ومن المَجَاز يقال : هَبَّ فُلانٌ حيناً ، ثمّ قَدمَ ، أَي : غابَ دَهْراً ثمّ قَدمَ ، وهذا عن يُونُسَ. وناسٌ يقولون غابَ فلانٌ ثم هَبَّ ، وهو أَشْبَه ، قال الأَزهريّ : وكأَنّ الّذِي حُكِيَ عن يُونُسَ أَصلُه من هَبَّة الدَّهْرِ (١). وقال ابن الأَعْرَابيّ : هُبَّ ، بالضَّمّ : إِذا نُبِّهَ ، وهَبَّ ، بالفتح ، في الحَرْبِ : إِذا انْهَزَمَ.
ومن المجاز : هَبَّ فلانٌ يَفْعَلُ كَذَا ، كما تقولُ : طَفِقَ يَفعَل كذا.
ووقع بعض الأَحاديثِ «هَبَّ التَّيْسُ» أَي : هاجَ للسِّفادِ ، وقد تقدَّم.
وهَبَبْتُ بِهِ : (٢) دَعَوْتُهُ لِيَنْزُوَ ، فَتَهَبْهَبَ : تَزَعْزَعَ ، وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ : هَبَبْتُهُ ، خَطَأٌ. والّذي نقله المصنّف عن الصَّحاح ، هو الصَّحِيح ؛ ونَصُّه : هَبَبْتُهُ ، لا هَبَبْتُ به ، والنُّسْخة الّتي نقلت منها هي بخطّ ياقوت صاحبِ المُعْجَم ، موثوقٌ بها ؛ لأَنَّها قُوبِلَتْ على نسخة أَبي زَكَرِيّا التِّبْرِيزِيّ وأَبِي سَهْل الهَروِيّ. فقول شيخِنا : فيه نَظرٌ ، دلَّ على أَنّ كلامَهُ هو الخطأُ. فإِنّ هذا اللَّفظَ ، لم يَثْبُتْ في الصَّحاح ، ولا قاله الجوهريُّ ، وكأَنّ نُسخَتَهُ مُحرَّفةٌ ، فبَنَى (٣) على التَّحريف ، وخَطَّأَ بِناءً على التَّوْهِيم ، والجوهريّ هو العالم العَرِيف بأَنواع التَّصْرِيف ، فإِنّه إِنَّما قال : هَبْهَبْته ، بهاءَيْنِ وباءَيْن ، وهو الصَّواب ، انتهى ، مَحَلُّ تَأَمُّلٍ ونَظَرٍ. فإِنّ الصَّحيحَ ما ذكرناه منقولاً ؛ على أَنِّي رأَيتُ الصّاغانيَّ حدَّدَ سَهْمَ مَلامِه على الجَوْهَرِيِّ ، ونقل عنه مثلَ ما ذهبَ إِليه شيخُنا : وهَبْهبْته : دَعَوته ، هكذا في التكملة. والعجب من كلام شيخنا ، فيما بعد ، ما نَصَّه : فالمصنف ، رحمهالله تعالى ، زنّى ، فحدَّ. وإِلا فنسخنا المصححَة وغيرُها من نُسَخ راجعناها كثيرة ، كُلّها خالية عن دعواه ، انتهى ، وحَقيقٌ أَن ينشَد :
فَكَمْ من عائِبٍ قولاً صَحيحاً |
وآفَتُه من النُّسَخِ السَّقِيمَهْ |
والهَبْهَبَة ؛ السُّرْعةُ.
و : ترقْرُقُ السَّرَابِ ، أَي : لمعانُهُ. وقد هبْهَبَ هَبْهَبَةً.
والهَبْهَبَة : الزَّجْرُ ، والفِعْلُ منه : هَبْهبْ ، وبعضُهُم خَصَّهُ بالخَيْل ، وسيأْتي في : هاب ، وهو في روض السُّهيْليّ الّذي استدركه شيخنا ناقلاً عنه. وفي لسان العرب : وهَبْهَبَ : إِذا زَجَرَ ، فكيف يَدَّعِي أَنّ المصنِّف غَفَلَ عنه تقصيراً؟ يا للهِ لِلْعَجَبِ.
والهَبْهَبَةُ الانْتِبَاهُ من النَّوْم.
والهَبْهَبَةُ الذَّبْحُ ، يقال : هَبْهَبَ : إِذا ذَبَحَ.
والهَبْهَبِيُّ : الرَّجُلُ الحَسَنُ الحُدَاءِ.
وهو أَيضاً الحَسَنُ الخِدْمَةِ ، وكُل مُحْسِنِ مهْنَةٍ (٤) : هَبْهَبِيٌّ. وخصَّ بعضُهم به الطَّبّاخَ والشَّوَّاءَ. وعن ابنِ الأَعْرَابِيِّ : الهبْهَبِيُّ القَصّاب ، وكذلك الفَغْفَغِيّ.
والهَبْهَبِيُّ السَّرِيعُ ، والاسمُ الهَبْهَبَةُ ، وقد تقدّم ، كالهَبْهَبِ ، والهَبْهَابِ ، بالفتح فيهما. والهَبْهَبِيُّ الجَمَلُ الخَفِيفُ (٥) ، وهي بهاءٍ ، يقال : ناقةٌ هَبْهَبِيَّةٌ : سريعةٌ خَفِيفةٌ ؛ قال ابْنُ أَحْمَرَ :
تَمَاثِيلَ قِرْطاسٍ علَى هَبْهَبِيَّةٍ |
نَضَا (٦) الكُورُ عن لَحْمٍ لها مُتَخَدِّدِ |
أَراد بالتّماثِيل : كُتُباً يَكْتُبُونَها ، كذا في لسان العرب.
وفي الصحاح : الهَبْهَبِيُّ : رَاعِي الغَنَمِ (٧) ، واقتَصر على ذلك ، أَوْ تَيْسُها. وقد قدّمه ابْنُ منظور ، وأَنشد :
كَأَنَّهُ هَبْهَبِيٌّ نامَ عن غَنَمٍ |
مُسْتَأْوِرٌ في سَوادِ اللَّيْلِ مَذْؤُوبُ |
والهَبْهابُ : الصَّيَّاحُ ، كَكَتَّان.
والهَبْهابُ : اسْمٌ من أَسماءِ السَّرابِ ، وفي المحكم : الهَبْهَابُ : السَّرَابُ.
وهَبْهَبَ السَّرابُ ، هَبْهَبَةً : إِذا تَرَقرقَ.
__________________
(١) لم يرد في التهذيب ، وأثبته عن الأزهري في اللسان والتكملة.
(٢) في الصحاح واللسان : وهبهبته : دعوته .. ومثله في التكملة عن الصحاح ، قال الصاغاني : والصواب : وهبهبت به : دعوته.
(٣) في الأصل «فبقى» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله فبقى لعله فبنى بدليل ما بعده.
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «بهنة».
(٥) في اللسان : والهبهب والهبهبي : الجمل السريع.
(٦) كذا بالأصل واللسان والتكملة ، وفي التهذيب : جلا.
(٧) في الصحاح : الراعي.