ولا يَلْبَثُ الفِتْيَانُ أَنْ يَتَفَرَّقُوا |
|
إِذا لَمْ يُزَوَّجْ رُوحُ شَكْلٍ إِلى شَكْلِ |
قال شيخنا : وفيه إِيماءٌ إِلى أَنّ الآية تكون شاهداً لِمَا حكاه الفَرّاءُ ، لأَن المرادَ منها القِرَانُ لا التَّزويجُ المعروفُ ، لأَنه لا تَزْويجَ في الجَنَّة. وفي «واعي اللغة» لأَبي محمد عبد الحقّ الأَزْديّ : كلُّ شَكْل قُرِنَ بصاحبه : فهو زَوجٌ له ، يقال : زَوَّجْت بين الإِبلِ : أَي قَرَنْت كلَّ واحدٍ بواحِدٍ.
وقوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) (١) أَي قُرِنَتْ كلُّ شِيعةٍ بمَن شايَعتْ. وقيل : قُرِنتْ بأَعمالها. وليس في الجَنَّةِ تَزْوِيجٌ. ولذلك أَدخَلَ البَاءَ في قوله تعالى (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) وقال الزَّجّاج في قوله تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) (٢) الأَزْوَاجُ : القُرَناءُ والضُّرَباءُ والنُّظَرَاءُ.
وتقول : عندي من هذا أَزْواجٌ : أَي أَمثالٌ. وكذلك زَوْجَانِ من الخِفَافِ ، أَي كلُّ واحدٍ [منهما] (٣) نَظِيرُ صاحِبِه. وكذلك الزَّوْجُ المَرْأَةُ ، والزَّوْجُ المَرْءُ ، قد تَنَاسَبا بعَقْدِ النِّكَاحِ.
وقوله تعالى (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) (٤) إِي يَقْرِنهم ، وكلُّ شيئينِ اقترنَ أَحدُهما بالآخَر فهما زَوْجَانِ. قال أَبو منصورٍ : أَراد بالتَّزْوِيجِ التَّصْنِيفَ ، والزَّوْج : الصِّنْف. والذَّكَرُ صِنْف ، والأُنثى صِنْف.
وتَزَوَّجَه النَّومُ : خالَطَه.
والزّاجُ : مِلْحٌ م أَي معروف. وقال اللَّيْث : يقال له الشَّبُّ اليَمَاني وهو من الأَدوية ، وهو من أَخْلاط الحِبْر.
والزِّيجُ ، بالكسر : خَيْطُ البَنَّاءِ كشَدّاد ، وهو المِطْمَر ، وهما مُعَرَّبانِ ، الأَول عن زَاك ، والثاني عن زِه ، وهو الوَتَر ؛ كذا في «شِفاءِ الغَليل». وفي «مفاتيح العلوم» : «الزِّيج :كتابٌ يُحسَب فيه سَيْرُ الكواكبِ ، وتُسْتَخْرَجُ التَّقْوِيماتُ ، أَعِني حِسابَ الكواكبِ سَنَةً سَنَةً ، وهو بالفارسيّة زِه ، أَي الوَتَر ، ثم عُرِّبَ فقيل : زِيجٌ ، وجمعوه على زِيجَةٍ كقِرَدَة».
بَقيَ أَن المصنّف أَورد الزِّيج في الواو إِشارة إِلى أَنه واويٌّ. وليس كذلك بل الأَوْلَى ذِكرُهَا في آخِرُ الموادّ ، لكونها مُعرّبةً. فإِبقاؤها على ظاهرِ حُرُوفِها أَنْسبُ. قاله شيخُنا. وقال الأَصمعيّ في الأَخير : لست أَدري أَعربيٌّ هو أَم مُعرّب.
وزَاج بَينهم وزَمَجَ : إِذا حَرَّشَ وأَغرَى. وقد تقدّم.
وقيل : إِن زاج مهموز العين ، فليس هذا محلّ ذِكْره.
ومن المجاز : تَزاوَجَ الكَلامانِ وازْدَوَجَا. وقالوا على سَبِيلِ المُزاوَجَة هو والازْدِواجُ بمعنًى واحدٍ. وازْدَوَجَ الكلامُ وتَزاوَجَ : أَشْبَهَ بَعضُه بعضاً في السَّجْعِ أَو الوَزْن ، أَو كان لإِحْدَى القَضِيَّتينِ تَعَلُّقٌ بالأُخرَى.
ومن المجاز أَيضاً : أَزْوَجَ بينهما وزَاوَجَ ، كذا في الأَساس.
وفي اللسان : والافتعالُ من هذا البابِ ازْدَوَجَت (٥) الطَّيرُ ازْدِوَاجاً فهي مُزْدَوِجَةٌ.
وتَزاوَجَ القَوْمُ وازْدَوَجُوا : تَزَوَّجَ بعضُهُم بعضاً. صَحَّت في ازْدَوَجُوا لكَوْنِهَا في معنى تَزَاوَجُوا.
* ومما يستدرك عليه :
الزَّوَاج ، بالفتح ، من التَّزويجِ : كالسلَّامِ من التَّسليمٍ.
والكسرُ فيه لغة ، كالنِّكاح وَزْناً ومعنًى ، وحَمَلُوه على المُفَاعَلَة ، أَشار إِليه الفَيّوميّ.
والزِّيج : عِلْمُ الهَيْئةِ.
وزايجة : صُورَةٌ مُرَبَّعَة أَو مُدَوَّرَةٌ تُعْمَل لموضِعِ الكواكبِ في الفَلَك ، [ليُنْظَر] في حكم المَوْلِد ، في عبارة المُنجِّمين ؛ ونقله عن «مفاتيح العلوم» للرازيّ.
وزاجٌ : لقبُ أَحمدَ بنِ منصورٍ الحَنْظَلِيّ المحدِّث (٦).
[زهزج] : الزَّهْزَجُ كجَعفر بالزَّاءَيْنِ ، هكذا في نسختنا ، والذي في اللسان وغيره الزَّهْرَج ، بالراءِ قبل الجيمِ : وهو عَزيفُ الجِنّ وجَلَبتُها ، أَي حكايةُ أَصواتِها ، ج زَهَازجُ ذَكَره. الأَزهريُّ في ترجمة سمهج من أَبيات.
تَسْمَعُ للجِنِّ بها زَهَازِجَا
__________________
(١) سورة التكوير الآية ٧.
(٢) سورة الصافات الآية ٢٢.
(٣) زيادة عن التهذيب.
(٤) سورة الشورى الآية ٥٠.
(٥) في اللسان والتهذيب : ازدوج.
(٦) بالأصل هنا «زردج» وقد نقلناها إلى موضعها حسب ترتيبنا إلى ما بعد مادة «زرج».