مَعنيان كلاهما مَنْفِيٌّ عمن يُمْدَح ، أَحدهما : أَن يقال رَجلٌ جَعْدٌ إِذا كان قَصيراً مُتردِّدَ الخَلْق. والثّاني : أن يقال رَجُلٌ جَعْدٌ ، إِذا كان بَخيلاً لَئيماً لا يَبِضُّ حَجَرُه. وإِذا قالوا رَجلٌ جَعْدُ السُّبوطة فمَدْحٌ ، إِلَّا أَن يكون قَطَطاً مُفَلْفَلاً كشَعرِ الزّنْجِ والنُّوبَة فهو حينئذ ذَمٌّ.
وفي حديث المُلاعَنَة «إِن جاءَت به جَعْداً» قال ابن الَأثير : الجَعْد في صِفات الرِّجال يكون مَدْحاً وذَمًّا ، ولم يذْكر ما أَرادَهُ النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هل جاءَت به على صِفة المدْح أَو الذّمّ. كجَعْدِ اليَدَيْن وجَعْدِ الَأنامِلِ ، وهو البَخيلُ.
قال الَأصمعيّ : زَعَمُوا أَنَّ الجعْدَ السَّخيُّ. قال : ولا أَعرِف ذلك ، والجَعْدُ البَخيلُ ، وهو معروف ، قال كُثيِّر في السّخاءِ يمدح بعضَ الخلفاءِ :
إِلى الَأبيضِ الجَعْدِ ابنِ عاتِكةَ الّذي |
|
له فَضْلُ مُلْكٍ في البَرِيّة غالِبُ |
قال الَأزهريّ : وفي شِعر الَأنصار ذِكْرُ الجَعْدِ ، وُضِعَ مَوضِعَ المدْح أَبياتٌ كثيرة ، وهم من أَكثر الشُّعراءِ مَدْحاً بالجَعْد.
ومن المَجاز : رَجلٌ جَعْدُ القَفَا ، إِذا كَانَ لَئيم الحَسَبِ (١). وفي المصباح : (٢) يَرِد الجَعْدُ بمَعنَى الجَوادِ والكَريمِ والبَخيل واللَّئيم ، ويُقَابِل السَّبْط ، ويُوصف بقَططٍ كجَبَلٍ وكتِفٍ في الكُلّ.
ومن المَجَاز رَجلٌ جَعْدُ الَأصابعِ ، إِذا كان قَصيرهَا وجَعْد الجَنَان (٣) ، للبَخيل.
والجُعُودة في الخَدّ : ضدُّ الأَسَالةِ ، وهو ذَمٌّ أَيضاً.
يقال خَدٌّ جَعْدٌ ، أَي غَيرُ أَسِيل.
وبَعِيرٌ جَعْدٌ : كَثِيرُ الوَبَرِ وقد يُكنَى البَعيرُ بِأَبي الجَعْدِ.
وزَبَدٌ جَعْدٌ : مُتراكِبٌ مُجتمعٌ ، وذلك إِذا صار بعضُه فوق بعْضٍ على خَطْمِ البَعير أَو النَّاقَة ، يقال جَعْدُ اللُّغام ، بالضّمّ ، إِذا كَان مُتَرَاكم الزَّبَدِ ، قال ذو الرُّمّة :
تَنْجُو إِذا جَعَلَت تَدْمَى أَخِشَّتُها |
|
واعْتمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخَرَاطيمُ (٤) |
وأَبو جَعْدَةَ وأَبو جَعَادَةَ ، بفتْح فيهما ويُضمّ في الَأخير أَيضاً : كُنْيَةُ الذِّئب ، وفي بعض النُّسخ «كُنْيتَا الذِّئب» ، وليس له بنْتٌ تُسمَّى بذلك ، قال الكُمَيْت يَصفه :
ومُستَطْعِم يُكنَى بغَير بَناتِهِ |
|
جَعلْتُ له حظًّا من الزّادِ أَوْفَرَا |
وقال عَبِيد بن الأَبرص :
وقالوا : هي الخَمْرُ تُكنَى الطِّلا |
|
كما الذِّئبُ يُكنَى أَبا جَعْدَةِ |
أَي كُنَيْتُه حسنةٌ وعمَلهُ منْكرٌ. أَبو عُبيد يقول : الذَّئب وإِنْ كُنِيَ أَبا جَعْدةَ ونُوِّه بهذه الكُنْية فإِنّ فعْلَه غَيرُ حسن ، وكذلك الطِّلا (٥) وإِن كَان خاثِراً فإِنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الخَمرِ لإِسكارِه شاربَه ، أَو كلامٌ هذا معناه. وقيل : كُنِيَ بهما لبُخْله من قولهم : فُلانٌ جَعْدُ اليَديْن ، إِذا كان بَخيلاً. نقلَه شيخنا.
وبَنُو جَعْدَةَ : حَيٌّ من قَيس ، وهو أَبو حَيّ من العرب ، وهو جَعْدَةُ بن كَعْب بن رَبيعةَ بن عامر بن صَعصعةَ منهم النّابغةُ الجَعْديُّ الشاعرُ المشهور ، وسيأْتي ذِكْر النَّوابغِ في الغين إِن شاءَ الله تعالى.
ومن المَجاز وَجْهٌ جَعْدٌ ، أَي مُستدِيرٌ قَلِيلُ المِلْح (٦) ، كذا في الُأصول وهو الصّواب ، وفي بعض النَّسخ «اللَّحْم» بدل المِلْح.
والجَعْدَة : الرِّخْلُ ، بكسر الراءِ وسكون الخاءِ المعجمة ، وكَكَتِفٍ : الأُنثَى من وَلَدِ الضَّأْن ، نقله الصّاغَانيّ. قيل : وبها كُنِيَ الذِّئب ، لأَنّه يَقْصِدها لضَعْفِها وطِيبها. كذا في مجمع الأَمثال.
__________________
(١) الأساس وشاهده قوله : ...
... إِني أراك رجلا كداكا |
|
جعد القفا قصيرة رجلاكا |
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله وفي المصباح الخ ، لا وجود لذلك في المصباح الذي بيدي».
(٣) الأساس : وجعد البنان : للبخيل.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله تنجو : أي تُسرع السير ، والنجاء السرعة ، وأخشتها جمع خِشاش وهي حلقة تكون في أنف البعير ، كذا في اللسان».
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : الطِّلاء.
(٦) في القاموس المطبوع : «قليل اللحم» وبهامشه عن نسخة أخرى : «قليل الملح».