دائماً ، أَو لوُضوحه ، أَو نحو ذلك مما يُبديه النّظَرُ وتَقتضِيه قواعِدُ العربيّة. ونَصْبُه بإِضمارِ فعْل ، وكأَنك قلت : أَلْزمَه الله وَيْحاً ، كذا في الصّحاح واللّسان. وفي الفائق للزّمخشريّ ، أَي أَتَرحَّمه تَرحُّماً. وزاد في الصّحاح : وأَما قولهم : فَتعساً لهم ، وبُعْداً لثَمود ، وما أَشبه ذلك فهو منصوبٌ أَبَداً لأَنّه لا تَصِحُّ إِضافتُه بغير لامٍ ، لأَنّك لو قلْتَ فتعسَهم أَو بُعْدَهم لم يَصلُح ، فلذلك افترقَاً.
ولك أَن تقول : وَيْحَ زيدٍ ووَيْحَه ، ووَيْلَ زَيْدٍ ووَيْلَه.
بالإِضافَة ، نَصْبُهما به ، أَي بإِضمار الفِعْل أَيضاً ، كذا في الصّحاح ، وربما جُعِل مع «ما» كلمةً واحدةً.
وقيل : وَيْحمَا زيدٍ بمعْنَاهُ ، أي هي مثلُ وَيْح كلمة ترحُّم قال حُميدُ بنُ ثورٍ :
أَلَا هيَّمَا مِمّا لَقِيتُ وهَيَّمَا |
|
ووَيْحٌ لمن لم يَدْرِ مَا هُنّ وَيْحَمَا |
ووجدْت في هامش الصّحاح ما نصُّه : لم أَجِدْه في شعْره. أَو أَصلُه أَي أَصْلُ وَيْح ويّ ، وكذلك ويّس ووَيْل وُصلَّت بحاءٍ مَرَّةً فقيل : وَيْح وبلام مرَّة فقيل وَيْل وستأْتي ، وبباءٍ مرّةً فقيل وَيْب ، وقد تقدّم ، وبسِينِ مرّة فقيل وَيْس ، كما سيأْتي ، وسيأْتي الكلام عليها في محلِّهَا. وكذا ويّك ، ووَيْه وويْح. قال سيبويه : سأَلتُ الخليلَ عنها فزعم أَنّ كلّ مَن نَدِم فأظهر نَدَامَتَه قال : وَيْ ، ومعناها التَّنديمُ والتَّنبيه.
قال ابن كَيْسَان : إِذا قالوا وَيْلٌ له ووَيْحٌ له ، ووَيْسٌ له ، فالكلام فيهنّ الرَّفعُ على الابتداءِ ، واللام في موضعَ الخبرِ ، فإِن حُذِفَتْ اللامُ لم يكن إِلّا النصب كقوله : وَيْحَه ووَيْسَه.
فصل الياءِ
التحتية مع الحاءِ المهملة
[يوح] : يُوحٌ ويُوحَى ، بضمِّهما من أَسماءِ الشَّمْس.
قال شيخنا : كَتْبه بالحمرةِ مُؤْذِنٌ بأَنَّ الجوهريّ لم يذْكرهُ ، وليس كذلك ، فإِنه قد ذكرَه في الموحّدة ، وأورد الخلاف هناك (١) فأغنى عن إِعادته هنا ، انتهى.
قلْت : ووجدْت في هامش الصّحاح منقولاً من خطِّ الإِمام أَبي سهل ما نصُّه : يُوحُ ويُوحَى من أَسماءِ الشمس ، وذكرَ ذلك أَبو عليّ الفارسيّ في الحلبيَّات عن المبرد ، انتهى.
قلت : هذه العبارة تتمّة من كلام ابن بَرِّيّ ، فإِنه قال : لم يذْكر الجوهريّ في فصل الياءِ شيئاً ، وقد جاءَ منه يُوحُ اسمٌ للشَّمس. قال وكان ابن الأَنباريّ يقول هو بوحُ ، بالباءِ ، وهو تصحيف. وذكره أَبو عليّ الفارسيّ في الحلبيّات عن المبرّد بالياءِ المعجمة باثنتين ، وكذلك ذكره أَبو العلاءِ المعرّيّ في شعره فقال :
ويُوشَع ردَّ يُوحَى بَعضَ يَوم |
|
وأَنْتَ مَتَى سَفَرْتَ رَدَدْتَ يُوحَا |
قال : ولمّا دَخَلَ بَغدادَ اعتُرض عليه في هذا البَيتِ فقيل له : صحَّفتَه ، وإِنّما هو بوحُ بالبَاءِ ، واحتجُّوا عليه بما ذكره ابنُ السِّكِّيت في أَلفاظه ، فقال لهم : هذه النُّسخ التي بأَيديكم غيَّرها شُيوخُكم ، ولكن أَخرجوا النُّسخَ العَتِيقة فأَخرَجُوها فوجدوها بالتّحتيّة كما ذكرَه أَبو العلاءِ. وقال ابن خالَويه : هو يُوحُ ، بالياءِ المعجمة باثنتين وصحَّفه ابن الأَنباريّ فقال : بُوحُ ، بالموحدة. وجرَى بين ابنِ الأَنباريّ وبين أبي عُمَر الزاهدِ كلّ شيْءٍ حتَّى قالت الشّعراءُ فيهما ، ثم أخرجا (٢) كتاب الشَّمس والقَمر لأَبي حاتم السِّجستانيّ فإِذا هو يوح بالياءِ المعجمة باثنتين ، وأَما البوح بالبَاءِ فهو النَّفْسُ لا غيرُ.
وقال ابن سيده : يُوحُ : الشَّمْسُ ، عَنْ كُرَاع ، لا يدخله الصَّرف ولا الأَلف واللام ، والذي حكاه يعقوبُ بوحُ ، انتهى.
وفي حديث الحسن بن عليّ : «هل طَلَعَتْ يُوحِ» ، يعني الشَّمس. وهو من أَسمائها ، كبَراحِ وهما مبنيّان على الكسر. قال ابن الأَثير : وقد يقال فيه يُوحَي ، على مثال فُعْلَى.
ومن سَجعات الأَساس : جعلَكَ اللهُ أَعْمَرَ من نُوح ، وأَنْوَرَ من يُوح.
ونقل شيخنا عن السَّفاقسيّ في إِعراب الفاتحة : قيل :
__________________
(١) بالأصل «هنا» خطأ.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله أخرجا ، الذي في اللسان أخرجنا».