وأَلْطَفُ نُجوماً ، فمن الأَربعَةِ الفَرْقَدان ، وهما المُتَقَدِّمانِ المُضيئانِ ، بينهما قَدْرُ ذِرَاعٍ ، والآخرَانِ اللَّذَانِ ورَاءَهما خَفِيَّانِ. ومن البَنَاتِ الجَدْيُ ، وهو المُضيءُ الذي في آخرِهَا ، والاثنانِ الآخرانِ خَفِيَّانِ ، وإِنَّمَا يُعْرَف الجَدْيُ بالفَرْقَدَيْنِ ، هذا هو المعروفُ عند أَئمّةِ الفَلَكِ ، والذي ذهبَ إِليه المُصَنّف أَنَّ الأَوَّل من البنات الذي هُوَ آخِرُهَا قائِدٌ ، والثَّاني عَنَاقٌ ، فإِنما هو في بناتِ نَعْشٍ الكُبْرَى ، وهي في جانبٍ من الصُّغْرَى ، وعدَدُ نُجومها سَبْعَةٌ مُضيئةٌ ، أَربعةٌ منها النعْشُ ، وثلاثَةٌ البَناتُ. وهي التي ذكرت آنِفاً ، ثم قال ، وإِلى جَانِبِه قائدٌ صَغيرٌ ، وثانِيه عَنَاقٌ ، بالفتح ، وإِلى جَانِبه الصَّيْدَقُ وهو كوكبٌ خَفِيٌّ في وَسط البناتِ وهو السُّهَى ويقال له نَعْشٌ أَيضاً والثالثُ الحَوَرُ وهو يلي النَّعْشَ ، ويقال : القوائد من الشاميّة عن يسار النَّسْرِ الواقعِ فيما بينه وبين بَناتِ نَعْشٍ ، وهنّ أَربعةُ كواكِبَ على تَربِيعٍ مُختَلِفٍ ، وفيها تَفَاوُتٌ ، وفي الوَسَط نجم خَفِيٌّ شبيه باللَّطْخَةِ ويُسَمَّى الرُّبَعَ ، شُبِّهْنَ بأَيْنُقٍ مع رُبَعٍ.
والقَيَادِيدُ : الطِّوَالُ من الأُتُنِ وغيرِها ، الواحِدَةُ قَيْدُودٌ ، وفَرسٌ قَيْدُودٌ : طويلةُ العُنقِ في انْحِنَاءٍ ، قال ابنُ سِيدَه : ولا يُوصَف به المُذَكَّر ، وأَنشد لذي الرُّمَّة :
رَاحَتْ يُقَحِّمُهَا ذُو أَزْمَلٍ وَسَقَتْ |
|
لَه الفَرَائِسُ والقُبُّ القَيَادِيدُ(١) |
وهي الأُتُن ، قال شيخنا : وفي أَبنِية ابنِ القطَّاع : فَرَسٌ قَيْدُودٌ : سَهْلُ القِيَادِ ، أَصلها قَيْودُودٌ على فَيْعَلُول ، لأَنه من قَادَ يقود ، وهذا مَذهب البصريّينَ ، وأَما الكوفيّون فوزْنه عندهم فَعْلُول والياءُ مُبْدَلةٌ من الواو. قلت : وقد تقدّم شيْءٌ من هذا في قدّ ، وسيأْتي في طار إِن شاءَ الله تعالى.
