عُدَيْس ، فَعَلَى هذا يُوَجَّه ما قَالَه شَيْخُنَا.
والسِّرْبُ في قولِه صلىاللهعليهوسلم : «مَنْ أَصْبَح آمِناً في سِرْبه مُعَافىً في بَدَنِه عِنْدَه قُوتُ يَوْمه فَكَأَنَّما حِيزَت لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها» ـ ويُرْوَى الأَرْضُ ـ القَلْبُ. يقال : فلان آمِنُ السِّرْب أَي آمِنُ القَلْبِ. والجمع سِرَابٌ ، عن الهَجَرِيّ. أَنشد :
إذَا أَصْبَحْتُ بَيْنَ بَني سُلَيْمٍ |
وبينَ هَوَازِنٍ أَمِنَتْ سِرَابِي |
وقيل : هو آمِنٌ في سِرْبِه ، أَي فِي قَوْمِه. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : السِّربُ في الحَدِيثِ : النَّفْسُ. ومثْلُه قَوْلُ الثِّقَاتِ مِن أَهْلِ اللُّغَة : فلانٌ آمِنُ السِّرْب : لا يُغْزى مَالُه ونَعَمُه لِعِزِّه. وفلان آمِنٌ في سِرْبه أَي فِي نَفْسِه ، وهو قَوْلُ الأَصْمَعِيّ ، ونَقَل عنه صَاحِبُ الغَرِيبَيْن. وقال ابن بَرِّيّ : هذا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَة ، وأَنْكَر ابْنُ دَرَسْتَوَيْه قَوْلَ مَنْ قَالَ : في نَفْسِه ، قال : وإنَّمَا المعنى ، آمِنٌ في أَهْلِه ومَالِه وَوَلَدِه ، ولو أَمِنَ على نَفْسِه وَحْدَهَا دُونَ أَهْلِه وَمَالِه وَوَلَده لَم يُقَلْ : هوَ آمِنٌ في سِرْبه. وإنما السِّرب هَاهُنَا ما لِلرَّجُل من أَهْلٍ ومَالٍ ، ولِذلِكَ سُمِّيَ قَطيعُ البَقَر والظِّبَاء والقَطَا والنِّسَاءِ سِرْباً ، وكأَن الأَصْلَ في ذَلك أَن يَكُونَ الرَّاعِي آمِناً في سِرْبِه ، والفَحْلُ آمِناً في سِرْبِه ، ثم اسْتُعْمِل في غَيْرِ الرُّعَاةِ اسْتِعَارَةً فِيمَا شُبِّهِ بِه ، ولذلك كُسِرَتِ السِّينُ. وقيل : هو آمِنٌ في سِرْبِهِ أَي في قَوْمِه. وقال القَزَّاز : آمِنٌ في سِرْبه أَي طَرِيقهِ. وقال الزَّمَخْشَرِيّ في الفَائِق : مَن أَصْبح آمناً في سَرْبه أَي في مُنْقَلَبه ومُنصَرَفهِ ، من قَوْلهم : خَلَّى سَرْبَه أَي طَرِيقهِ ، ورُوِي بالكَسْر أَي في حِزْبِه وعِيَاله ، مُسْتَعارٌ من سِرْبِ الظِّبَاء والبَقَرِ والقَطَا وقال أَبو حَنِيفَة : ويقال : السِّربُ : جَمَاعَة النَّحْلِ فيما ذَكَر بَعْضُ الرُّوَاة. قال أَبُو الحَسَن : وأَنا أَظُنُّه على التَّشْبِيهِ. والجَمْعُ أَسْرَابٌ. ويوجد في بَعْضِ النُّسَخ النَّحْلُ بالحاءِ المُهْمَلَة ، وهو خَطَأٌ والسُّرْبَةُ مِثْلُه كما سَيَأْتِي.
