وأَقمَحَ أَقمَحَ السُّنْبُلُ : جَرَى فيه الدَّقِيقُ ، تقول : قد جَرَى القَمْحُ في السُّنْبُل وقد أَقمَحَ البُرُّ. قال الأَزهَرِيّ : وقد أَنضَجَ ونَضِجَ.
ومن المجاز : أَقمَحَ الغُلُّ الأَسِيرَ ، إِذا تَرَكَ رأْسَه مَرفُوعاً لِضيقِه ، فهو مُقْمَح ، وذلك إِذا لم يَترُكه عَمودُ الغُلّ الذي يَنخُس ذَقَتَهُ أَن يُطأْطئ رأْسَه ، كما في الأَساس. وقال ابن الأَثير : قوله تعالى : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ) هي كِنايةٌ عن الأَيدِي لا عنِ الأَعناقِ ، لأَنّ الغُلّ يَجْعَل اليدَ تلي الذَّقنَ والعُنُقَ وهو مُقاربٌ للذَّقن. قال الأَزهريّ : وأَراد عزوجل أَنّ أَيديَهم لما غُلّتْ عند أَعناقهم رَفعَت الأَغلالُ أَذقَانَهم ورؤسَهم صُعُداً كالإِبل الرّافعةِ رُؤُوسها.
وشَهْرَا قُمَاحٍ ، ككِتَاب وغُرَابِ : شَهْرَا الكانُونِ ، لأَنَّهما يُكْرَه فيهما شُرْبُ الماءِ إِلّا عَلَى ثُفْلٍ ، قال مالك بن خالدٍ الهُذَلّي :
فَتًى ما ابْنُ الأَغرِّ إِذَا شَتَوْنَا |
|
وحُبَّ الزّادُ في شَهْرَيْ قُمَاحٍ |
رُوي بالوَجهين ، وقيل سُمِّيَ بذلك لأَنّ الأَبِلَ فيهما تُقَامِحُ عن الماءِ فلا تَشْربُه. قال الأَزهريُّ : هُمَا أَشَدُّ ما يَكُونُ من البَرْدِ ، سمِّيا بذلك لِكَراهَة كلِّ ذي كَبِد شُرْبَ الماءِ فيهما ، ولأَنّ الإِبل لا تَشرب فيهما إِلّا تعذيراً ، وقال شمِرٌ : يقال لشَهْرَيْ قُماح : شَيْبَانُ ومِلْحَانُ.
والقِمْحَى والقِمْحَاة ، بكسرِهما : الفَيْشَةُ ، بالفَتْح ، والقِمْحَانَةُ ، بالكسر : ما بينَ القَمَحْدُوَةِ ونُقْرَةِ القَفَا.
ومن المجاز قَمَّحَهُ تَقميحاً ، إِذا دفعَه بالقَلِيل عَنْ كثيرٍ مما يَجِبُ له. كما يفعل الأَميرُ الظالمُ بمن يَغْزُو معه ، يَرْضَخُه أَدنى شيْءٍ ويَستأْثر عليه بالغَنِيمَة. كذا في الأَساس (١).
والقامحُ : الكَارهُ للماءِ لأَيَّةِ عِلَّةٍ كانت ، كالعِيافة له ، أَو قِلّة ثُفْلٍ في جَوْفه أَو غيرِ ذلك مّما ذكرَ.
وعن الأَزهريّ : قال الليث : القامِح من الإِبلِ ما اشْتَدّ عَطشُه حتّى فَتَرَ شَديداً. وبَعيرٌ مُقمَحٌ وقد قَمَحَ يَقْمَحٌ من شِدّة العَطش قُموحاً ، وأَقْمحَه العَطشُ فهو مُقمَح. قال الله تعالى : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) : خاشعون لا يَرفَعُون أَبصارَهم.
قال الأَزهريّ : كلُّ ما قالَه الليَّث في تفسير القَامح والمُقَامِحِ ، وفي تفسير قوله عزوجل (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) فهو خَطأٌ ، واهل العربيّة والتفسيرِ على غيرِه. فأَمّا المُقامِح فإِنّه رُوِي عن الأَصمعيّ أَنه قال (٢) : بعيرٌ مُقَامِحٌ وناقَةٌ مُقَامِحٌ ، إِذَا رَفَعَ رأْسَه عن الحَوْضِ ولم يَشْرَبْ وجمعه قِمَاحٌ. وروي عن الأَصمعيّ أَنّه قال : التَّقَمُّح : كراهَةُ الشُّرْب قال وأَما قوله تعالى (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) فإِنّ سَلمةَ روَى عن الفرّاءِ أَنّه قال : المُقْمَح الغاضُّ بصرَه بعد رَفْعِ رأْسه. وقد مرّ شيءٌ منه.
واقْتَمَحَ البُرُّ : صار قَمْحاً نَضِيجاً هكذا في سائر النسخ ، والذي في اللسان وغيره : أَقمَحَ البُرُّ ، كما تقول أَنضَجَ ، صَرَّحَ به الأَزهريّ وغيرُه ، فلينظر ذلك.
واقتَمحَ النَّبِيذَ والشَّرَابَ واللَّبنَ والماءَ : شَرِبَه كقَمِحَه.
وقال ابن شُميل : إِنّ فُلاناً لقَمُوحٌ للنَّبِيذ ، أَي شَرُوبٌ له.
وإِنّه لقَحُوفٌ للنَّبيذ. وقَمِحَ السّوِيقَ قمْحاً ، وأَمّا الخُبْز والتّمر فلا يقال فيهما قَمِحَ ، إِنّمَا يُقَال القَمْحُ فيما يُسَفّ.
وفي الحديث «أَنّه كانَ إِذا اشتَكَى تَقَمَّحَ كَفًّا من حَبَّةِ السَّوداء».
* ومما يستدرك عليه :
قال اللَّيْث : يقال في مثَلٍ «الظمأُ القَامح خيرٌ من الرِّيِّ الفاضِح». قال الأَزهريّ : وهذا خلافُ ما سمِعناه من العرب ، والمسموع منهم : «الظمأُ الفادِحُ خير من الرِّيِّ الفاضِح» ومعناهُ العطش الشّاقّ خيرٌ من رِيٍّ يفضَح صاحبَه.
وقال أَبو عُبَيْدٍ في قول أُمِّ زَرْع : «وعِندَه أَقُولُ فلا أقَبَّح ، وأَشرَبُ فأَتقمَّح» ، أَي أروى حتّى أَدَعَ الشُّرْبَ. أَرادَتْ أَنّهَا تَشْرب حتّى تروَى وتَرْفَعَ رَأْسَهَا. ويُرَوَى بالنُّون. قال الأَزهَريّ : وأصْل التقَمُّح في الماءِ ، فاستعارَتْه للّبَنِ ، أرادَت أَنَّهَا تَرْوَى من اللبَن حتى تَرفَع رأْسَها عن شُرْبِه كما يَفْعَلُ البَعِيرُ إِذا كرِهَ شُرْبَ الماءِ.
__________________
(١) عبارة الأساس : كما يفعل الأمراء الظلمة بمن يغزو معهم يرضخونه أدنى شيء أو يستأثرون بالغنائم.
(٢) كذا بالأصل واللسان ، وفي التهذيب : فأما المقامح فإِن الإِيادي أقرأني لشمر عن أبي عبيد عن الأصمعي أنه قال.