والقِيدُ ، بالكسر ، والقَادُ : القَدْرُ تقول هو مِني قِيدَ رُمْحٍ وقَادَ رُمْحٍ أَي قَدْرَه ، وفي حديث الصلاةِ «حينَ مَالتِ الشمْسُ قِيدَ الشِّرَاكِ» وأَراد به الوقْتَ الذي لا يَجوز لأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمه في صَلَاةِ الظُّهْرِ ، يَعنِي فوق ظِلِّ الزَّوالِ ، فَقَدَّرَه بالشِّرَاكِ لدِقَّتِه ، وهو أَقلُّ ما تَبِينُ به زِيادَةُ الظِّلِّ حتّى يُعْرَف مِنه مَيْلُ الشمْسِ عن وَسَط السماءِ ، وفي الحديث رِواية أُخرى «حتَّى تَرْتَفِع الشمسُ قِيدَ رُمْح» وفي حديثٍ آخرٍ «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُم مِن الجَنَّةِ أَوْ قِيدُ سَوْطِه خَيْرٌ مِن الدُّنْيَا ومَا فِيها». والأَقْوَدُ : الطَّوِيلُ العنق والظَّهرِ من الإِبل والدَّوَابِّ (٢) ، وفَرَسٌ أَقْوَدُ بَيِّنُ القَوَدِ ، ونَاقَةٌ قَوْدَاءُ وفي قَصِيدِ كَعْبٍ :
وعَمُّها خَالُها قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ(٣)
ومنه ، رَمْلٌ مُنْقَادٌ ، أَي مُستَطِيلٌ. وخَيْلٌ قُبٌّ قُودٌ ، وقَدْ قَوِدَ قَوَداً. وقال ابنُ شُمَيْلٍ : الأَقْوَدُ من الخيْلِ : الطويلُ العُنقِ العَظِيمُه. والأَقْوَدُ مِن الرِّجال : الشَّدِيدُ العُنُقِ ، سُمِّي بذلك لِقِلَّةِ الْتِفَاتِه. ومن ذلك سُمِّيَ البَخيلُ علَى الزَّادِ أَقْوَد ، لأَنه لا يَلْتَفِتُ (٤) عند الأَكْل لئلَّا يَرَى إِنْساناً فيَحْتاجَ أَن يَدْعُوَه.
ورجُلٌ أَقْوَدُ : لا يَلْتَفِت. والأَقوَدُ : الجَبَلُ الطويلُ في السَّماءِ كالمُقَوَّدِ ، كمُعَظَّمٍ ، وضَبطه الصاغانيُّ كمُكْرَمٍ ، وهو الصواب. وفي التهذيب : والأَقْوَدُ من الناس : مَنْ إِذا أَقْبَلَ على شَيْءٍ بِوَجْهِه لَمْ يَكَدْ يَنْصَرِفُ (٥) عنه ، وأَنشد :
إِنَّ الكَرِيمَ مَنْ تَلَفَّتَ حَوْلَهُ |
|
وإِنَّ اللَّئِيمَ دَائمُ الطَّرْفِ أَقْوَدُ |
والقَوَدُ ، مُحرَّكَةً : قَتْلُ النَّفْس بالنَّفْسِ ، شاذٌّ كالحَوَكَةِ والخَوَنَةِ ، وقد اسْتَقدْتُه فأَقادني ، وفي الصحاح ، هو القِصَاصُ ، وفي الحديث : مَنْ قَتَلَ عَمْداً فهو قَوَدٌ». والقَوَدُ : طُولُ الظَّهْرِ والعُنُقِ ، ومنه قالوا : نَاقَةٌ قَوْدَاءُ وجَمَلٌ أَقْوَدُ ، وقَدْ قَوِدَ قَوَداً ، كحَوِرَ حَوَراً ، صَحَّ في الفِعْل والصِّفَةِ ، قال الخليلُ : ناقَةٌ قَوْدَاءُ : طَويلةُ الظَّهْرِ والعُنُقِ ، وفي الرَّوضِ : نَاقَةٌ قَوْدَاءُ : طويلةُ العُنُقِ. وقيل : هي الطويلةُ ، بلا قَيْدٍ ، وهو أَقْوَدُ ، وهُنُّ قُودٌ ، وقد تقدَّم قريباً.
وانْقَادَ الرجلُ : خَضَعَ وذَلَّ ، قُدْتُه فانْقَاد. وانْقَادَ الرَّمْلُ : اسْتطالَ ، وانْقَادَ الطَّرِيقُ : سَهُلَ واستَقَامَ.
ومن المَجاز انْقَادَ لِيَ الطَّرِيقُ إِلَيْه : وَضَحَ واسْتَبانَ. قال ذُو الرُّمَّة في ماءٍ وَرَدَه :
__________________
(١) في التهذيب : «والسلب القياديد» وفي الديوان والصحاح : «له الفرائش» ، والأزمل : الصوت المختلط.
(٢) في اللسان : «في الابل والناس والدواب» وفي التهذيب فكالأصل.
(٣) ديوانه وصدره :
حرف أخوها أبوها من مهجَّنةٍ
(٤) في الصحاح : لا يتلفّت.
(٥) التهذيب واللسان : يصرف وجهه عنه.