وقَرَدَ لِعِيَالِه ، كَضَرَبَ ، قَرْداً : جَمَعَ وكَسَبَ. وقَرَدَ فِي السِّقَاءِ يَقرِد قَرْداً ، وفي الأَفعال لابن القَطَّاع : في الإِناءِ ، بدل السِّقاءِ : جَمَعَ سَمْناً. وعليه اقتصَر أَئمَّةُ الغَريب ، أَوْ لَبَناً ، كقَلَدَ ، بلام ، وقال شَمِرٌ : لا أَعرفه ولم أَسمعه إِلَّا لأَبي عُبَيدٍ. والقَلْدُ : جَمْعُك الشيءَ على الشيءِ من لَبَنٍ وغَيْرِه.
والقَرِدُ ككَتِفِ : السَّحابُ المُنْعَقِدُ (١) المُتَلَبِّدُ بَعْضُه على بَعْضٍ ، شُبِّه بالوَبَرِ القَرِدِ ، كذا في المحكم ، وفي التهذيب : القَرِدُ من السّحابِ : الذي تَراه في وَجْهِه شِبْهُ انْعِقَادٍ في الوَهمِ ، يُشَبَّه (٢) بالشَّعرِ القَرِدِ الذي انعَقدَتْ أَطرافُه ؛ وقال : أَبو حنيفةَ : إِذا رأَيتَ السَّحَابَ مُتَلَبِّداً ولا يَمْلَاسّ فهو القَرِدُ والمُتَقَرِّدُ. وسحابٌ قَرِدٌ وهو المُتَقَطِّع في أَقْطَار السَّماءِ يَرْكَب بعضُه بَعْضاً.
ومن المَجاز أَيضاً : فَرَسٌ قَرِدُ الخَصِيلِ ، إِذا كان غَيْرَ مْسْتَرْخٍ وأَنشد :
قَرِد الخَصِيل وفِي العِظَامِ بَقِيَّةٌ
والقَرَدُ ، بالتحريك : هَنَاتٌ صِغَارٌ تَكُونُ دُونَ السَّحَابِ لم تَلْتَئِمْ بعْدُ ، كالمُتَقَرِّدِ ، هكذا في النسخ ، وفي بعضها : كالمُتَقَرِّدة وقد تَقدّم قَولُ أَبي حنيفةَ في المُتَقَرّد.
والقَرَدُ مُحَرَّكَةً : لَجْلَجَةٌ في اللِّسَانِ ، عن الهَجَرِيّ ، وحَكَى : نِعْمَ الخَبَرُ خَبَرُك لولا قَرَدٌ في لِسَانِك. وهو من أَقْرَدَ ، إِذا سَكَتَ ، لأَن المُتَلَجْلِجَ لِسَانُه يَسْكُت عن بعضِ ما يُريد الكَلامَ به.
ومن المَجاز : هو حَسَنُ قُرَادِ الصَّدْرِ ، وقَبِيحُ قُرَادِ الصَّدْرِ. القُرَادُ كغُرَابٍ حَلَمَةُ الثَّدْيِ ، وهما قُرادَانِ ، قال عَدِيُّ بنُ الرِّقَاعِ يمدَح عُمَرَ بنَ هُبَيْرةَ ، وقيل هو لِمِلْحَةَ الجَرْمِيّ :
كَأَنَّ قُرَادَيْ زَوْرِه طَبَعَتْهُمَا |
|
بِطِينٍ مِنَ الجَوْلَانِ كُتَّابُ أَعْجَمِ (٣) |
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَلْقَى فَتَى البَأْسِ والنَّدَى |
|
وذا الحَسَبِ الزَّاكِي التَّلِيدِ المُقَدَّمِ |
فَكُنْ عُمَراً تَأْتِي وَلَا تَعْدُوَنَّه |
|
إِلى غَيْرِهِ واسْتَخْبِرِ النَّاسَ وَافْهَمِ |
عَنَى به حَلَمَتَيِ الثَّدْيِ. وقال أَبو الهَيْثَم : القُرَادَانِ من الرجُل أَسْفَل الثُّنْدُوَة ، يقال : إِنهما منه لَطِيفانِ كأَنهما في صَدْرِه أَثَرُ طِينِ خَاتَمٍ خَتَمَه بعضُ كُتَّاب العَجَمِ ، وخَصَّهُم لأَنهم كانوا أَهْلَ دَوَاوِينَ وكِتَابةٍ.
