رأْيٍ أَبداً فتفَنَّدُ في كِبَرِهَا. وفي الكَشَّاف : ولذا لم يُقَلْ للمرأَةِ : مُفَنَّدَة ، لأَنَّها لا رَأْي لها حتَّى يَضْعُف.
قال شيخنا : ولا وَجْهَ لِقَوْلِ السَّمِين : إِنَّهُ غريبٌ ، فإِنه مَنقولٌ عن أَهْلِ اللُّغَة ، ثمَّ قال : ولعلَّ وَجْهَه أَنَّ لهَا عَقْلاً ، وإِن كان ناقصاً يَشْتَدُّ نقصُه بِكِبَرِ السِّنِّ. فتأَمَّلْ انتهى.
وفَنَّدَه تَفْنِيداً : كَذَّبَهُ وعَجَّزَهُ وخَطَّأَ رَأْيَهُ وضَعَّفَهُ. وفي التنزيل العَزِيز ، حكاية عن يعقُوبَ ، عليهالسلام : (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) (١) قال الفرَّاءُ : يقول : لولا أَن تُكَذِّبُونِي ، وتُعَجِّزُوني وتُضعِّفوني ، وقال ابنُ الأَعرابيّ فَنَّدَ رأْيَه ، إِذا ضَعَّفَه ، والتَّفْنِيد : اللَّوْمُ ، وتَضْعِيفُ الرَّأْيِ ، كَأَفْنَدَهُ إِفناداً.
وقال الأَصمعيُّ : إِذا كَثُر كلامُ الرجلِ من خَرَفٍ فهو المُفْنِد والمُفْنَد. وفي الحديث : «ما يَنتظِر أَحدُكم إِلا هَرَماً مُفْنِداً أَو مَرَضاً مُفْسِداً» وأَفْنده الكِبَرُ : أَوقَعَه في الفَنَدِ. وفي حديث أُمِّ مَعْبَد : «لا عابِسٌ ولا مُفْنَدٌ» ، وهو الذي لا فائدةَ في كلامه لِكِبَرٍ ، أَصابَه. فهي تَصِفُه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقول : لم يَكُن كذلك. وفي الأَساس : وفُلان مُفْنَدٌ ومُفَنَّدٌ ، إِذا أُنكِرَ عَقْلُه لِهَرَمٍ (٢) أَو خَلَّطَ في كلامه ، وأَفنَدَه الهَرَمُ : جعَلَه في قِلَّة فَهْمٍ (٣) كالحَجَرِ. قال شيخُنَا : ثم تَوسَّعُوا فيه فقالوا : فَنَّدَه إِذا ضَعَّفَ رأْيَه ولَامَهُ على ما فَعَلَ. كذا في «الكَشَّاف».
ومن المجاز : فَنَّدَ الفَرَسَ تَفْنِيداً ، إِذا ضَمَّره ، أَي صَيَّره في التَّضمير كالفِنْد ، وهو الغُصْنُ من أَغصانِ الشَّجَرَة ، ويَصْلُح للغَزْو والسِّباق. وقولهم للضَّامِر من الخَيْل : شَطْبَة ، مِمّا يُصَدِّقه. قاله الصاغانيُّ ، وبه فَسَّر هو والزَّمَخْشرِيُّ الحديث «أَن رجلاً قال للنَّبيِّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إِنّي أُرِيد أَن أُفَنِّدَ فَرساً ، فقال عليكَ به كُمَيْتاً أَو أَدْهمَ أَقْرَحَ أَرْثَم مُحَجَّلاً طَلْقَ اليُمْنَى» ، كما نقَله عنه صاحِبُ اللِّسَانِ. وقال شَمِرٌ ، قال هارُونُ بن عبد الله ومنه كان سُمِعَ هذا الحديث : «أُفَنِّدَ» أَي أَقْتَنِيَ فَرَساً ، لأَن افْتنادَكَ الشَيْءَ جَمْعُك له إِلى نفْسِه ، من قولهم للجَماعة المجتمِعة : فِنْدٌ ، قال : ورُوِيَ أَيضاً من طريق آخَرَ (٤). وقال أَبو منصور : قوله «أُفَنِّدَ فَرَساً» ، أَي أَرْتَبِطَه وأَتَّخِذَه حِصْناً أَلجَأُ إِليه (٥) ومَلَاذاً إِذا دَهَمَني عَدُوٌّ.
