وزعَمَ المَرْزُوقِيُّ في شرح الفصيح : أَنّ شَتَّان مصدرٌ ، ولم يُستعملْ فعلُه ، وهو مبنيٌّ على الفتح ؛ لأَنه موضوعٌ موضعَ الفِعْل الماضي ، تقديرُه : شتَّ زيدٌ ، أَي : تَشتَّت ، أَو تَفَرَّق جِدًّا.
وقال ابنُ عُصفورٍ : وزعم الزَّجَّاجُ أَنَّه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الفعل ، جاءَ على فَعْلان ، مخالف أَخواته فبُنِيَ لذلك. وقال أَبو عثمانَ المازنيُّ : شَتّانَ وسُبْحَانَ ، ويجوز تَنْوِينُهما ، اسْمَيْنِ كانا أَو في موضعهما.
وقال أَبو عليّ الفارسيّ ، في التَّذْكِرةِ القصريّة ، بعد أَنْ نقل قولَ المازنِيّ : شَتّانَ إِذا كان في موضعه. فهو اسْمٌ للفعل ، وهو شَتّ بمنزلة صَهْ ، فإِنْ نَوَّنْتَهُ ، فهو نَكِرةٌ ، وإِنْ لم تُنَوِّنْه ، فهو معرفة ، فإِن نقلت شَتّانَ عن أَنْ يكونَ اسْماً للفِعل ، فجعلته اسْماً للتَّشتيت معرفةً ، صارَ بمنزلة :
سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ
في أَنَّهُ اسمٌ للتَّنْزِيه ، معرفةٌ. وصَحَّحَ ابنُ أُمّ قاسم في شرح الخُلاصة : أَنَّ شَتَّانَ اسمُ فِعْل ، بمعنى تَباعَدَ وافْتَرَقَ.
قال : وذهبَ أَبو حاتِم والزَّجّاجُ إِلى أَنّها مصدرٌ جاءَ على فَعْلانَ ، وهو واقع موقِعَ الفعل.
قلتُ : وقد تقدَّم نصُّ كلام الزَّجّاج وقال الرَّضِيّ : إِنّها تَدُلُّ على التَّعَجُّب ، وإِنَّ معنى شَتَّانَ زيدٌ : ما أَشدَّ الافتراقَ : وقال ابنُ جِنِّي : شتّانَ وشَتَّى ، كسَرْعَانَ وسَكْرَى ، يعنِي : أَنّ شتَّى ليس مؤنَّث شَتّان ، كسَكْرَان وسَكْرَى ، وإِنّما هما اسمانِ تَوارَدا وتَقابلَا في عُرْضِ اللُّغة من غير قَصْدٍ.
قلتُ : فعلى هذا قولُهم في قول جميلٍ :
أُرِيدُ صَلاحَها وتُرِيد قَتْلِي |
|
وشتَّى بين قَتْلي والصَّلَاحِ |
إِنّه (١) لضرُورة الشّعر ، محلُّ تأَمُّلٍ.
ومحْمُودُ بن شُتَّى ، بالضَّمِّ (٢) : مُحَدِّثٌ رَوَى عن أَبي الحسن عليّ بن أَحمدَ الخرستانيّ ، وعنه ابنُ خَلِيلٍ.
وعُمرُ بنُ السَّكَن بن شَتُّويَه الوَاسِطيّ عن أَبي عبد الله الضَّرير ، بحديث كذب.
[شحت] : * وممّا يُستدرَكُ عليه ، هنا : شَحَتَ السِّكّينَ : إِذا شَحَذهُ ، أَثْبَتهُ ابنُ الأَثير ، وقال في النّهاية في الحديث (٣) : «هَلُمِّي المُدْيَة ، فاشْحَتِيها بحَجَرٍ ، أَو سُنِّيها» ويقالُ بالذّال ، وأَنكرَه الجَوْهَرِيّ والزَّمْخَشرِيّ ، وتَبِعَهُما المَجْدُ حتَّى زعَم الحَرِيرِيُّ في دُرَّة الغوّاصِ أَنَّه من أَوهام الخواصّ. وقال شيخُنا : إِذا ثبَت الحديثُ ، فهو أَفصحُ الكلام.
[شخت] : الشَّخْتُ ، بعد الشين خاءٌ : هو الدَّقيقُ الضّامِرُ من الأَصْلِ لا هُزَالاً أَي : لا مِن الهُزال ، هكذا قَيَّدَه في لسان العرب وغيرِه من الأُمَّهات ، فلا عِبرَة بقول شيخِنا : هذا القيدُ خَلَتْ عنه الدَّواوينُ المشهورةُ. وقيل : الشَّخْتُ : هو الدَّقِيقُ من كُلِّ شيْءٍ ، حتّى إِنّه يُقال للدَّقيقِ العُنُقِ والقوائمِ : شَخْتٌ ومنهم مَنْ يُحَرِّكُ الخاءَ ؛ وأَنشد :
أَقاسِيمُ جَزَّأَها صانِعٌ |
|
فمِنْها النَّبيلُ ومنها الشَّخَتْ |
والأُنْثى شَخْتَةٌ. وج شِخَاتٌ ، بالكسر. وقد شَخُتَ ، كَكرُمَ ، شُخُوتةً ، فهو شَخْتٌ ، وشَخِيتٌ.
وفي حديث عُمَرَ ، رضياللهعنه ، قال للجِنّيّ : «إِنّي أَراك ضَئيلاً شَخِيتاً».
الشَّخْتُ ، والشَّخِيتُ : النَّحِيفُ الجِسْمِ ، الدَّقِيقةُ.
ويقالُ للحَطَب الدَّقيقِ : شَخْتٌ.
ويقال : إِنَّه لشَخْتُ الجُزَارَةِ : إِذا كان دَقيقَ القَوَائِمِ ؛ قال ذُو الرُّمَّةِ :
شَخْتُ الجُزارَةِ مثْلُ البَيْتِ سائرُهُ |
|
مِن المُسُوحِ خِدَبٌّ شَوْقَبٌ خَشِبُ (٤) |
وإِنّه لشَخْتُ العَطاءِ : أَي قليلُه.
__________________
(١) يعني حذف نون شتان.
(٢) في إحدى نسخ القاموس : كرُبَّى.
(٣) ورد الحديث في النهاية في مادة شحث بالثاء وفيه : «... فاشحثيها بحجر».
(٤) خدب عن التهذيب واللسان ، وبالأصل «حدب» وفي اللسان (جزر) :
«سحب الجزارة مثل البيت سائره ...»
والجزارة : اليدان والرجلان والعنق لأنها لا تدخل في أنصباء الميسر وإنما يأخذها الجزار جزارته.