الشَّجَرَ فِرْصاداً ، وحَمْلَه التُّوثَ ، وأَنشد :
كأَنَّما نَفَضَ الأَحمالَ ذَاوِيَةً |
|
على جَوَانِبِه الفِرْصادُ والعِنَبُ |
أَرادَ بالفِرْصَادِ والعِنَبِ الشَّجَرَتَيْنِ لا حَمْلَهُمَا ، أَرادَ : كأَنمَا نَفَضَ الفِرْصَادُ أَحمَالَه ذَاوِيَةً ـ نصب على الحَالِ ـ والعِنَبُ كذلك ، شَبَّه أَبْعَارَ البَقَرِ بِحَبِّ الفِرصَادِ والعِنَبِ.
والفِرْصَاد : صِبْغ أَحْمَرُ ، قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ :
ولقد لَهَوْتُ وللشَّبابِ بَشَاشَةٌ |
|
بِسُلافَةٍ مُزِجَتْ بماءِ غَوادِي |
يَسْعَى بها ذُو تُومَتَيْنِ مُنَطَّقٌ |
|
قَنَأَتْ أَنامِلُهُ من الفِرْصَادِ (١) |
التُّومَة : الحَبَّةُ من الدُّرِّ ، والسُّلافَةُ : أَوّلُ الخَمْرِ.
والغَوَادِي : السحَائِبُ تأْتي غُدْوَةً.
[فرقد] : الفَرْقَدُ : وَلَدُ البَقَرةِ أَو الوحْشِيَّة منها ، والأُنثَى : فَرْقَدةٌ ، قال طَرَفَةُ ، يَصِفُ عَيْنَيْ ناقةٍ :
طَحُورَانِ عُوَّارَ القَذَى فتَراهُما |
|
كَمَكْحولَتَيْ مَذْعورةٍ أُمِّ فَرْقَدِ |
طَحَورانِ : رَامِيَتانِ. وعُوَّارُ القَذَى : ما أَفسَدَ العَيْنَ.
والفَرْقد : النَّجْمُ الّذي يُهْتَدَى به ، كالفُرْقُودِ ، فِيهِما ، أَي في وَلَدِ البقرةِ والنَّجْم ، ورُوِيَ : الفُرْقُود ، بمعنَى : وَلَدِ البقرةِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، واستَدَلَّ بقَولِ الراجزِ ، فيما أَنشدَه عنه ثَعلبٌ.
وليلةٍ خامدةٍ خُمُودَا |
|
طَخْياءَ تُعْشِي الجَدْيَ والفُرْقُودَا |
إِذا عُمَيْرٌ هَمَّ أَن يَرْقُودَا
وأَراد يَرْقُد فأَشْبَعَ الضَّمَّةَ ، قال الصاغانيُّ : قلتُ : أَرادَ بالفُرْقُودِ : الفَرْقَدَ الّذِي هو النجْمُ لا ولَدَ البقرةِ ، يعني أَنَّ الجَدْيَ والفَرْقدَ اللَّذيْن بهما يُهْتَدى في الظُّلُماتِ (٢) ، وهما دَلِيلَا السَّفَرِ يَعْشَيانِ في هذه اللَّيلةِ لِشدَّة ظُلْمتها ، فيَعْجِزانِ عن أَن يَهْدِيَا أَحداً. فإِذا عَرفتَ ذلك فقولُ المصنِّف فيهما مَحَلُّ نَظَرٍ.
فتَأَمَّل. وهُمَا فَرْقَدَانِ ، نَجْمَانِ في السَّمَاءِ ، لا يَغْرُبانِ ، ولكنَّهُمَا يَطُوفانِ بالجَدْيِ ، وقيل : هما كَوكبانِ قَرِيبانِ من القُطْب. وقيل هما كَوْكَبَانِ في بنات نَعْشٍ الصُّغْرَى. وقد جاءَ في الشِّعْرِ مُثَنًّى ومُوَحَّداً ومجموعاً ، أَمَّا أَوَّلاً فقول الشاعر :
وكلُّ أَخٍ يُفَارِقُهُ أَخُوهُ |
|
لعَمْرُ أَبِيكَ إِلا الفَرْقَدَانِ |
وأَمَّا ثانِياً ففي اللِّسَان : ورُبَّما قالت العربُ لهما : الفَرْقَد ، قال لبيد :
حالَفَ الفَرْقَدُ شَرْباً في الهُدَى |
|
خُلَّةً باقِيَةً دُونَ الخَلَلْ (٣) |
وأَما ثالثاً فقد قالوا فيهما : الفَرَاقِدُ ، كأَنَّهُم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ منهما فَرْقَداً ، قال :
لَقَدْ طالَ يا سَوْدَاءُ مِنْكِ المَوَاعِدُ |
|
ودُونَ الجَدَا المَأْمولِ مِنْكِ الفَراقِدُ |
وفَرْقَدٌ ، غيرَ مَنْسُوبٍ ، أَكلَ على مائِدةِ النّبيِّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، رآه الحَسَنُ (٤) بن مِهْرَانَ ، شيخٌ لمحمَّدِ بنِ سلَّامٍ الجُمَحِىّ ، فهو ثُلاثيّ للبخاريّ في تاريخه ، كذا في تجريد الذَّهبيِّ.
وعُتْبَةُ بنُ فَرْقَد بنِ يَرْبُوعٍ السُّلَمِيّ ، أَبو عبد الله ، وَلِيَ المَوصِلَ لِعُمَر ، وكان شريفاً ، وشَهِدَ خَيْبَرَ ، وابتَنَى بالمَوصِلِ داراً ومَسْجِداً : صحابِيَّانِ.
وفاتَهُ : فَرْقَدٌ العِجْلِيُّ ، ويقال : التَّمِيمِيُّ ، ذَهَبتْ به أُمُّه إِلى النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فدَعا له.
وفَرْقَدٌ : ع ببُخَارَى ، نقله الصاغانيُّ.
وفُرَاقِدٌ ، كَعُلابِطٍ : شُعْبَةٌ من شِقِّ غَيْقَةَ ، تَدْفَعُ في وادِي الصَّفْرَاءِ.
ومِمَّا يستدرك عليه : الفَرْقَدُ من الأَرضِ : المُسْتَوِي الصُّلْب.
__________________
(١) في المفضليات والصحاح باختلاف الرواية.
(٢) في التكملة : في ظلمات البر والبحر.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله الهدى ، كذا باللسان وليحرر لئلا يكون مصحفاً عن الهوى» وفي التهذيب «شركاً» بدل «شرياً».
(٤) أسد الغابة : الحسين.