مأْخوذٌ من فِنْدِ الجَبَلِ ، وهو الشِّمْراخُ العَظِيمُ منه ، قال : ولَسْت أَعرف أُفَنِّد بمعنى أَقْتَنِي.
قلت : وهذا المعنَى ذكرَه الزمخشريُّ في الأَساس.
ولعلَّ الوَجْهَ الأَوّلَ الّذِي نقلَه عنه صاحِبُ اللسان يكون في «الفائق» أَو غيره من مُؤَلَّفَاته ، فليُنْظَر.
وفَنِّدَ فُلاناً على الأَمرِ : أَرادَهُ منه ، كفانَدَه في الأَمر مُفَانَدةً ، وتَفَنَّدَه ، إِذا طَلَبَه منه ، نقله الصاغانيُّ.
وفَنَّدَ في الشَّرَابِ تَفنيداً : عَكَفَ عليه ، وهذه عن أَبي حنيفةَ.
وفَنَّدَ فُلانٌ تَفنيداً : جَلَس على الفَنْد ، بالفتح (٦) ، وهو شِمْراخٍ من الجَبَلِ وهو أَنْفُه الخارِجُ منه ، ومن ذلك يقال للضَّخْم الثقيلِ : كأَنَّه فَنْدٌ ، كما في الأَساس.
وفِنْدٌ بالكسر (٧) : جَبَلٌ بين الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْن زادَهُما الله شرفاً ، قُرْبَ البحرِ ، كما في المعجم.
وفِنْدٌ : اسمُ أَبي زَيْدٍ مولَى عائِشةَ بنتَ سعْدِ بن أَبي وَقَّاص مالِكِ بن وُهَيب بن عبْدِ مناف بن زُهْرَة.
وكان أَحدَ المُغَنِّين المُحسِنين ، وكان يَجْمَع بين الرِّجال والنِّساءِ ، وله يقولُ عبدُ الله (٨) بنُ قيس الرُّقَيَّاتِ :
قُل لِفِنْدٍ يُشَيِّع الأَظْعَانَا |
|
رُبَّمَا سَرَّ عَيْنَنا وكَفَانَا |
وكانت عائشةُ أَرْسَلَتْه يأْتِيها بنارٍ فوَجَدَ قَوْماً يَخْرُجُون إِلى مِصْرَ فَتَبِعَهُم ، وأَقامَ بها سَنَةً ثم قَدِمَ إِلى المدينةِ ، فأَخَذَ ناراً وجاءَ يَعْدُو فَعَثَرَ ، أَي سَقَطَ ، وتَبَدَّدَ الجَمْرُ فقال : تَعِسَت العَجَلَةُ ، فقِيل : «أَبْطَأُ مِن فِنْدٍ». وفي الأَساس : وسُمِّيَ به مَن قِيل فيه. «أَبطأُ مِن فِنْدِ» لتثاقُلِه في الحاجاتِ.
ومن سجعات الحريريّ : أَبُطْءَ فِنْد ، وصُلُودَ زَنْد. وهو من الأَمثال المشهورة ، ذكره الميدانيُّ والزَّمَخْشَريُّ واليوسيُّ في «زَهْر الأَكم» وحمزةُ وغيرُهُم.
__________________
(١) سورة يوسف الآية ٩٤.
(٢) في الأساس : من هرمٍ وخلّط في كلامه.
(٣) الأساس : فهمه.
(٤) رواه ابن المبارك عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال : جاء رجل ...
(٥) عبارة التهذيب : ألجأ إليه كما ألجأ إلى الفند من الجبل.
(٦) في الأساس : فَنْد وفِنْد بالفتح والكسر ضبط قلم.
(٧) في معجم البلدان بالفتح ثم السكون.
(٨) بالأصل عبد الله.