قال شيخُنا : وحكَى الزَّمَخْشَريُّ في «المستقصَى» أَنَّ بعْضَ الرُّوَاةِ حكاه بالقَاف ، وهو ضعيفٌ لا يُعْتَدُّ به. قلتُ : هكذا قيَّده الذَّهبيُّ بالقاف ساكِتاً عليه ، ولكنّ الحافظَ قال : إِن ابنَ ماكولا رَجَّح الأَول.
والفِنْدُ : الطائِفَةُ من اللَّيْلِ. وأَفنادُ اللَّيْلِ : أَرْكانُه ، قيل : وبه سُمِّيَ الزِّمّانِيُّ فِنْداً كما تقدَّمَ.
وفي الحديث «صَلَّى الناسُ على النَّبِيِّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم أَفناداً أَفْناداً» قال ثعلبٌ : أَي فِرْقاً بعد فِرْقٍ ، فُرَادَى بلا إِمامٍ ، هكذا فَسَّروه وقيل : جَمَاعاتٍ بعْدَ جماعاتٍ مُتَفَرِّقِين ، قوماً بعدَ قَوْم. قال ثعلب : وحُزِرُوا ، أَي المُصلُّون فكانوا ثلاثِين أَلْفاً ، ومن الملائكةِ سِتِّينَ أَلْفاً ، لأَن مع كُل مؤمنٍ مَلَكَيْنِ ، نقله الصاغانيُّ (١).
قال شيخُنا : وقد قال بعضُ أَهْلِ السِّيَرِ : إِنَّ المُصَلِّين عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يكادون يَنْحَصِرُون. وحديثُ عائشةَ يَشْهَدُ له. انتهى.
قال أَبو منصور : تفسير أَبي العبَّاس لقوله : صَلَّوْا عليه أَفناداً ، أَي فُرادَى ، لا أَعْلَمه إِلّا من الفِنْد من أَفنادِ الجَبَل ، والفِنْد : الغُصْنِ من أَغصانِ الشجر ، شُبَّه كلَّ رَجلٍ منهم بِفِنْدِ من إِفنادِ الجَبَلِ ، وهي شمارِيخُه.
وقولُه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيما رواه شَمِرٌ عن واثِلَةَ بن الأَسْقَع أَنه قال : «خَرَجَ رَسُولُ الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أَتزعُمونَ أَنِّي [من] (٢) آخِرِكُم وَفَاةً؟ أَلَا إِني مِن أَوَّلِكُم وَفَاةً تَتَّبِعُونِّي أَفناداً يُهْلِكُ بعضُكم بعضاً» وفي رواية : «يَضْرِب بعْضُكم رِقَابَ بَعْضٍ» أَي تَتَّبِعُونِّي ذَوِي أفَنَدٍ ، أَي ذَوِي عَجْزٍ وكُفْرِ للنِّعْمةِ.
وفي «النهاية» : أَي جَماعاتٍ مُتفرِّقينَ ، قوْماً بعدَ قومٍ ، واحدهم فِنْدٌ. وفي حديثِ عائِشَةَ ، رَضِيَ اللهُ عنها «أَن النَّبيَّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أَسْرَعُ الناس بي لُحُوقاً قَوْمِي ، تَستَجْلِبهم المَنَايَا ، وتَتنافَسُ عليهم أُمَّتُهُم وَيعِيشُ النّاسُ بَعْدَهم أَفناداً يَقْتُلُ بعْضُهم بعضاً». قال أَبو منصور : معناه أَنهم يَصيرون فِرَقاً مُختلِفِينَ ، يَقتُلُ بعضُهم بعضاً ، قال (٣) : هم فِنْدٌ على حِدَةٍ ، أَي فِرْقَة على حِدَةٍ. وفي الصّحاح : قَدُومٌ فِنْدَأْوَةٌ : حادَّةٌ ، وجمْعه : فَنَادِيدُ ، على غيرِ قياسٍ.
والفِنْدَأْيَةُ ، مَرَّ ذِكْرُه في الهَمْز ، وهو الفأْسُ العَرِيضةُ الرَّأْسِ.
والتَّفَنُّدُ : التَّنَدُّمُ ، وذَكره المصنِّف في كتاب «البصائر» له ، والصاغانيُّ في التكملة.
* وممَّا يستدرك عليه :
الفِنْدَةُ ، بالكسر : العُودُ التّامّ تُصْنَع منه القَوْس ، وجاءُوا من كلِّ فِنْدٍ ، بالكسر ، أَي من كلِّ فَنٍّ ، [ونَوْع] (٤).
قلت : ومنه اشتقاقُ لَفْظِ الأَفَنْدِي لصاحِبِ الفُنُون ، زادُوا أَلِفاً عند كَثْرة الاستعمالِ ، إِن كانت عربيّةٍ. وقيل : روميّةٌ ، معناه : السَّيِّدُ الكَبِيرُ ، كما سَمِعتُ من بَعْضٍ.
ويَفْتَنِد في قَوْل حُصَيْب الهُذَلِيّ :
تُدْعَى خُثَيْمُ بنُ عمرٍ وفي طوائِفِها |
|
في كُلِّ وَجْهٍ رَعِيلٌ ثم يَفْتَنِدُ |
معناهُ يَفْنَى ، من الفَنَد وهو الهَرَم ، ويُروَى : يُقْتَثَدُ ، أَي يُقْطَع كما يُقْطَع القَثَدُ.
وفانِيد : نَوْعٌ من الحَلْواءِ يُعْمَل بالنَّشَا وكَأَنَّها أَعجميّةٌ لِفَقْد فاعِيل من الكلام العربيِّ. ولهذا لم يذكرْها أَكثَرُ أَهْل اللُّغَة.
قلت : وسيأْتي في المعجمة. ولكن قال شيخُنا : إِنَّه بالمهملة أَلْيَق.
وفُنْدِينُ ، بالضّمّ : من قُرَى مَرْوَ ، منها أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بن الحَسن الرازيّ.
* ومما يستدرك عليه :
[فنجكرد] : فَنْجَكِرْد (٥) : قريةٌ من نَيْسَابُورَ ، منها أَبو الحسن عليّ بن أَحمدَ الأَديبُ (٦).
__________________
(١) وورد قوله في التهذيب واللسان.
(٢) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٣) في التهذيب : «يقال» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : قال ، كذا في اللسان ، ولعله : يقال».
(٤) زيادة عن التكملة.
(٥) في اللباب بضم الجيم ، أو سكونها. وما أثبت ضبطه عن معجم البلدان.
(٦) في معجم البلدان : «أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن» وفي اللباب فكالأصل.