لا شَيءَ فيها ، والجماعة (١) جُمُدٌ وجُهُدٌ ، قال الكُميت :
أَمْرَعَتْ في نَدَاه إِذْ قَحَطَ القَطْ |
|
رُ فأَمْسَى جَهَادُهَا مَمطورَا |
وقال الفرّاءُ : أَرْضٌ جَهَادٌ وفَضَاءٌ وبَرَازٌ بمعنىً واحدٍ.
وعن ابن الأَعرابيّ : الجَهَاضُ والجَهَادُ : ثَمَرُ الأَرَاكِ ، وهو البَرِيرُ والمَرْدُ ، أَيضاً.
والجِهَادُ ، بالكسر : القِتَالُ معَ العَدُوِّ ، كالمُجَاهَدة ، قال الله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ) (٢) يقال جَاهَدَ العَدوَّ مُجاهدةً وجِهَاداً : قاتَلَه.
وفي الحديث «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ ولكن جِهَادٌ ونِيّةٌ».
الجِهادُ : مُحَاربةُ الأَعداءِ ، وهو المبالغةُ واستفراغُ ما في الوُسْعِ والطاقَةِ من قَوْلٍ أَو فِعْلٍ ، والمراد بالنِّيّة إِخلاصُ العَمَلِ لله تعالى. قال شيخنا : والإِتيان ب «مع» فيه من لحْنِ العامّة كما نَصُّوا عليه. وحَقيقة الجِهاد كما قال الرّاغب : استفراغُ (٣) الوُسْع والجُهْد فيما لا يُرْتَضَى وهو ثلاثةُ أَضْرُبٍ : مُجاهدةُ العَدْوِّ الظاهِرِ ، والشيطانِ ، والنَفْسِ. وتدخل الثلاثةُ في قوله تعالى : (وَجذاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ).
ومن المَجاز : أَجْهَدَ فيه الشَّيْبُ إِجْهَاداً ، إِذا بدَا وكَثُر وأَسْرَعَ وانتشرَ. قال عدِيُّ ابن زيد :
لا يُوَاتِيكَ إِذْ صَحَوْتَ وإِذْ أَجْ |
|
هَدَ في العَارِضَيْنِ مِنك قَتِيرُ |
وأَجْهَدَتْ لك الأَرْضُ : بَرَزَتْ وأَجْهَدَ لك الطّريقُ.
وأَجهَدَ لك الحَقُّ ، أَي بَرَزَ وظَهَرَ ووَضَحَ. وأَجْهَدَ في الأَمْر : احتَاطَ وهو مُجْهِدٌ لك : مُحتاطٌ. قال :
نازعْتُها بالهَيْنَمَانِ وغَرَّها |
|
قِيلِي ، ومَنْ لكِ بالنَّصيح المُجْهِد |
وأَجهَدَ الشَّيءُ : اخْتَلَطَ ، نقلَه الصاغانيّ.
وأَجهَدَ مَالَه : أَفْنَاه وفَرَّقَه.
وفي حديث الحسن «لا يُجْهِد (٤) الرّجُلُ مالَه ثُمَّ يَقْعُدُ يَسأَلُ النّاسَ» قال النَّضر : قوله لا يجْهد الرجلُ مالَه ، أَي يعطيه ويُفرِّقه جَميعَه هاهنا ، وهاهنا. ولكن الذي ضبطه الصاغَانيّ بخطّه في الحديث «لا يَجْهَد (٥) الرَّجُل» ، من حَدّ ضَرَب ـ وذكَر المعنَى المذكور عن النَّضْر ، فتأَمَّلْ.
وأَجْهَدَ علينا العَدُوُّ ، إِذا جَدَّ في العَداوة. وعن أَبي عَمْرٍو : يقال أَجْهَدَ لي القَوْمُ ، أَي أَشْرَفُوا. وقال أَبو سعيد : يقال : أَجهَدَ لك الأَمْرُ فارْكَبْه ، أَي أَمكَنَك وأَعْرَضَ لك.
وجُهَادَاكَ ، بالضّمّ ، أَنْ تَفعَلَ : أَي قُصَارَاكَ وغايَةُ أَمْرِك.
وبنو جُهَادَةَ ، بالضّمّ : بَطْنٌ منهم ، أَي من العرب.
وقولُهم : لأَبلُغَنَّ جُهَيْدَاك في هذا الأَمرِ ، الجُهَيْدَى ، بالضّمّ مخفَّفَة : الجَهْد كالعُهَيْدَى من العَهْد ، والعُجَيلَى من العجَلَة.
ومن المجاز مَرْعىً جَهِيدٌ : جَهَدَهُ المالُ وأَرْضٌ جَهِيدةُ الكَلَإِ. وعن أَبي عَمْرٍو : هذه بَقْلَةٌ لا يَجْهَدُها المالُ ، أَي لا يُكْثِر منها. وهذا كلأٌ يَجْهَدُه المالُ ، إِذا كَانَ يُلِحُّ على رِعْيَته.
وفي المشارِق لعياضٍ نقلاً عن ابن عَرَفَة : الجُهْد ، بالضّمّ الوُسُع والطّاقَة ، والجَهْد المبالغةُ والغاية ، ومنه قوله تعالى (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) (٦) أَي بالَغُوا في اليَمِينِ واجْتَهَدُوا فيها.
والتَّجاهُد : بَذْلُ الوُسْعِ والمَجْهودِ ، كالاجْتِهادِ ، افتعالٌ من الجَهْدِ : الطَّاقةِ.
* ومما يستدرك عليه :
جُهِدَ الرّجُل ، كعُنِيَ : بُلِغَ جُهْدُه ، وقيل غُمَّ. وفي التَّهْذِيب : الجَهْدُ : بلوغك غايةَ الأَمرِ الذي لا تَأْلو على الجَهْدِ فيه ، تقول : جَهَدْت جَهْدي وأَجْهَدتُ رأْيي (٧) ونَفْسِي حتَّى بَلَغْتُ مجهودي ، وجَهَدْت فُلاناً ، إِذَا بَلَغتَ مَشقَّتَه ، وأَجْهَدْتُه على أَنْ يَفْعَل كذا وكذا.
وفي حديث الغُسْل : «إِذا جَلَسَ بين شُعَبِهَا الأَربعِ ثُمَّ جَهَدَها» أَي دَفَعَهَا وحَفَزَها.
وقيل : الجَهْد من أَسماءِ النِّكاح. والجُهْد الشيءُ القليلُ
__________________
(١) أي الجمع.
(٢) سورة الحج الآية ٧٨.
(٣) عبارة المفردات للراغب : والجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو.
(٤) هذا ضبط ابن الاثير وضبطت في اللسان والتكملة : يَجْهد بفتح أوله ضبط قلم.
(٥) كذا ضبطت في التكملة واللسان ، وقوله على حدّ ضرب فيه نظر. (انظر).
(٦) سورة المائدة الآية ٥٣ وسورة الأنعام الآية ١٠٩ وسورة النحل الآية ٣٨ وسورة النور الآية ٥٣ وسورة فاطر الآية ٤٢.
(٧) في التهذيب : واجتهدت رأيي.