وقيل : سَكَتَ ، تَعمَّدَ السُّكُوتَ.
وأَسْكَتَ : أَطْرَقَ من فِكْرَةٍ ، أَو داءٍ ، أَوْ فَرَقٍ.
وفي حديث أَبي أُمامَةَ : «وأَسْكَتَ ، واسْتَغْضَبَ ، ومكَثَ طَويلاً» أَي : أَعْرَض ولم يَتكلَّمْ. ويقال : ضَرَبْتهُ حتّى أَسْكَتَ ، وقد أَسْكَتَتْ حَركَتُه.
فإِنْ طال سُكُوتُه من شَرْبَةٍ أَو داءٍ ، قيلَ : به سُكَاتٌ. وساكَتَنِي فسَكَتُّ.
وأَصاب فلاناً سُكاتٌ : إِذا أَصابَهُ داءٌ مَنَعَه من الكلام.
وعن أَبي زَيْد : صَمَتَ الرَّجُلُ وأَصْمَتَ ، وسكَتَ وأَسْكَتَ ، وأَسْكَتَه الله وسَكَّتَه ، بمعنًى.
ورمَيْتُهُ بسُكاتَةٍ أَي : بما أَسْكَتَهُ. وفي المُحْكَمِ : رماهُ بصُمَاتَةٍ وسُكَاتَةٍ ، أَي : بما صَمَتَ مِنْهُ وسَكَتَ. قال ابنُ سِيدَهْ : وإِنّما ذكرْت الصُّمَاتَ هنا ، لأَنَّه قَلَّما ، يُتَكلَّمُ بسُكاتَةٍ ، إِلّا مع صُماتَةٍ ، وسيأْتي ذِكرُه في موضعه.
والسّكُوتُ من الإِبِل : الَّتي لا تَرْغُو عند الرَّحْلَة ، قال ابْنُ سِيدَه : أَعني بالرَّحْلَة هنا وَضْعَ الرَّحْلِ عليها.
وقد سَكَتَتْ سُكُوتاً ، وهُنَّ سُكُوتٌ ؛ أَنشد ابنُ الأَعرابيّ :
يَلْهَمْنَ بَرْدَ مائِهِ سُكُوتَا |
|
سَفَّ العَجُوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتَا |
قال : وروايةُ أَبي العلاءِ :
يَلْهَمْنَ بَرْدَ مائِه سُفُوتا
من قولك : سَفِتَ الماءَ : إِذَا شَرِبَ منه كثيراً ، فلم يَرْوَ ، وأَراد بارِدَ مائِه ، فوضعَ المصدرَ موضِعَ الصِّفة ، كما قال :
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا |
|
تأْكُلُ بعدَ الخُضْرةِ اليَبِيسَا |
وفي التَّهْذِيب (١) : السَّكْتَةُ في الصَّلاةِ أَن تَسْكُتَ بعدَ الافتتاح ، وهي تُسْتَحَبُّ وكذلك السَّكْتَة بعدَ الفَرَاغ من الفاتحة.
وفي الحديث : «ما تقولُ في إِسْكَاتَتِك؟» قال ابنُ الأَثِيرِ : هي إِفْعَالةٌ من السُّكُوت ، معناه : سُكُوتٌ يَقْتَضِي بعدَه كَلاماً ، أَو قِراءَةً مع قِصَرِ المُدَّة. وقيل : أَراد بهذا السُّكوت ترْكَ رفْعِ الصَّبوْتِ بالكلام ، أَلَا تراه قال : ما تقولُ في إِسكاتَتِكَ؟ أَي سُكُوتِكَ عن الجَهْرِ دُونَ السُّكُوتِ عن القِراءَةِ ، والقول.
وسَكَت الغَضبُ ، مثل سَكَنَ : فَتَرَ. وفي التَّنْزيل العزيز : (وَلَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) (٢). وقال الزَّجّاج معناه : ولمَّا سَكَنَ. وقيل : لمَّا سَكَتَ مُوسى عن الغَضبِ ، على القَلْب ، كما قالُوا أَدْخلْتُ القَلَنْسُوَة في رأْسِي (٣) والمَعْنَى أَدْخلْتُ رَأْسِي في القلَنسُوَة. قال : والقوْل الأَوّل الذي معناهُ سَكنَ ، هو قولُ أَهلِ العَرَبيّة ، قال : ويقال : سَكَتَ الرَّجلُ ، يَسْكُتُ ، سَكْتاً : إِذا سَكَنَ. وسَكَت ، يَسْكُتُ ، سُكُوتاً ، وسَكْتاً : إِذا قَطَعَ الكلامَ ، ونقلَهُ شيخُنا عن بحْر أَبي حَيّان ، ولكن ادَّعَى في سَكَت الرَّجُلُ أَنَّ مصدره السُّكُوتُ فقط ، وأَورَد به على المؤلِّف حيثُ لم يُمَيِّزْ بينهما مع أَنَّ المنقول عن الأَئمة خِلافُ ذلك ، كما قدَّمْنا.
وسَكَتَ الحَرُّ : اشْتَدَّ ، ورَكدَتِ الرِّيحُ. وأَسْكَتَتْ حَرَكَتُه : سَكَنَتْ. وأَسْكَتَ عن الشَّيْءِ : أَعرضَ.
وفي الأَساس : تَكلّمَ ثُمّ سَكَتَ (٤) وإِذا أُفْحِمَ ، قِيل : أُسْكِتَ. وللحُبْلَى صَرْخَةٌ ثمّ سَكْتَة. وهذه هاءُ السَّكْتِ.
ومن المَجَاز : فلانٌ سُكَيْتُ الحَلْبَةِ ، للمُتخلِّفِ (٥) في صَنْعَتِه. وسُكْتَانُ (٦) ، كعُثْمَانَ : قَريةٌ ببُخارَى ، منها : أَبو سَعِيدٍ
__________________
(١) عبارة التهذيب : والسكتتان في الصلاة تستحبان أن تسكت بعد الافتتاح سكتة ثم تفتح القراءة فإذا فرغت من القراءة سكت أيضاً سكتة ثم تفتح ما تيسر من القرآن». وما أثبت في الأصل عن التهذيب ، هي عبارة اللسان.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٥٤.
(٣) عن التهذيب ، وبالأصل «على رأسي» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله على رأسي المعروف في التمثيل : في رأسي وبدل له قوله : والمعنى».
(٤) عن الأساس ، وبالأصل «أسكت» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله ثم أسكت كذا بخطه ، والذي في الأساس : ثم سكت ، وهو ظاهر».
(٥) عن الأساس ، وفيه صناعته بدل صنعته. وفي الأصل : «للمتأنق» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله للمتأنق ، عبارة الأساس «للمتخلف».
(٦) كذا بالأصل وفي اللباب ومعجم البلدان سكبيان وضبطت في المعجم بفتح أوله وسكون ثانيه وباء موحدة وياء مثناة وآخره نون.