والقُرَادُ : حَلَمَةُ إِحْلِيلِ الفَرَسِ ، وهما أَيضاً قُرَادانِ ، حَلمتانِ عن جانِبيْ إِحْلِيلِه. والقُراد : دُوَيْبَّةٌ معروفةٌ تَعَضُّ الإِبلَ ، وقال :
لَقَدْ تَعَلَّلْتُ عَلَى أَيَانِقِ |
|
صُهْبٍ قَلِيلاتِ القُرادِ اللَّازقِ (٤). |
أَي أَن جُلودَها مُلْسٌ لا يَثْبُت عليها قُرَادٌ إِلَّا زَلِقَ لِأَنها سِمَانٌ مُمْتلِئة كالقُرْدِ ، بالضمِّ كأَنَّه أَخذَه من قَوْلِ جَريرٍ :
وَأَبْرَأْتُ مِن أُمِّ الفَرزْدَقِ نَاخِساً |
|
وقُرْدُ اسْتِهَا بَعْدَ المَنَامِ يُثِيرُهَا |
ويُضْرَب بهِ المَثَلُ فيقال : «أَذَلُّ مِن قُرَادٍ» و «أَسْفَلُ مِنْ قُرادٍ» ج قِرْدَانٌ ، بالكسر ، جمع الكَثْرَةِ ، وأَقْرِدَة ، في القِلَّة ، كما في اللسان.
وبَعِيرٌ قَرِدٌ ، كفَرِحٍ : كَثِيرُهَا أَي القِرْدَانِ ، وبه فَسَّر ابنُ سِيدَهْ قَوْلَ مُبَشِّر بن هُذَيلِ بن زَاخِرٍ الفَزارِيِّ :
أَرْسَلْتُ فِيها قَرِداً لُكَالِكا
وأَما ثَعلبٌ فقال : هو المُتجَمِّعُ الشَّعَرِ. قال ابن منظور : والقَوْلانِ مُتَقَاربانِ ، لأَنه إِذا تَجَمَّعَ وَبَرُه كَثُرَتْ فيه القِرْدَانُ.
ومن المجاز قَرَّدَه تَقْرِيداً : انْتَزَع قِرْدَانَه ، وفيه مَعنى السَّلْبِ. وتقول منه : قَرِّدْ بَعيرَك ، أَي انْزِعْ منه القِرْدَانَ (٥).
وقَرَّدَه الغُرَابُ : وَقَعَ عليه يَلْتَقِط القِرْدَانَ.
وقَرَّدَ تَقْرِيداً : ذَلَّلَ ، وهو من ذلك ، لأَنّه إِذا قُرِّدَ سَكَنَ لذلك وذَلَّ وخَضَعَ ومنه قول الشاعِر :
إِذَا نَزَلَتْ بَنُو لَيْثٍ عُكَاظاً |
|
رَأَيْتَ عَلَى رُؤُوسِهِمُ الغُرَابَا |
__________________
(١) اللسان : المتعقِّد.
(٢) التهذيب : يشبه بالوبر القَرِد ، والشعر القَرِد.
(٣) الأول في التهذيب منسوب إلى ابن ميادة يمدح بعض الخلفاء وفيه «كتاب أعجما» مفتوح الروي.
(٤) عنى بالقراد هنا الجنس ، فلذلك أفرد نعتها وذكّره.
(٥) وفي الأساس : قرّد بعيره : ألقى عنه القراد.