في اسم المصدر هو المعروف في قواعدِ اللُّغويّين والصَّرفيّين. وحكَى بعضٌ فيه الفَلَجَ ، محرَّكَةً ، فهو مستدرك عليه.
قال الزَّمَخْشَريّ في شرح مقاماته : الفُلْجُ والفَلَجُ ـ كالرُّشْد والرَّشَد ـ : الظَّفَر. ومِثْلُه في الأَساس. ونَقَلَه شُرّاحُ الفَصِيح.
وفي اللسان : والاسمُ من جميع ذلك الفُلْجُ والفَلَجُ ، يقال : لِمَن الفُلْجُ والفَلَجُ؟.
قلت : هو نصُّ عِبَارةِ اللِّحْيَانيّ في النَّوادر. وقال كُراع في المُجرَّد : يقال في المصدر من فَلَجَ : الفُلْج ، بضمّ الفاءِ وتسكين اللّام ، والفَلَجُ ، بفتح الفاءِ واللّام.
قلت : وقد أَنكَره الدَّمَامِينيّ ، وتَبِعَه غيرُ واحِدٍ ، ولم يُعوّل عليه.
والفَلْجُ : القَسْمُ ، في الصّحاح : فَلَجْتُ الشيْءَ أَفْلِجْه ، بالكسر ، فَلْجاً : إِذا قَسَمْته.
وفي المحكم واللسان : فَلَجَ الشَّيْءَ بينهما يَفْلِجُه ، بالكسر ، فَلْجاً : قَسَمَه بِنصْفَيْن. وهو التَّفْريق والتَّقْسِيم ، كالتَّفْليجِ. ومنهم من خَصَّه بالمال ، باللَّام ، وآخرون بالماءِ الجارِي ؛ والكلُّ صحيحٌ. قال شَمِرٌ : فَلَّجْتُ المالَ بينهم : أَي قَسَمْته. وقال أَبو دُواد :
فَفريقٌ يُفْلِّجُ اللَّحْمَ نِيئَاً |
|
وفَرِيقٌ لِطَابِخِيهِ ، قُتَارُ |
وهو يُفَلِّجُ الأَمْرَ ، أَي يَنظر فيه ويُقَسِّمه ويُدَبِّره ؛ كذا في اللسان والمصباح ، وسيأْتي القولْ الثاني.
والفَلْجُ أَيضاً : الشَّقُّ نِصْفَيْنِ. يقال : فَلَجْت الشيْءَ فِلْجَيْن ، أَي شَقَقْته نِصْفَيْن ، وهي الفُلُوجُ ، الوَاحِد فَلْج وفِلْجٌ.
والفَلْج : شَقُّ الأَرْضِ للزِّرَاعَة ، يقال ؛ فَلَجْت الأَرْضَ للزِّراعَة ، وكلُّ شَيْءٍ شَقَقْتَه فقد فَلَجْتَه.
والفَلْجُ في الجِزْيَة : فَرْضُها ، وفي نُسخة شيخنا التي شَرَحَ عليها «والجِزْيَةَ : فَرَضَهَا» ثمّ نقلَ عن شفاءِ الغليل : أَنه مُعَرَّب.
وفي حديث عُمَرَ «أَنه بَعثَ حُذَيفَةَ وعُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ إِلى السَّوَادِ ففَلَجَا الجِزْيَةَ على أَهْلَها» (١) فَسَّرَه الأَصمعيّ فقال : أَي قَسَمَاها ، وأَصلُه من الفِلْج ، وهو المِكْيَالُ الذي يُقَال له : الفَالِجُ. قال : وإِنّمَا سُمِّيَت القِسْمَةُ بالفَلْجُ لأَنّ خَرَاجَهُم كان طعاماً.
وفي الأَساس : وفَلَجُوا الجِزْيَةَ بينَهُم قَسَمُّوهَا. وفَلِّجْ بين أَعْشِرائِك لا تَخْتَلِطْ ، أَي فَرِّقْ (٢).
وفي المحكم والتهذيب واللسان فَلَجْتُ الجِزْيَةَ على القَوْمِ : إِذا فَرَضْتَهَا عليهم. قال أَبو عُبيد : هو مأْخُوذٌ من القَفيزِ الفالِجِ.
وفَلَجَ القَوْمَ ، وعَلَى القَوْمِ ، يَفْلُجُ ويَفْلِج ، بالضّمّ والكسر ، فَلْجاً ، واقتصر الجماهيرُ على أَن الفعْل الثلاثيَّ منه كنَصَرَ لا غيرُ ، وبه صَرَّحَ في الصّحَاح (٣) وغيره ، قاله شيخُنَا.
ثمّ إِن هذا الذي ذَكرْناه من الوَجْهَيْن إِنما هو في : فَلَج القَوْمَ : إِذا ظَفِرَ بهم. والمصنِّف يدَّعي أَنه في الكُلّ من فَلَجَ : إِذا ظَفِرَ ، وفَلَجَ : إِذا قَسَمَ ، وفَلَجَ : إِذا شَقّ ، وفَلَج : إِذا فَرَض. ولم يُصَرِّحْ بذلك أَربابُ الأَفعال. فالمعروف في فَلَجَ : إِذا قَسَمَ ، أَنه من حَدِّ ضَرَب لا غيرُ ، وما عَدَاهَا كَنَصَر لا غَيْرُ ، فلتُرَاجَعْ في مَظَانِّهَا. ثم إِنه لم يتعرَّض لتَعْدِيَتِه بنفْسِه أَو بأَحَدِ الحُرُوف. فالمشهورُ الذي عليه الجمهورُ أَنه يتَعَدَّى بعَلَى ، واقتصر عليه في الفصيح ونَظْمه. وصَرَّحَ ابنُ القَطَّاع بتعْدِيته بنفْسه ، وتابَعَه جماعةٌ.
وعن ابن سيده : الفَلْجُ : ع ، بين البَصْرَة وحِمَى ضَرِيَّةَ مُذكَّر. وقيل : هو وَادٍ بطريقِ البَصْرةِ إِلى مكَّة ، ببطْنِه منازلُ للحاجِّ ، مَصْرُوفٌ. قال الأَشْهَبُ بنُ رُمَيْلةَ :
وإِنّ الّذي حَانَتْ بفَلْجٍ دِمَاؤُهمْ |
|
هُمُ القَوْمُ كلُّ القَوْمِ يا أُمَّ خالدِ |
وقيل : هو بَلدٌ. ومنه قِيل. لطريقٍ مأْخَذُهُ من البَصرَةِ إِلى اليمامَةِ : طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ. قال ابن بَرّيّ : النّحويّون يستشهدون بهذا البيت على حذف النّون من «الذين»
__________________
(١) النهاية واللسان : أهله.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله بين أعشرائك ، قال في الأساس : وهي أنصباء الجزور.
(٣) لم يرد في الصحاح.