ولو قال : العَضُد ، كنَدُسٍ ، وكَتِفٍ وعُنُقٍ ، ويُثَلَّث ، ويِحَرَّك لكان أَوْفَق لقاعدتِهِ ، وأَمْيلَ لطريقتِه ، وفيه تقديم الأَفصحِ المشهورِ على غيرِه ، مع أَنَّ التَّثليث إِنَّمَا هو تخفيفٌ أَو إِتباعٌ على قياسِ أَمثالِه من المضمومِ الأَوسَطِ ، أَو المكسورِ ، وأَوردَه شيخُنَا أَيضاً ولم يَتعرَّضْ لقول ثعلبٍ ، كما أَغفَلَ المصباحُ السادسةَ.
وفي حديثِ أُمِّ زَرْعٍ : «وملأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ» العَضُد من الإِنسان وغيرِه : السّاعِدُ وهو ما بَيْنَ المِرْفَقِ إِلى الكَتِفِ ولم تُرِدْه خاصَّةً ، ولكنَّهَا أَرادَت الجَسَدَ كُلَّه ، فإِنه إِذا سَمِنَ العَضُدُ سَمِنَ سائِرُ الجَسَدِ.
والعَضْدُ بفتح فسكون ، من الطريق : الناحِيَة كالعِضادة ، بالكسر وعَضُدُ الإِبط ، وعَضَدُه كنَدُسٍ ، وجَبَلٍ : ناحِيَتُه ، وقيل : كلُّ ناحِيَةٍ : عَضُدٌ وعَضَدٌ.
وأَعضادُ البَيت : نَواحِيه ، ويقال إِذا نَخَرَت (١) الرِّيحُ من هذه العَضُدِ أَتاكَ الغَيْثُ ، يَعنِي ناحِيَة اليَمَنِ.
ومن المجاز : العَضُد : الناصِر والمُعِينُ ، على المَثَلِ بالعَضُد من الأَعضاد ، وفي التنزيل : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (٢) أَي أَعْضاداً ، أَي أَنْصَاراً ، وعَضُدُ الرَّجلِ : أَنصارُه وأَعوانُه ، وإِنَّما أَفْردَ لتَعتَدِلَ رؤُوسُ الآيِ بالإِفرادِ ، ويقال : فلانٌ عَضُدُ فُلانٍ وعِضَادَتُه ومُعاضِدُه ، إِذا كان يُعاوِنه ويُرافِقُه. وهو مَجاز.
ويقال هم عَضُدِي وأَعْضادِي أَيضاً ، قال الأَحرد :
مَن كانَ ذَا عَضُدٍ تُدْرَكْ ظُلامَتُهُ |
|
إِنَّ الذَّلِيلَ الذِي ليستْ لَهُ عَضُدُ (٣) |
ويقال فَتَّ فُلانٌ في عَضُدِه وأَعْضَاده ، أَي كَسَرَ من نِيَّاتِ أَعوانِهِ ، وفَرَّقَهم عنه ، «وفي» بمعْنَى «مِنْ» (٤) ، ويقال قَدَحَ في ساقِهِ ، يعْنِي نَفْسَه. وأَعْضَادُ الحَوْضِ والطَّرِيقِ وغيرِه ما يُشَدُّ ـ بالبناءِ للمعلوم والمجهول ، وبالسين المهملة والمعجمة ـ حَوَالَيْهِ مِن البناءِ ، الواحدُ عَضَدٌ وعَضُدٌ.
وعَضُدُ البناءِ كالصَّفائِحِ المنصوبةِ حَوْلَ شَفِيرِ الحَوْض ، وعَضُدُ الحَوْضِ من إِزائِهِ إِلى مُؤَخَّرِه ، وإِزاؤُه : مَصَبُّ الماءِ فيه. وقيل عَضُدُه : جانِبَاه ، عن ابن الأَعرابيِّ ، والجمع : أَعضادٌ وحَوْضٌ مُثَلِّمُ الأَعضادِ ، وهو مَجاز ، قال لَبِيدٌ يَصِفُ الحَوْضَ الذي طالَ عهدُه بالوَارِدَةِ :
راسِخُ الدِّمْنِ على أَعضادِهِ |
|
ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ |
ويجمع أَيضاً على عُضُودٍ ، قال الراجز :
فارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضُودُ |
|
من عَكَرَاتٍ وَطَؤْها وَئِيدُ |
والعَضْدُ والعَضِيدُ : الطَّرِيقَةُ من النَّخْلِ ، وفي الحديث : «أَنَّ سَمُرةَ كانت له عَضُدٌ من نَخْلٍ في حائِطِ رَجُلٍ من الأَنصار» حكاه الهَرَوِيُّ في «الغَرِيبَيْن» أَراد طَريقةً من النخْل ، وقيل : إِنما هو عَضِيدٌ من النَّخْلِ. وقال غيره : العَضِيد : النَّخْلَةُ التي لها جِذْعٌ ، يَتَنَاولُ منه المُتَناوِلُ ، ج : عِضْدانٌ كغِرْبانٍ ، قال الأَصمعيُّ : إِذا صار للنَّخْلَةِ جِذْعٌ يَتَنَاوَلُ منه المُتَناوِلُ فتِلْك النخلةُ العَضيدُ (٥) ، فإِذا فاتَت اليَدَ فهي جَبَّارةُ.
ومن المجاز : ما لِسَمُرَتِهِ عاضِد ، ولا لسِدْرته خاضِد ، يقال : عَضَدَهُ أَي الشَّجَرَ يَعْضِدُهُ ، من حَدِّ ضرب ، عَضْداً ، فهو معضودٌ وعَضِيد : قَطَعَهُ بالمِعْضَدِ. وفي حديث تحريمِ المدينَةِ : «نَهَى أَنْ يُعْضَدَ شَجَرُهَا» أَي يُقْطَع. وفي حديث آخَرَ : «لَوَدِدْتُ أَنِّي شجرةٌ تُعْضَدُ» : وعن ثعلب : عَضَدَ الشَّجَرَةَ : نَثَرَ وَرَقَها لإِبِله ، واسم ذلك الوَرَقِ : العَضَدُ.
ومن مَجاز المَجاز : عَضَدَه كنَصَره عَضْداً : أَعَانَهُ ونَصَرَهُ ، وفي كتب الأَمثال ما يَقْتَضِي أَنه صارَ مُتَعارَفاً كالحقيقة ، قالوا : عَضَدَه إِذا صارَ له عَضُداً ، أَي مُعِيناً وناصِراً ، وأَصلُ العَضُد في اليَدَيْنِ ، فاستُعِيرَ للمُعِينِ ، ثم استَعْمَلوا مِن معناه الفِعْلَ ، ثم شاعَ حتَّى صارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً.
__________________
(١) كذا ، وفي التهذيب «نحرت» بالحاء المهملة ، وفي التكملة : «تحرّت».
(٢) سورة الكهف الآية ٥١.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله تدرك هو مضبوط في التكلمة بالتاء مبنياً للمجهول وبالياء مبنياً للمعلوم».
(٤) سيرد قولٌ لامرىء القيس شاهداً قريباً :
ثلاثين حولاً في ثلاثة أحوال
(٥) في المطبوعة الكويتية : العضيدة تحريف.