الجَدْبِ ، وقال شَمِرٌ : قال محمّد بن أَنس : كانوا إِذا اشْتَدَّ بهم الجُوعُ ، وخافُوا أَن يَمُوتُوا ، أَغلَقُوا عليهم باباً ، وجَعَلُوا حَظِيرَةً من شَجَرَةٍ (١) ، يَدْخُلون فيها لِيَمُوتُوا جُوعاً. قال : ولَقِيَ رَجُل جارِيَةً تَبْكِي ، فقال لها : مالَكِ؟ فقالَتْ : نُرِيدُ أَن نَعْتَفِدَ قال : وقال النَّظَّار بنُ هاشمٍ الأَسَدِيّ :
صاحَ بهمْ على اعْتِفَادٍ زَمانْ |
|
مُعْتَفَدٌ قَطَّاعُ بيْنِ الأَقْرانْ |
قال شَمِر : وَجدتُه في كتاب ابن بُزُرْج : اعتَقَد الرجُلُ ، بالقاف (٢) ، وذلك أَن يُغْلِقَ عليه باباً ، إِذا احتاجَ ، حَتَّى يَمُوتَ.
واعتَفَدَ كذا : اعتَقَدَهُ ، وسيأْتي.
[عقد] : عَقَدَ الحَبْلَ والبَيْعَ والعَهْدَ يَعْقِدُهُ عَقْداً فانعَقَدَ : شَدَّةُ.
والذي صَرَّحَ به أَئِمَّةُ الاشتِقَاقِ : أَنَّ أَصلَ العَقْدِ نَقِيض الحَلِّ ، عَقَدَه يَعْقِده عَقْداً وتَعْقَاداً ، وعَقَّده ، وقد انْعَقد ، وتَعَقَّدَ ، ثم اسْتُعْمِل في أَنْوَاعِ العُقُودِ من البُيوعاتِ ، والعُقُود (٣) وغيرها ، ثم استُعْمِل في التصميم والاعتقادِ الجَازِمِ. وفي اللِّسَان : ويقال : عَقَدْتُ الحَبْلَ فهو مَعْقُود ، وكذلك العَهْد ، ومنه عُقْدةُ النِّكَاح ، وانعقَد [عَقْدُ] (٤) الحَبْلِ انعقاداً. ومَوْضِعُ العَقْدِ من الحَبْل : مَعْقِد ، وجَمْعُه : المَعَاقِدُ. وعَقَدَ العَهْدَ ، واليَمِينَ ، يَعْقِدُهما عَقْداً وعَقَّدهما : أَكَّدَهما. قال أَبو زَيْدٍ في قولِه تَعالى (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) (٥) وعَاقَدَت أَيمانُكُم. وقد قُرِىء : عَقَّدت ، بالتَّشْدِيد ، معناه التَّوكِيدُ والتَّغْلِيظُ ، كقولِهِ تعالَى (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) (٦) وقال إِسحاقُ بن فَرج : سَمِعت أَعرابِيًّا يقول : عَقَدَ فُلانٌ عُنُقَهُ إِليه ، أَي إِلى فُلان ، إِذا لَجَأَ إِليه وَعكَدَها كذلك. وعَقَدَ الحاسِبُ يَعْقِد عَقْداً : حَسَبَ. والعَقْدُ بفَتح فسكونٍ : الضَّمَانُ والعَهْدُ جمْعُه : العُقُود.
وقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٧) قيل : هي العُهُودُ ، وقيل : هي الفَرائِضُ الّتي أُلْزِمُوها. وقال الزَّجَّاج (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، خاطَبَ الله المؤمِنين بالوَفَاءِ بالعُقُودِ الّتي عَقَدَهَا الله تعالى عليهم ، والعُقُودِ الّتي يَعْقِدُهَا بعضُهم على بعضٍ ، على ما يُوجِبُه الدِّينُ.
والعَقْدُ : الجَمَلُ المُوَثَّقُ الظَّهْرِ ، قال النابِغَة :
فكيفَ مَزَارُهَا إِلَّا بعَقْدٍ |
|
مُمَرٍّ ليس يَنْقُضُه الخَؤُونُ |
والعَقَدُ ، بالتَّحْرِيكِ ، قَبيلةٌ مِن بَجِيلَةَ أَو اليَمَنِ ، يَعْنِي قيساً ، ذَكَرَهَا ابنُ الأَثِير ، منها بِشْرُ بنُ مُعَاذٍ العَقَدِيّ. وأَبو عامرٍ عبدُ المَلِك بنُ عَمْرو بنِ قَيْسٍ البَصْرِيُّ قال الحاكم : يُنْسَب إِلى العَقَد مَولَى الحارِث (٨) بن عُبَادِ بن قَيْسِ بن ثَعْلَبةَ ابنِ بَكْرِ بن وائلٍ ، ومثله قال ابنُ عبد البَرِّ والرّشاطيّ ، وأَبو عليّ الغَسَّانيّ ، وكلُّهم اتَّفَقُوا على أَنه عَقَدِيٌّ ، وأَنَّه مِن قَيْسٍ فتحصَّلَ من أَقوالِهمِ تَرْجِيحُ القَوْلِ الأَخِيرِ. والله أَعلم.
والعقَد : عُقْدَةٌ في الِّلسَانِ وهو الالْتِواءُ والرَّتَجُ.
وعَقِدَ الرَّجلُ كفَرِحَ فهو أَعْقَدُ وعَقِدٌ : في لِسَانِه عُقْدَة ، وعقِدَ لسانُه يَعْقَدُ عَقَداً.
وقال ابنُ الأَعرابيِّ : العَقَد تَشَبُّثُ ظَبْيَةِ الَّلعْوَةِ بِبُسْرَةِ قَضِيبِ الثَّمْثَمِ ، هكذا أَورَدَه في نوادِرِه. وقد فَسَّرَه الصاغانيُّ ، وقلَّدَه المصنِّف بقوله : أَي تَشَبُّثُ حَيَاءِ الكَلْبةِ بِرأْسِ قَضِيبِ الكَلْبِ فإِنَّ الثَّمْثَم كلْبُ الصَّيْدِ ، واللَّعْوة : الأُنثَى وظَبْيَتُها : حَياؤُهَا.
والعَقَدَة بهاءٍ : أَصْلُ الِّلسانِ وهو ما غَلُظَ منه. وكذلك العَكَدَةُ.
والعَقِدُ ، ككَتِفٍ وجَبَلٍ : ما تَعَقَّدَ من الرَّمْلِ وتَرَاكَمَ ، واحدُهما بهاءٍ ، والجمع أَعقادٌ. وقيل : العَقَدُ تَرَطُّب الرَّمْلِ من كثْرةِ المَطَرِ.
__________________
(١) التكملة : من شجرٍ.
(٢) في اللسان : «اعتقد الرجل ، بالقاف ، وآطَمَ وذلك ...»
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله والعقود هو تكرار والصواب حذفه».
(٤) زيادة عن اللسان.
(٥) سورة النساء الآية ٣٣.
(٦) سورة النحل الآية ٩١.
(٧) سورة المائدة الآية ١.
(٨) انظر جمهرة ابن حزم ص ٣١٩.