ورأَيت في هامش الصّحاح ما نَصُّه : ذِكْرُه مَذْحِج خَطأٌ من وَجهين : أَوَّلاً قوله : مَذْحِج مِثال مَسْجِد ، يدلّ على أَنّ الميم زائدة ، لأَنه ليس في الكلام جَعْفِر ، بكسر الفاءِ ، وفيه مَفْعِل ، مثل مَسْجِد ، فدلّ على زيادة الميم ؛ فكان الواجب أَن يورده في «ذحج». وإِن كانت الميم أَصليّة كما ذكره عن سيبويه ، فكيف يقال : مثل مسجد؟ وثانياً إِذا ثَبت أَنّ الميم أَصليّة ، وَجبَ أَن يكون «مَذْحَج» مثل جَعْفَرٍ ، وهذا لم يَقُلْه أَحدٌ. بل تعرّض لِما أَوردَه سيبويه ، فإِنه قد رُوِيَ في كتاب سيبويه «مَأْجَج» فصحّفه بمَذْحِج. وميم «مَأَجَج» أَصليّة ، وهو اسم موضع.
وذكر ابن جِنّي في كتابه المُنْصِف (١) كلاماً مثل هذا فقال : وقد قال بعضُهم إِنّ «مَذحِج» قبائلُ شَتَّى ، مَذْحَجَت أَي اجْتَمعت. فإِنْ كان هذا ثَبْتاً في الّلغة ، فلا بُدّ أَن تكون الميم زائدةً ، وتكون الكلمةُ مَفْعِلا ، لأَنّهم قد قالوا مَذْحِج.
فإِن جَعلت الميم أَصلاً كان وَزْنُ الكلمة فَعْلِلاً ، وهذا خطأٌ لأَنه ليس في الكلام اسم مثل جَعْفِر. فثبت أَنه مَفْعِل مثل مَنْهِج ، ولهذا لم يُصْرَف «نَرَجِسُ» اسم رَجل ، لأَنه ليس في الأَصول مثل جَعْفِر ، وقُضِيَ بأَن النُّونَ زائدةٌ مثلها في «نَضْرِب».
وقد تحامل شيخُنا هنا على المَجْد تَحامُلاً كُلِّيًّا ، وانتصر للجوهرِيّ بِمْلء شِدْقِه ، وخَرقَ الإِجماعَ. وقد سبق الرّدّ عليه في ذ ح ج والتنبيه على هامش الحاشية حين كتابتي في هذا المَحلّ. والله الموفِّق.
[مرج] : المَرْجُ : الفَضَاءُ ، وأَرضٌ ذاتُ كَلَإٍ تَرْعَى فيها الدَّوابُّ.
وفي التّهذيب : أَرضٌ واسعةٌ فيها نَبْتٌ كَثيرٌ تَمْرُجُ (٢) فيها الدَّوابُّ.
وفي الصّحاح : المَوْضِع الّذي تَرْعَى فيه الدَّوابُّ.
وفي المصباح : المَرْجُ : أَرْضٌ ذاتُ نَباتٍ ومَرْعىً ، والجمع مُروجٌ.
قال الشاعر :
رَعَى بها مَرْجَ رَبيعٍ مُمْرِجَا
(٣) والمَرْجُ : مصدر مَرَجَ الدّابَّة يَمْرُجُها ، وهو إِرسالُها للرَّعْيِ في المَرْج. وأَمْرَجَها : تَرَكَها تَذْهَبُ حيثُ شاءَتْ.
وقال القُتَيْبِيّ : مَرَجَ دَابَّتَه : خَلّاها ، وأَمْرَجَها : رَعاهَا.
ومن المَجاز : المَرْجُ. الخَلْطُ. ومنه قوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ (يَلْتَقِيانِ) (٤) العَذْبَ والمِلْحَ ، خَلَطَهما حتّى التْقيَا.
ومعنى (لا يَبْغِيانِ) (٥) : أَي لا يَبغِي المِلْحُ على العَذْب فيخْتَلط وهذا قولُ الزّجّاج. وقال الفرَّاءُ : يقول : أَرْسَلهما ثم يَلتقيانِ بعدُ. قال وهو كلامٌ لا يَقولُه إِلّا أَهلُ تِهَامَة. وأَمّا النَّحويّون فيقولون : أَمْرَجَهما : أَي خَلَّاهما ثم جَعَلهما لا يَلتبِس أَحدُهما بالآخَرِ. وعن ابن الأَعرابيّ : المَرْجُ : الإِجراءُ. ومنه (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) أَي أَجْراهما. قال الأَخفش : ويقول قَومٌ : أَمْرَجَ البَحرينِ مثل مَرَجَ البِحْرِينِ ، فعَل وأَفْعَل بمعنًى.
ومَرْجُ الخُطَباءِ ، بخُراسان في طَريق هَرَاةَ ، يقال له : «بل طم» وهو قَنْطَرةٌ. ووجدْت في هامش الصّحاح بخطّ أَبي زَكريّا : قال أَبو سَهْلٍ : قال لي أَبو محمّد : قال الجوهريّ : مَرْجُ الخُطباءِ على يَوْمٍ من نَيْسابُورَ ، وإِنّما سُمِّيَ هذا الموضِعُ بالخُطباءِ ، لأَنّ الصَّحابَة لما أَرادوا فَتْحَ نَيسابورَ اجتمعوا وتَشاوَرُوا في ذلك ، فخَطَب كلُّ واحدٍ منهم خُطبةً.
ومَرْجُ راهِطٍ بالشَّام ومنه يوم المَرْجِ ، لمَرْوانَ بنِ الحَكَم على الضَّحّاكِ بن قَيْسٍ الفِهْريّ ومَرْجُ القَلْعَةِ ، محرَّكَة (٦) منزلٌ بالبادِيَة بين بَغدادَ وقَرْمِيسِينَ.
ومَرْجُ الخَليجِ : من نواحي المَصيِّصَةِ بالقُرْب من أَذَنَةَ ومَرْجُ الأَطْراخُونِ (٧) ، بها أَيضاً. ومَرْجُ الدِّيباجِ : بقُرْبِها
__________________
(١) الأصل : «المصنف» خطأ.
(٢) ضبطت في اللسان بالبناء للمعلوم ، وهو ما أثبتناه ، وضبطت في التهذيب بالنباء للمجهول.
(٣) ممرجا هذا ضبط الديوان ، وفي التهذيب بفتح الراء ، وفي اللسان بفتح الميم والراء جميعها ضبط قلم.
(٤) سورة الرحمن الآية ١٩.
(٥) سورة الرحمن الآية ٢٠.
(٦) كذا في القاموس ، وفي الصحاح واللسان : القلعة : بفتح اللام. وفي معجم البلدان ضبطت بالقلم بفتح اللام.
(٧) عن القاموس ، وبالأصل : الأطراخوان.