِها ، وقيل : هي الكَأْسُ بِعَيْنِهَا ، وعن أَبي عُبَيْد : النَّاجُود : كُلُّ إِناءٍ يُجْعَل فيه الشَّرابُ مِن جَفْنَةٍ أَو غيرِهَا ، وعن الليثِ : النَّاجُود : هو الرَّاوُوقُ نَفْسُه ، وفي حديث الشَّعْبِيِّ : «وبَيْنَ أَيْدِيهِم نَاجُودُ خَمْرٍ» ، أَيْ رَاوُوقٌ ، واحْتَجَّ على الأَصمعيِّ بقولِ عَلْقَمَةَ :
ظَلَّتْ تَرَقْرَقُ في النَّاجُودِ يُصْفِقُهَا |
|
وَلِيدُ أَعْجَمَ بِالكَتَّانِ مَلْثُومُ |
يُصْفِقُها : يُحَوِّلُها من إِنَاءٍ إِلى إِناءٍ لتَصْفُوَ. قلت : والقولُ الأَخير هو الأَكثر ، وفي بعض النُّسخ : أَو إِناؤُهَا ، بلفظ «أَو» الدالَّة على تَنَوُّعِ الخِلافِ ، وعن الأَصمعيّ : النَّاجُودُ : الزَّعْفَرَانُ ، والنَّاجُود الدَّمُ.
والمِنْجَدَةُ كمِكْنَسَةٍ (٤) : عَصاً خَفِيفَةٌ تُساق وتُحَثُّ بها الدَّابَّةُ عَلَى السَّيْرِ ، واسم عُود يُنْفَش به الصُّوفّ ويُحْشَى به حَقِيبَةُ الرَّحْلِ وبكُلٍّ منهما فُسِّرَ الحديث «أَذِنَ النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في قَطْعِ المَسَدِ والقائمتَيْنِ والمِنْجَدَةِ يعني مِن شَجَرِ الحَرَمِ لما فيها من الرِّفْق ولا تَضُرُّ بأُصولِ الشَّجر. والمِنْجَدُ ، كمِنْبَرٍ :
__________________
(١) قوله نَجِد ونَجُد أي ككتف ورجل.
(٢) الصحاح : والوسادة.
(٣) قوله : باطية ، في اللسان مادة بطا : الباطية هي إناء قيل هو معّرب وهو الناجود. ونقل عن التهذيب : الباطية من الزجاج عظيمة تملأ من الشراب وتوضع بين الشرب يغرفون منها ويشربون.
(٤) ضبطت في التكملة : «المُنْجِدَة» ضبط قلم.