في عُنُقِ البَعِيرِ علَى صُورَة القَيْدِ ، كذا في الصّحاح وأَنشد الأَحمرُ :
كُومٌ عَلَى أَعْنَاقِهَا قَيْدُ الفَرَسْ |
|
تَنْجُو إِذَا اللَّيْلُ تَدَانَى وَالْتَبَسْ |
وفي الحديث «أَنه أَمر أَوْسَ بنَ عبد الله الأَسْلَمِيَّ أَن يَسِمَ إِبلَه في أَعْنَاقهَا قَيْدَ الفَرس» ، وصُورَتُها حَلْقَتَانِ بينهما مَدَّةٌ ، كذا في النهاية ، وقال ابنُ سيده : والقَيْدُ : من سِمَاتِ الإِبلِ وَسْمٌ مُستطيلٌ مِثلُ القَيْد في عُنُقِه ووَجْهِه وفَخذِه ، عن ابن حَبِيب من تَذكرة أَبِي عَلِيٍّ.
ومن المَجاز : يُقال للفَرَسِ : قَيْدُ الأَوَابِدِ ، أَي لأَنَّه يَلْحَق الوُحوشَ بِسُرْعَتِه (١) ، والأَوَابِدُ : الحُمُرُ الوَحْشِيَّة ، قال سيبويهِ : هو نَكِرَة وإِن كان بِلَفْظِ المَعْرِفة ، وأَنشد قَوْلَ امرِئ القَيْسِ :
وقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِهَا |
|
بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ (٢) |
وأَنشد له أَيضاً :
بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ لَاحَهُ |
|
طِرَادُ الهَوَادِي كلَّ شأْو مُغَرِّبِ |
قال ابنُ جنّي : أَصلُه تَقْيِيدُ الأَوَابدِ ثم حذف زِيَادَتَيه ، فجاءَ على الفِعْلِ ، وإِن شئت قُلْتَ وَصْفٌ بالجَوْهر لما فيه من معنى الفِعْل نحو قوله :
فَلَوْلَا اللهُ والمُهْرُ المُفدَّى |
|
لَرُحْتَ وأَنْتَ غِرْبَالُ الإِهَابِ |
وضَعَ «غِرْبَال» مَوْضِع المُخَرَّق. وفي التهذيب : يقال للفَرسِ الجَوَاد الذي يَلْحَق الطرائدَ من الوَحش : قَيْدُ الأَوَابِدِ ، معناه أَنه يَلْحَقُ الوَحْشَ لِجَوْدَته (٣) ، ويَمْنَعُه (٤) مِن الفَوَاتِ بسُرْعَتِه ، فكأَنَّها مُقَيَّدة له لَا تَعْدُو (٤).
والقَيْد : المِقْدَارُ ، كالقَادِ والقِيدِ بالكسر. وقِيدَ قَيْداً بالكسر ، مبنيًّا للمجهول قُيِّدَ تَقييداً ، وقد قَيَّدَه ، وقَيَّدْت الدَّابَّةَ.
ويقال : فَرَسٌ عَبْلُ المُقَيَّدِ طَوِيل المُقَلَّد ، المُقَيَّد ، كمُعَظَّم : مَوْضِع القَيْدِ مِن رِجْلِ الفَرَسِ ، والمُقَيَّدُ : مَوْضعُ الخَلْخَالِ مِن المرأَةِ. والمُقَيَّدُ : ما قُيِّدَ مِن بعيرٍ ونَحْوِه ، ج مَقَايِيدُ ، وهؤلاءِ أَجْمَالٌ مَقَايِيدُ ، أَي مُقَيَّدَاتٌ. قال ابنُ سِيدَه إِبِلٌ مَقايِيدُ : مُقَيَّدَةٌ. حكاه يعقوب وليس بشيْءٍ ، لأَنّه إِذا ثَبَتَتْ مُقَيَّدَةٌ فقَد ثَبَتَتْ مَقَايِيدُ. وفي حديث قَيْلَةَ «الدَّهْنَاءُ مُقَيَّدُ الجَمَلِ» أَي أَنَّهَا مُخْصبَةٌ مُمْرِعَةٌ ، والجَمَلُ لا يَتَعَدَّى مَرْتَعَه ، والمُقَيَّد هنا المَوْضعُ الذي يُقَيَّدُ فيه الجَمَلُ ويُخَلّى ، أَي أَنه مَكانٌ يَكون الجَمَلُ فيه ذا قَيْدِ.
والقَيِّدُ ، ككَيِّسِ : مَنْ سَاهَلَكَ إِذا قُدْتَه ، قال :
وشَاعرِ قَوْمٍ قَدْ حَسَمْتُ خصَاءَهُ |
|
وكَانَ لَهُ قَبْلَ الخِصَاءِ كَتِيتُ |
أَشَمَّ خَبُوطٍ بَالفَرَاسنِ مُصْعَبٍ |
|
فَأَصْبَحَ منِّي قَيِّداً تَرَبُوتُ |
والقِيَادُ ككِتَابٍ : حَبْلٌ يُقادُ به الدابَّةُ ، وقد تقدَّمَ.
والتَّقْيِيدُ : التَّأْخِيذُ ، وهو مَجَازٌ ، وقالت امرأَةٌ لعائشةَ رضياللهعنها : «أَأُقَيِّدُ جَمَلِيّ؟» أَرادت بذلك تَأْخِيذَها إِيَّاهُ من النساءِ سِوَاهَا. فقالت لها عائشةُ بعد ما فَهِمَتْ مُرَادَها : وَجْهِي من وَجْهِك حَرامٌ.
كذا في التكملة. قال ابنُ الأَثير : أَرادَتْ أَنها تَعْمَل لِزَوْجِهَا شيئاً يَمْنَعُهُ عن غيرِهَا من النساءِ ، فكأَنَّهَا تَرْبِطُه وتُقَيِّدُه من إِتيانِ غَيْرِهَا.
وعن ابن بُزُرْج : تُقَيِّدُ : كمُضَارِعِ قَيَّدْتَ : أَرْضٌ حَمِيضَةٌ سُمِّيتْ لأَنَّها تُقَيِّد ما كان بها من (٥) الإِبل ، تَرْتَعِيهَا لِكَثْرَةِ حَمْضِهَا وخُلَّتِهَا.
ومن المجاز تَقْيِيدُ الكتَابِ : شكْلُه ، وتَقْيِيدُ العِلْمِ بالكتابِ ضَبْطُه ، وكِتابٌ مُقَيَّدٌ : مَشْكُولٌ ، وما على هذا الحَرْفِ قَيْدٌ : شَكْلَةٌ.
ومُقَيَّدَةُ الخِمَارِ : الحُرَّةُ : هكذا في سائر النسخ بكسر الخاءِ المعجمة ، والمعنى أَنّ الخِمَار قَيْدٌ لها ، والذي في
__________________
(١) التهذيب : بجودته.
(٢) الوكنات جمع وكنة لوكر الطائر ، والمنجرد : القصير الشعر. والهيكل : العظيم الخلق.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب «بجودته».
(٤) العبارة في اللسان نقلاً عن التهذيب ، وما في التهذيب : «فكأنها مقيده له».
(٥) في التهذيب : «من المال يربَّع فيها ، مخصبة لكثرة خلّتها وحمضها».