عُدْنَا (١) في مِلَّتِكُم أَي دَخَلْنا. وأَشار إِليه الجارَ برديّ ، وغيرُه ، وأَنشدُوا قول الشاعر :
وعاد الرأْسُ مِنّي كالثَّغَامِ
قال : ويُحْتَمل أَنَّه يُراد من العَوْد هُنا الصَّيْرُورَةُ ، كما صرَّحَ به في المصباح ، وأَشار إِليه ابنُ مالِكٍ وغيرُه من النُّحَاةِ ، واستَدَلُّوا بقوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) (٢) قيل : أَي صارُوا ، كما للفيُّومِيِّ وشِيخِه أَبي حَيَّان.
قلْت : ومنهحديثُ مُعَاذٍ ، قال له النّبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أَعُدْتَ فَتَّاناً يا مُعَادُ» ، أَي صِرْتَ.
ومنهحديثُ خُزَيْمَة. «عادَ لها النِّقَادُ مُجْرَنْثِماً» ، أَي صارَ.
وفي حديثِ كَعْبٍ «وَدِدْتُ أَنَّ هذا اللَّبَنَ يَعُودُ قَطِرَاناً» أَي يَصِير. «فقِيل له : لِمَ ذلِك : قال : تتَبَّعَتْ قُرَيْشٌ أَذنابَ الإِبِلِ ، وتركوا الجَمَاعَاتِ» وسيأْتي.
وتقول عَاد الشيءُ يعودُ عَوْداً ، مثل المَعَادِ ، وهو مصدرٌ مِيمِيٌّ ، ومنه قولهم : اللهُمَّ ارزُقْنا إِلى البيتِ مَعاداً وعَوْدَةً.
والعَوْدُ : الصَّرْفُ ، يقال : عادَنِي أَن أَجِيئك ، أَي صَرَفنِي ، مقلوبٌ من عَدَانِي ، حكاه يَعقُوبُ.
والعَوْدُ : الرَّدُّ ، يقال : عادَ ، إِذا رَدَّ ونَقَضَ لِمَا فَعَل.
والعَوْدُ : زِيَارَةُ المريضِ ، كالعِيَادِ والعِيَادَةِ ، بكسرهما.
والعُوَادَةِ ، بالضّمّ وهذه عن اللِّحْيَانِيِّ. وقد عَادَه يَعُوده : زَارَه ، قال أَبو ذُؤَيْب :
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هل تَنَظَّرَ خالِدٌ |
|
عِيَادِي على الهِجْرانِ أَمْ هو يائِسُ |
قال ابنُ جِنِّي : وقد يَجُوز أَن يكون أَرادَ عِيَادَتِي ، فحذَف الهاءَ لأَجل الإِضافَةِ. وقال اللِّحْيَانِيُّ : العُوَادةُ من عيادةِ المَرِيضِ ، لم يَزِد على ذلك.
وذكر شيخُنَا هنا قول السّراج الوَرّاق ، وهو في غايةٍ من اللُّطْفِ :
مَرِضْتُ ، للهِ قَوماً |
|
ما فِيهُمُ مَنْ جَفَانِي |
عادُوا وعادُوا وعَادُوا |
|
على اخْتِلافِ المَعَانِي |
والعَوْدُ جمْعُ العائِدِ استُعمل اسم جمْع ، كصاحِبٍ وصَحْبٍ ، كالعُوَّادِ. قال الفَرَّاءُ : يقال هؤلاءِ عَوْدُ فلانٍ وعُوَّادُه ، مثل زَوْرِه وزُوَّارِه ، وهم الّذِين يَعودُونَه إِذا اعْتَلَّ.
وفي حديثِ فاطمةَ بنت قَيْسٍ «فإِنها امرأَةٌ يَكْثُر عُوَّادُها» ، أَي زُوَّارُهَا» ، وكلُّ مَن أَتاكَ مرَّةً بعدَ أُخرَى فهو عائِدٌ ، وإِن اشتَهر ذلك في عِيَادَةِ المَرِيضِ ، حتَّى صار كأَنَّه مُخْتَصٌّ به.
وأَمَّا العُوَّد فالصَّحِيح أَنه جمْعٌ للإِناثِ ، يقال : نِسْوَةٌ عَوَائِدُ وعُوَّدٌ ، وهُنَّ اللَّاتي يَعُدْنَ المَرِيضَ ، الواحدة : عائِدَةٌ.
كذا في اللسان والمصباح.
والمَرِيضُ : مَعُودٌ ومَعْوُودٌ ، الأَخيرةُ شاذَّةٌ وهي تَمِيميَّةٌ.
والعَوْدُ : انْتِيابُ الشيْءِ ، كالاعْتِيَادِ يقال عادَني الشيْءُ عَوْداً واعتادَنِي : انتَابَنِي ، واعتادَني هَمٌّ وحَزَنٌ.
قال الأَزهَرِيُّ : والاعتيادُ في معنى التَّعَوُّد ، وهو من العَادَة ، يقال : عَوَّدتُه فاعتادَ وتَعَوَّد.
والعَوْدُ ثانِي البَدْءِ قال :
بَدَأْتُمْ فأَحْسَنْتُم فأَثْنَيْتُ جاهِداً |
|
فإِنْ عُدْتُمُ أَثْنَيْتُ والعَوْدُ أَحْمَدُ |
كالعِيَادِ بالكسر ، وقد عاد إِليه ، وعليه ، عَوْداً وعِيَاداً ، وأَعَادَه هو ، واللهُ يُبْدِئُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعيده ، من ذلك.
والعَوْدُ : المُسِنُّ من الإِبِلِ والشَّاءِ ، وفي حَديث حَسَّان «قد آن لكم أَن تَبْعَثُوا إِلى هذا العَوْدِ» ، وهو الجَمَل الكبيرُ المُسِنُّ المُدرَّب ، فَشَبَّهَ نفْسَه به. وفي الحديث : «أَنَّه عليهالسلام دَخَلَ على جابِرِ بنِ عبدِ الله مَنْزِلَه ، قال : فعَمَدت إِلى عَنْزٍ لي لأَذبَحَهَا فَثَغَتْ ، فقال عليهالسلام : يا جابِرُ ، لا تَقْطَعْ دَرّاً ولا نَسْلاً. فقلتُ : يا رسولَ اللهِ إِنَّمَا هي عَوْدَةٌ عَلَفْناها البَلَحَ ، والرُّطَبَ فَسَمِنَتْ» حكاه الهَرَوِيُّ ، في «الغَريبين». قال ابنُ الأَثيرِ : وعَوَّدَ البَعِيرُ والشّاةُ ، إِذا أَسَنَّا ، وبَعِيرٌ عَوْدٌ ، وشاةٌ عَوْدَةٌ ، وفي اللسان : العَوْد : الجَمَلُ
__________________
(١) كذا بالأصل ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله أي عدنا هكذا بالنسخ ، ولعل أصل العبارة هكذا : أَي لتدخلن في ملّتنا ، وقوله تعالى : (إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) ، أي دخلنا».
(٢) سورة الانعام الآية ٢٨.