ممّا في الكُتُب الأُول. وقيل : إِنما قيل للصائم : سائحٌ لأَنّ الّذِي يَسِيح متعبِّداً يَسيح (١) ولا زاد معه ، إِنّما يَطْعم إِذا وَجَدَ الزَّادَ ، والصائمُ لا يَطْعَم أَيضاً ، فلِشَبَهِه به سُمِّيَ سائحاً. وسُئَل ابن عبَّاس وابنُ مسعُودٍ عن السَّائِحين ، فقالا (٢) : هم الصّائمون.
والمسيَّح كمُعظَّم : المُخَطَّط من الجرادِ ، الواحدة مُسَيّحَة. قال الأَصمعيّ. إِذا صار في الجراد خُطوطٌ سُودٌ وصُفْرٌ وبِيضٌ فهو المُسَيَّح ، فإِذا بَدَا حَجْمُ جَنَاحِه فذلك الكُتْفَانُ لأَنّه حينئذ يُكَتِّف المشْيَ. قال : فإِذَا ظَهرَتْ أَجْنحتُه وصار أَحمر إِلى الغُبْرَةِ فهو الغَوْغاءُ ، الواحِدةُ غوْغَاءَةٌ ، وذلك حين يَموجُ بعضُه في بعْض ولا يتوجَّهُ جِهةً واحِدَةً. قال الأَزهريّ هذا في رواية عمْرو بن بَحْرٍ.
والمُسيَّح أَيضاً : المُخَطَّطُ من البُرُودِ. قال ابن شُميلٍ : المُسيَّحُ من العباءِ : الّذي فيه جُدَدٌ : واحدةٌ بيضاءُ ، وأُخْرَى سَوْدَاءُ ليست بشَديدةِ السَّوادِ ، وكلُّ عَبَاءَة سَيْحٌ ومُسَيَّحَةٌ ؛ وما لم يكن جُددٌ فإِنّما هو كِساءٌ وليس بعَباءٍ.
ومن المَجَاز : في التّهذيب : المُسيَّح من الطَّريق (٣) : المُبَيَّن شَرَكُه ، محرَّكةً ، هكذا هو مضبوطٌ في النُّسخ ، وضبطه شيخُنَا بضمَّتين ، ولْيُنْظَرْ ، أَي طُرُقُه الصِّغارُ ، وإِنما سَيَّحَه كثْرَةُ شركِه ، شُبِّهَ بالعَباءِ المُسيَّح.
ومن المجاز : المُسيَّحُ : الحِمَارُ الوَحْشيّ لجُدَّتِه الّتي تَفْصِلُ بين البَطْنِ والجَنْب. وفي الأَساس : والعَيْرُ مُسَيَّحُ العجِيزَةِ ، للبَيَاضِ على عَجِيزته (٤). قال ذو الرُّمّة :
تُهاوِي بيَ الظَّلْمَاءَ حَرْفٌ كأَنّها |
|
مُسَيَّحُ أَطرافِ العَجِيزَةِ أَصْحَرُ (٥) |
يَعنِي حِماراً وَحْشيًّا شَبَّهَ النَّاقَة به.
ومن المجاز : سيْحَانُ كرَيْحَان : نهْرٌ بالشّامِ بالعواصِم من أَرضِ المَصِيصةِ ، ونَهرٌ آخَرُ بالبَصْرَةِ ، ويقال : فيه ساحِينٌ.
وسَيْحَانُ : اسمُ وادٍ أَو : ة بالبَلْقاءِ من الشّام ، بها قَبْرُ سيّدنا مُوسَى الكَلِيمِ عليه وعلى نبِيّنا أَفضلُ الصّلاة والسَّلام ، وقد تَشرَّفْتُ بزيارته.
وسَيْحُونُ : نَهرٌ بما وراءَ النهْر وراءَ جيْحُون ، ونَهرٌ بالهند مشهورٌ.
ومن المجاز : المِسْياحُ بالكسر : مَنْ يَسيحُ بالنَمِيمةِ والشَّرِّ في الأَرض والإِفسادِ بين النّاس.
وفي حديث عليّ رضياللهعنه : «أُولئك أُمّةُ الهُدَى ، لَيْسُوا بالمسايِيحِ ولا بالمَذايِيع البُذُرِ» (٦) يعني الّذِين يَسِيحون في الأَرض بالنَّمِيمةِ والشَّرِّ والإِفسادِ بين النّاس. والمَذاييعُ : الّذين يُذيعُون الفَوَاحِشَ. قال شَمِرٌ : المَسَايِيحُ ليس من السِّيَاحَة ، ولكنّه من التَّسييحِ ، والتَّسيِيحُ في الثَّوْبِ أَن تكون فيه خُطوطٌ مُخْتَلِفةٌ ليس (٧) من نَحْوٍ وَاحدٍ.
وانْساحَ بالُه : اتَّسعَ ، وقال :
أُمَنِّي ضَمِيرَ النَّفْسِ إِيّاكِ بعدَ ما |
|
يُرَاجِعُني بَثِّي فَيَنْساحُ بالُها |
وانْساحَ الثَّوْبُ وغيرُه : تَشقَّقَ ، وكذلك الصُّبْح.
وفي حديث الغار ؛ «فانْساحَتِ الصَّخرةُ» : أَي انْدَفَعَتْ وانشقَّتْ (٨). ومنه ساحةُ الدَّارِ. ويُرْوَى بالخاءِ والصّاد.
وانْساحَ بَطْنُه : كَبُرَ واتَّسَعَ ودَنَا من السِّمَن. وفي التّهذيب عن ابن الأَعْرَابيّ : يقال للأَتانِ : قد انْساحَ بَطْنُها وانْدَالَ ، انْسِيَاحاً (٩) ، إِذا ضَخُمَ ودَنَا من الأَرضِ.
وأَسَاحَ فُلانٌ نَهْراً ، إِذا أَجْرَاهُ ، قال الفَرَزْدَق :
وكَمْ للمُسْلِمِينَ أَسَحْتُ بَحْري |
|
بإِذنِ اللهِ مِن نَهرٍ ونَهْرِ |
وأَساحَ الفَرسُ بذَنَبِه ، إِذا أَرْخاه. وغَلِطَ الجوهَرِيّ فذكره بالشِّين في أَشاح. ووجدْت في هامش الصّحاح ما نَصُّه : قال الأَزهريّ (١٠) : الصّواب أَساحَ الفَرَسُ بذَنَبه ، إِذا
__________________
(١) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : يذهب في الأرض ولا زاد معه.
(٢) بالأصل : «فقال» خطأ.
(٣) في القاموس والتهذيب : «الطرق» وفي اللسان فكالأصل.
(٤) في الاساس : عجزه.
(٥) بالأصل واللسان والتكملة «أسحمُ» وما أثبت «أصحرُ» من الأساس والديوان ص ٢٢٨. وجميعها صحيح.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله البذر جمع بذور ، يقال : بذرت الكلام بين الناس كما نبذر الحبوب ، أي أفشيته وفرقته ا ه نهاية».
(٧) اللسان : ليست.
(٨) النهاية واللسان : واتّسعت.
(٩) في التهذيب : سياحاً.
(١٠) التهذيب مادة «شاح» ٥ / ١٤٧.