والسَّرَبُ بالتَّحْرِيكِ : جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَسَدِ والضَّبُع والذِّئْبِ. والسَّرَبُ : المَوْضِعُ الَّذِي يَدْخُل (١) فيه الوَحْشِيُّ والجمع أَسْرَابٌ. وانْسَرَبَ الوَحْشُ في سَرَبِه ، والثَّعْلَبُ في حُجْرِه.
وتَسَرَّبَ : دَخَل : والسَّرَبُ : الحَفِيرُ ، وقيل : بَيْتٌ تَحْتَ الأَرْضِ وسيأْتِي.
والسَّرَبُ : القَنَاةُ الجَوْفَاءُ يَدْخُل مِنْهَا الماءُ الحَائِطَ.
والسَّرَبُ : المَاءُ يُصَبُّ في القِرْبَةِ الجَدِيدَة أَو المَزَادَة ليبتَلَّ سَيرُها حتى تَنْتَفِخ فَتَنْسَدَّ مَواضِعُ عُيُونِ الخَرْزِ. وقد سَرَّبها تَسْرِيباً فَسَرِبَتْ (٢) سَرَبَاً. ويقال : سَرِّبْ قِرْبَتَك ، أَي اجْعَلْ فِيهَا مَاءً حتى تَنْتَفِخَ عُيُونُ الخُرَزِ فَتَستَدَّ.
والسَّرَبُ : المَاءُ السَائِلُ. قال ذُو الرُّمَّة :
مَا بَالُ عَيْنِك مِنْهَا المَاءُ يَنْسَكِبُ |
كأَنَّه مِنْ كُلَى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ |
ومنهم مَنْ خَصَّ ، فَقَالَ : السَّائِلُ مِن المَزَادَةِ ونَحْوِها.
وأَبُو الفَضْل مَحْمُودُ بنُ عبدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ الزاهِدُ الوَاعِظُ كان في حدود سنة ٤٧٠. وأُخْتُه ضَوْءٌ.
ومُبَشِّرُ بْنُ سعدِ بْنِ مَحْمُودِ السَّرَبيّون ، مُحَدِّثون.
ويقال : إنَّه لَقَرِيبُ السُّرْبَة بالضَّمِّ أَي قَرِيبُ المَذْهَب يُسْرعُ في حاجَتِه ، حكاه ثَعْلَبٌ. ويُقَالُ أَيْضاً بَعِيد السُّربَة أَي بَعِيدُ المَذْهَب في الأَرْض. قال الشَّنْفَرى ، وهو ابنُ أُخْتِ تَأَبَّط شَرّاً :
خَرَجْنَا مِنَ الْوَادِي الَّذِي بين مِشْعَلٍ |
وبين الجَبَى هَيْهَاتَ أَنْسَأَتُ سُرْبَتِي(٣) |
أَي ما أَبْعَدَ المَوْضِعَ الَّذِي مِنْهُ ابْتَدَأْتُ مَسِيري.
والسُّرْبَةُ : الطَّائِفَةُ من السِّرْب. والطّرِيقَة ، وكل طريقة سُرْبة. وجَمَاعَةُ الخَيْلِ ما بَيْنَ العِشْرِينَ إلَى الثَّلَاثِين ، وقيل : مَا بَيْن العَشَرَةِ إلى العِشْرِين.
والسُّرْبَةُ مِنَ القَطَا والظِّبَاءِ والشَّاءِ : القَطِيع. تقول : مَرَّ بِي سُرْبَةٌ «بالضم» أَي قِطْعَةٌ مِنْ قَطاً وخَيْلٍ وحُمُرٍ وظِبَاءٍ. قال ذُو الرُّمَّة يَصِفُ مَاءً :
__________________
(١) اللسان : الذي قد حلّ.
(٢) عن اللسان ، وبالأصل «فتسربت».
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله خرجنا الذي في الصحاح والتكملة غدونا ، وقوله الحسا كذا بخطه بالسين المهملة والذي فيهما أيضا الحشى بالشين المعجمة قال المجد والحشى موضع قرب المدينة.
وقال في مادة ح س ى والحساء ككتاب موضع». وما أثبتناه الجبى بدل الحسا من اللسان.