عُمَر رَحمه اللهُ يَخْطُب في جَرَادَةٍ (١) نَهاراً طَوِيلاً ، فكيْفَ يُظَنُّ أَنه يَتَعَايَا بِخُطْبَةِ النِّكاح؟ ولكنه كَرِه الكَذِبَ. وعن أَبي زيد : تَكَأّدْتُ الذَّهَابَ إِلى فُلان تَكَوُّداً ، إِذا ما ذَهَبْتَ إِليه على مَشَقَّةِ ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
ويَوْمُ عَمَاسِ (٢) تَكَأّدْتُه |
|
طَويلَ النَّهَارِ قَصيرَ الغَد |
وعَقَبَةٌ كَؤُودٌ وكَأْدَاءُ شَاقَّةُ المَصْعَد صَعْبَة المُرْتَقَى ، قال رُؤْبَةُ :
وَلَمْ تَكَأَدْ رُجْلَتِي (٣) كَأْدَاؤُهُ |
|
هَوْلٌ ولا لَيْلٌ دَجَتْ أَدْجَاؤُهُ |
هَيْهَاتَ مِنْ جَوْزِ الفَلَاةِ مَاؤُهُ
وفي حَديث أَبي الدَّرْدَاءِ «أَنَّ بَيْنَ أَيْدينَا عَقَبَةً كَؤُوداً لَا يَجُوزُهَا إِلَّا الرَّجلُ المُخِفُّ» ، ويقال : هي الكُؤَدَاءُ ، وهي الصُّعَدَاءُ ، والكَؤُودُ : المُرْتَقَى الصَّعْبُ ، وهو الصَّعُودُ.
واكْوَأَدَّ الشَّيْخُ : أُرْعِدَ (٤) كِبَراً وضَعْفاً ، كاكْوَهَدَّ ، واكْمَهَدَّ.
والمُكْوَئِدُّ : الشيْخُ المُرْتَعِشُ مِنَ الكِبَرِ ، وكذلك الفَرْخُ ، وسيأْتي.
[كبد] : الكَبْدُ (٥) بالفتح مع السكون مُخَفّف من الكَبِد كالفَخْذِ والفَخِذ. والكسر مع السكون ، وهو أَيضاً مُخَفَّف من الذي بَعْدَه ، كالكِذْبِ والكَذِب ، واللُّغَة المستعملة المشهورةُ الكَبِدُ ، كَكَتف ، وبه صَدَّرَ الجوهَريُّ والفَيُّوميُّ وسائرُ أَئمَّةِ اللُّغَةِ. بل أَغْفَلَا اللُّغَةَ الأُولَى ، وإِنما ذكَرَه صاحبُ اللِّسَانِ ، فكان ينبغِي للمصنّف أَن يُقَدِّم اللُّغَةَ الفُصْحَى المَشْهُورةَ على غَيْرِهَا ، م أَي مَعْرُوفَة ، وهي من السَّحْرِ في الجانب الأَيْمَن لَحْمَةٌ سَودَاءُ ، أُنْثَى وقد تُذَكَّر* ، قال ذلك الفرّاءُ وغيرُهُ. قال ابنُ سِيده : وقال اللِّحْيَانيُّ : هي مُؤَنَّثَةٌ فقط. ج أَكبَادٌ ، وكُبُودٌ قَلِيلاً ، تقول : هو يأْكُلُ كُبُودَ الدَّجَاج وأَكْبَادَهَا.
وكَبَدَهَ يَكْبِدُه ، من حَدِّ ضَرَبَ ، وكَبَدَه يَكْبُدُهُ ، من حَدِّ نَصَرَ : ضَرَبَ ، وفي الأَفعال لابن القطّاع : أَصابَ كَبِدَه.
وقال أَبو زيد : كَبَدْتُه أَكْبِدُهُ ، وكَلَيْتُه أَكْليه ، إِذا أَصَبْتَ كَبِدَه وكُلْيَتَه.
