ولا أَدري من أَين جاءَ به الليثُ. والفَرْدُ : الوِتْر ، وج أَفرادٌ وفُرَادَى ، على غيرِ قياسٍ ، كأَنَّه جمع فَرْدَانَ كسَكْرَى وسَكْرَان ، وسُكَارَى. وبعضُهم أَلحقَه بالأَلفاظ الثّلاثةِ الّتي ذكرت في : فرخ (١).
والفَرْد : الجانِبُ الوَاحِدُ من اللَّحْيِ ، كأَنَّهُ يُتَوَهَّم مُفْرَداً ، والجَمْع أَفرادٌ ، قال ابن سيده : وهو الّذي عَنَاه سيبويِه بقوله : نحو فَرْدٍ وأَفرادٍ ، ولم يَعْنِ الفَرْدَ الّذِي هو ضِدّ الزَّوجِ ، لأَن ذلك لا يكاد يُجْمَع.
والفَرْد من النِّعَالِ : السِّمْطُ التي لم تُخْصَفْ طاقاً على طاقٍ ولم تُطارَقْ ، وفي الحديث : «جاءَ رَجُلٌ يشكو رَجُلاً من الأَنصارِ شَجَّه ، فقال :
يا خَيْرَ مَن يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْدِ |
|
أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ |
أَراد النَّعْلَ الّتي هي طاقٌ واحدٌ ، وهم يُمدَحُون بِرِقَّةِ النِّعَال ، وإِنما يَلْبَسُهَا مُلوكُهم وسادتُهم (٢). أَراد : يا خَيْرَ الأَكابِرِ من العَرَب ، لأَنَّ لُبْس النِّعَال لهم دون العَجَم. كذا في اللِّسَان.
ويقال : شْيءٌ فارِدٌ وفَرْدٌ ، بفتْح فسكون وفردٌ ، كجَبَلٍ ، وكَتِفٍ ، ونَدُسٍ وعُنُقٍ وسَحْبَانَ وحَلِيمٍ وقَبُولٍ : مُتَفَرِّدٌ (٣) ، ويُنْشَد بيتُ النابغة :
مِنْ وَحْشِ وجْرَةَ مَوْشِيٍّ أَكارِعُهُ |
|
طاوِى المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفَرَدِ(٤) |
بفتح الرّاءِ ، وضمّها ، وكسرها مع فتح الفاءِ ، وبضمتين ، وكذلك : ثَوْر فارِدٌ وفَرَدٌ وفَرُدٌ وفَرِدٌ وفَرِيد بمعنَى مُنفردٍ.
وشَجَرةٌ فارِدٌ وفارِدَةٌ : مُتَنَحِّيَةٌ انفردَت عن سائرِ الأَشجارِ ، قال المسيَّب بن عَلَسٍ :
في ظِلِّ فارِدَةٍ مِنَ السِّدْرِ (٥)
وسِدْرَةٌ فارِدَةٌ : انفردَت عن سائر السِّدْرِ. وظَبْيَةٌ فارِدٌ : مُنْفَرِدةٌ ، انْقَطَعَتْ عن القطِيعِ ، وناقَةُ فارِدةٌ ، ومِفْرَادٌ ، وفَرُودٌ كصَبُورٍ ، إِذا كانت تَنْفَرِدُ وتَتَنَحَّى في المَرْعَى (٦) والمَشْرُوب.
والذَّكَر فارِدٌ لا غَيْرُ.
وأَفرادُ النُّجومِ وفُرُودُها : الّتي تَطْلُع في آفاقِ السَّماءِ ، وهي الدَّرَارِيُّ ، سُمَّيَت بذلك لتَنَحِّيها وانفرادِهَا من سائِر النُّجومِ.
وعن ابن الأَعرابيِّ : فَرَّدَ الرَّجلُ تَفْرِيداً ، إِذا تَفَقَّهَ ، واعتزَلَ النَّاسَ ، وخَلَا لِمُرَاعَاة الأَمْرِ والنَّهْيِ ، ومنه الحديثُ : «طُوبَى للمُفَرِّدِينَ» وهي روايةٌ من الحديث المرويِّ عن أَبي هُريرة ، رضياللهعنه : «أَنَّ رَسُولَ الله ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان في طَرِيقِ مكَّةَ على جَبَلٍ ، يقال له : بُجْدَانُ فقال : سِيرُوا ، هذا بُجْدَانُ ، سَبَقَ المُفَرِّدُون ، قالوا : يا رسولَ الله ، ومن المُفَرِّدُون؟ قال : الذَّاكِرُون الله كثيراً والذاكرات». هكذا رواه مُسْلِمٌ في صَحِيحِه.
ويقال أَيضاً : هُم المُهْتَرُون (٧) بِذِكْرِ الله تعالى كما جاءَ ذلك في روايةٍ أُخْرَى ، ونصُّها : «قال : الذين أُهْتِرُوا في ذِكر الله. يَضَعُ الذِّكْرُ عنهم أَثقالَهُمْ ، فيأْتُون يَومَ القِيَامَةِ خِفَافاً» وهم أَي المُفَرِّدون أَيضاً على قول القُتَيْبِيِّ في تفسير الحديث : الهَرْمَى الذين قد هَلَكَتْ ، كذا في النسخ ، وفي بعضها : هَلَكَ لِداتُهُمْ ، بالكسرِ ، أَي من الناسِ ، وذَهَب القَرْنُ الّذي كانوا فيه ، وَبقواهم يَذْكُرون الله عَزَّ وجَلَّ. وفي بعض النسخ : هَلَكت لَذّاتُهم. قال أَبو منصور : وقولُ ابنِ الأَعرَابِيِّ في التَّفْرِيد عندي أَصْوَبُ من قول القُتَيْبِيّ.
وراكِبٌ مُفَرِّدٌ : ما مَعَهُ غَيْرُ بَعِيرِهِ. وفي الأَساس : بَعَثُوا في حاجَتِهِم راكِباً مُفَرِّداً : لا ثانِيَ مَعَه.
وفَرِدَ بالأَمرِ ، مثلّثَةَ الرّاءِ ، الفتحُ هو المشهور ، قال ابنُ سِيدَه : وأُرى اللِّحْيَانيَّ حكَى الكَسْرَ والضّمَّ. وَأَفْرَدَ ، وانفَرَدَ ، واستَفْرَدَ ، إِذا تَفَرَّدَ بِهِ (٨) ، وقال أَبو زَيْدٍ : فَرَدْتُ بهذا الأَمْرِ أَفرُدُ به فُرُوداً ، إِذا انفرَدْت به (٩).
__________________
(١) هي (عن هامش المطبوعة الكويتية : حمل وأحمال ، وزند وأزناد ، وفرخ وأفراخ.
(٢) اللسان : وساداتُهم.
(٣) في إحدى نسخ القاموس : «منفرد».
(٤) أي هو منقطع القرين لا مثل له في جودته.
(٥) الجمهرة ٢ / ٢٥٢ وصدره :
نظرت إليك بعين جازئةٍ
(٦) اللسان : المراعي.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله المهترون كذا في نسخ الشارح ووقع في نسخة المتن المطبوعة : المهتزون ولعلها رواية أو تصحيف» وفي نسخة ثانية من القاموس : المستهترون.
(٨) اللسان : انفرد به.
(٩) التهذيب : تفرّدت به.