في مَرضِه ، وأَرادَ بأَكفَانِه (١) ثِيابَهُ الّتي عليه ، لأَنّه قَدّرَ أَنها ثيابُه التي يُدْفَن فيها ، وخَفْقُهَا : ضَرْبُ الرِّيحِ لها ، وأَراد بجابرٍ جَابِرَ بنَ حُنَيٍّ التَّغْلَبِيّ ، وكان معه في بلادِ الرُّومِ ، فلما اشتَدَّت عِلّتُه صَنَعَ له من الخَشَبِ شيئاً كالقَرِّ يُحْمَل فيه ، والقَرُّ : مَرْكَبٌ من مَراكبِ الرِّجَال بَينَ الرَّحْلِ والسَّرْجِ ، قال : كذا ذَكرَه أَبو عُبَيْد ، وقال غيرُه : هو الهَوْدَجُ.
وفي التّهْذيب : وحَرَجُ النَّعْشِ : شِجَارٌ من خَشَبٍ جُعِلَ فوقَ نَعْشِ المَيتِ ، وهو سَرِيرُه.
قال : وأَمّا قولُ عَنترةَ يَصفُ ظَلِيماً وقُلُصَه :
يَتْبَعْنَ قُلَّةَ رَأْسِهِ وكأَنَّهُ |
|
حَرَجٌ علَى نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ |
هذا يَصفُ نَعامةً يَتبعُهَا رِئالُها ، وهو (٢) يَبسُط جنَاحَيْهِ ، ويَجْعَلُها تحتَه.
قال ابنُ سِيدَه : والحَرَجُ : مَرْكَبٌ للنِّساءِ والرِّجَال ، ليس له رَأْسٌ.
ومن المجازِ : ودَخَلُوا في الحَرَج وهو جَمْعُ الحَرَجَة ، وهو اسمٌ لمُجْتَمِعِ الشَّجَرِ ، وهي الغَيْضَةُ ، لضيقِها ، وقيل :الشَّجَرُ المُلْتَفّ ، وهي أَيضاً الشّجَرَةُ تكون بين الأَشجار لَا تَصِلُ إِليها الآكِلةُ ، وهي ما رَعَى من المالِ ، ويُجْمع أَيضاً على أَحْرَاجٍ وحَرَجَاتٍ ، قال الشاعر :
أَيا حَرَجَاتِ الحَيِّ حِينَ تَحَمَّلُوا |
|
بذِي سَلَمٍ لاجَادَكُنَّ رَبِيعُ |
وحِرَاجٌ ، قال رُؤبةُ :
عاذَا بِكُمْ من سَنَةٍ مِسْحَاجِ |
|
شَهْبَاءَ تُلْقِي وَرَقَ الحِراجِ |
وهي المَحَارِيجُ.
وقيل : الحَرَجَةُ تكون من السَّمُرِ والطَّلْحِ والعَوْسَجِ والسَّلَمِ والسِّدْرِ.
وقيل : هو ما اجتمعَ من السِّدْرِ والزَّيْتُونِ وسائِرِ الشَّجَرِ.
وقيل : هي مَوضعٌ من الغَيْضةِ تَلتَفُّ فيه شَجَرَاتٌ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ ، قال أَبو زيد : سُمِّيَت بذلك ؛ لالتِفافها ، وضِيقِ المَسْلَكِ فيها.
وقال الأَزهَرِيُّ : قال أَبو الهَيْثَم : الحِرَاجُ : غِياضٌ من شَجَرِ السَّلَمِ مُلْتَفَّةٌ ، (٣) لا يَقدِرُ أَحدٌ أَن يَنْفُذَ فيها ، وفي حديث حُنَيْن : «حتى تَرَكُوهُ في حَرَجَةٍ» وفي حديث مُعَاذِ بنِ عَمرٍو «نَظَرْتُ إِلى أَبي جَهْلٍ في مثْلِ الحَرَجَةِ» وفي حديث آخَرَ : «أَنّ مَوْضِعَ البَيتِ كانَ في حَرَجَةٍ وعِضَاهٍ».
ومن المجاز الحَرَجُ جمعُ حَرَجَةٍ للجَمَاعَةِ من الإِبِلِ.
وقالَ ابنُ سِيدَه : الحَرَجَةُ : مائَةٌ من الإِبِلِ.
والحَرَجُ : الإِثْمُ والحُرْمَةُ ، وفِعْلُه حَرِجَ كفَرِحَ (٤) ، يقال :
حَرِجَ عليهِ السَّحُورُ ، إِذا أَصبحَ قبلَ أَن يَتَسَحَّرَ ، فحَرُمَ عليه ؛ لضِيقِ وَقتِه ، وحَرِجَ عَلَيَّ ظُلْمُكَ حَرَجاً ، أَي حَرُم ، وهو مَجَاز.
والحَرَجُ من الإِبِلِ : التي لا تُرْكَبُ ، ولا يَضْرِبُهَا الفَحْل ؛ ليكُونَ أَسْمَنَ لَهَا ، إِنما هي مُعَدَّةٌ ، قال لَبِيد :
حَرَجٌ في مِرْفَقَيْهَا كالفَتَلْ
قال الأَزْهَريّ : هذا قولُ اللّيْثِ ، وهو مَدْخُولٌ.
والحُرْجُ بالضَّم : ع ، موضع مَعْرُوفٌ.
والحِرْجُ بالكَسر : الحِبَالُ تُنْصَبُ للسَّبُعِ ، قاله المُفَضَّل ، قال الشاعر :
وشَرُّ النَّدَامَى مَن تَبِيتُ ثِيابُه |
|
مُجَفَّفَةً (٥) كَأَنَّهَا حِرْجُ حَابِلِ |
والحِرْجُ : الثِّيابُ تُبْسَطُ (٦) على حَبْلٍ لِتَجِفَّ ، ج حِراجٌ ، كجِبَال في جميعها ، كذا في التهذيب.
والحِرْجُ : الوَدَعَةُ ، والجمعُ أَحْرَاجٌ وحِراجٌ.
__________________
(١) اللسان : بالأكفان.
(٢) كذا بالأصل واللسان ، وفي التهذيب : وهي تبسط جناحيها وتجعلها تحتها.
(٣) في التهذيب : «والحَرَجَة من شدة التفافها لا يقدر ..».
(٤) في إحدى نسخ القاموس : (وفعله حرج كفرح).
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : مخففة.
(٦) ضبطت في المطبوعة الكويتية : «تُبَسَط» تصحيف.