وكَبَدَه يَكْبِدُهُ كَبْداً : قَصَدَه ، كَتَكَبَّدَه.
وكَبَدَ البَرْدُ القَوْمَ : شَقَّ عليهم وَضيَّقَ ، وفي حديث بِلالٍ : «أَذَّنْتُ في ليلةٍ باردةٍ فلمْ يَأْتِ أَحَدٌ ، فقال رسولُ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مَالَهمْ يا بِلَالُ؟ قلت : كَبَدَهم البَرْدُ» أَي شَقَّ عليهم وضَيَّقَ ، من الكَبَدِ وهي الشّدَّة والضِّيقُ ، أَو أَصابَ أَكْبَادَهم ، وذلك أَشَّدُ مَا يَكُون مِن البَرْدِ ، لأَن الكَبِدَ مَعْدِنُ الحَرَارَةِ والدَّمِ ، ولا يَخْلُص إِليها إِلَّا أَشَدُّ البَرْدِ. قلت : وتَمَام الحَدِيث في البصائر : «فَلَقَدْ رَأَيْتُهم يَتَرَوَّحُون في الضُّحَى» يريد أَنه دَعَا لَهُم حَتَّى احْتَاجُوا إِلى التَّرَوُّحِ (٦).
والكُبَاد ، كغُرَابٍ : وَجَعُ الكَبِدِ أَو داءٌ ، قال كُرَاع : ولا يُعْرَف دَاءٌ اشْتُقَ من اسْمِ العُضْوِ إِلّا الكُبَادُ من الكَبِدِ والنُّكَافُ (٧) مِن النَّكَفِ والقُلَابُ مِنَ القَلْبِ. وفي الحديث «الكُبَادُ مِنَ العَبِّ» وهو شُرْبُ الماءِ من غير مَصٍّ.
وكَبِدَ ، كَفَرِحَ ، كَبَداً : أَلِمَ من وَجَعِها.
وكُبِدَ ، كعُنِيَ ، كُبَاداً : شَكَاهَا أَي كَبِدَه فهو مَكْبُودٌ.
وربّمَا سُمِّيَ الجَوْفُ بِكَمَالِه (٨) كَبِداً ، حكاه ابن سِيده عن كُراع أَنه ذَكرَه في المُنَجَّد ، وأَنشد :
إِذَا شَاءَ مِنْهُمْ نَاشِيءٌ مَدَّ كَفَّهُ |
|
إِلىَ كَبِدٍ مَلْسَاءَ أَوْ كَفَلٍ نَهْدِ |
__________________
فيما ظن بعض الفقهاء أن الخاطب يحتاج إلى أن يمدح المخطوب له بما ليس فيه ، فكره عمر الكذب لذلك».
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله ، في جرادة كذا بالنسخ كاللسان وحرره لئلا يكون مصحفاً عن جراءة» قلت : وفي اللسان نسخة دار المعارف جراءة.
(٢) كذا ضبطت في اللسان بفتح العين وبهامشه قال مصححه : قوله عماس ضبط في الأصل بفتح العين ، وفي القاموس : العماس كسحاب الحرب الشديدة. ولياقوت في معجمه : عماس بكسر العين ، اليوم الثالث من أيام القادسية ، ولعله الأنسب.
(٣) في التهذيب : رحلتي.
(٤) في اللسان : أرعش من الكبر.
(٥) في القاموس : «الكَبِدُ» وما أثبتّه «الكَبْدُ» عن الصحاح.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قال ابن الأثير : أي احتاجوا إلى التروح من الحر بالمروحة أو يكون من الرواح : العود إلى بيوتهم ، أو من طلب الراحة».
(٧) وهو داء يأخذ في النكفتين ، وهما الغدتان اللتان تكتنفان الحلقوم في أصل اللحي.
(٨) في القاموس : «والكبد ككتفٍ الجَوفُ بكماله».
(٩) (*) في القاموس : يُذَكّرُ.