وفي الأَساس ، ريحٌ هابَّةٌ ، وهَبَّت هُبُوباً ، وأَهَبَّها الله ، واسْتَهَبَّها. وجعل هَبَّ من نومه : انْتَبهَ ، من المَجَاز.
ومنهُ أَيضاً ، الهَبُّ : ال نَّشاطُ ما كانَ. ورَوَى النَّضْرُ بنُ شُمَيْل بإِسناده في حديثٍ رواه عن رَغْبَانَ (١) قال : «لقد رأَيتُ أَصحابَ رسولِ الله ، صلىاللهعليهوسلم ، يَهُبُّونَ إِلَيْهِما (٢) كما يَهُبُّونَ إِلى المكتوبة» ، يعني : الرَّكْعَتَيْنِ قبل المَغْرِب. أَي : يَنْهَضُونَ إِليهما (٣). قال النَّضْرُ : قولُهُ يَهُبُّونَ ، أَي : يَسْعَوْن.
وكُلُّ سائرٍ. هَبَّ ، يَهِبّ ، بالكَسْرِ ، هَبّاً ، وهُبُوباً : نَشِطَ.
وهُبُوبُه : سُرْعَتُه ، كالهِبَابِ ، بالكَسْرِ : النَّشاط. وهَبَّتِ النّاقةُ في سَيرها ، تَهُبُّ ، بالضّمّ (٤) ، هِبَاباً : أَسْرَعَت ، وحكى اللِّحْيَانيّ : هَبَّ البعيرُ ، مثلُه ، أَي نَشِطَ ، قال لَبِيدٌ :
فَلَها هِبابٌ في الزِّمامِ كأَنَّها |
صَهْباءُ راحَ مع الجَنُوب جَهَامُها |
وإِنَّه لَحَسَنُ الهِبَّة ، بالكَسْرِ يُرَادُ به الحالُ.
والهِبَّةُ : القِطْعَةُ من الثَّوْبِ.
والهِبَّةُ : الخِرْقَةُ. ج هِبَبٌ كعِنَبٍ ؛ قالَ أَبو زُبَيْدٍ :
غَذاهُمَا بدِمَاءِ القَوْمِ إِذْ شَدَنا |
فما يَزالُ لِوَصْلَىْ راكِبٍ يَضَعُ |
|
على جَنَاجِنِهِ من ثَوْبِهِ هِبَبٌ |
وفيه مِن صائكٍ مُسْتَكْرَهٍ دُفَعُ |
يَصِفُ أَسداً أَتى لِشِبْلَيْهِ [بوَصْلَىْ راكبٍ] (٥) والوَصْلُ : كلُّ مَفْصِل تامٍّ ، مثّل مَفْصِلِ العَجُزِ من الظَّهْر. والهاءُ في «جَنَاجِنِه» تعودُ إِلى الأَسد ؛ وفي «ثوبِه» إِلى الرّاكب.
وَيَضَعُ : يَعْدُو. والصّائِكُ : اللّاصِقُ.
ومن المَجَاز : الهِبَّةُ : مَضاءُ السَّيْفِ في الضَّرِيبَةِ ، وهِزَّتُهُ. وفي الصَّحاح : هَزَزْتُ السَّيْفَ والرُّمْحَ ، فهَبَّ هَبَّةً ؛ وهَبَّتُهُ : هِزَّتُهُ ، ومَضَاؤُه في الضَّرِيبَة. وحَكى اللِّحْيَانيُّ : اتَّقِ هَبَّةَ السَّيْفِ ، وهِبَّتَه. وسيف ذو هَبَّةٍ : أَي مضاءٍ في الضَّرِيبة ؛ قال :
جلا القَطْرُ عن أَطْلالِ سَلْمَى كأَنَّما |
جَلا القَيْنُ عن ذي هَبَّةٍ داثِرَ الغِمْدِ |
وإِنَّهُ لَذُو هَبَّةٍ : إِذا كانت له وقعة شديدة.
والهَبَّةُ ، أَيضاً : السّاعَةُ تَبْقَى من السَّحَرِ ، رواه الجوهريُّ عن الأَصمعيّ.
ومن المجاز : عِشنا بذلك هِبَّةً ، وهي الحِقْبَةُ من الدَّهْرِ ، كما يقال : سَبَّةً ، كذا في الصَّحاح ، وهو المَرْوِيُّ عن أَبي زيدٍ ، ويُفْتَحُ فِيهِما ، أَي : في اللَّذَيْن ذُكِرَا قريباً. وهذا غيرُ مشهورٍ عندَ أَئمّةِ اللُّغَة ، وإِنّما الوَجْهَانِ في الهَبَّة بمعنى هَزِّ السَّيْف ومَضائِهِ ، كما أَسلفناه آنِفاً. وأَمّا ما عداه ، فلم يُذْكَرْ فيه إِلّا الكسرُ فقط (٦).
وهَبَّهُ السَّيْفُ ، يَهُبّ ، هَبّاً ، وهَبَّةً بالفتح ، وهِبَّةً بالكسر.
وهذا كلامه يؤيّد (٧) ما قلناه. وعن شَمِر : هَبَّ السَّيْفُ ، وأَهْبَبْتُ السَّيْفَ : إِذا هَزَزْتَهُ ، فاهْتَبَّهُ ، وهَبَّهُ ، أَي : قَطَعَهُ.
ومن المَجَاز : الهِبَّةُ ، بالكسر : هِياجُ الفَحْلِ.
وهَبَّ التَّيْسُ ، يهِبُّ بالكسر ، وعليه اقتصر الجَوْهَرِيّ ، وهو القياس ، وَيَهُبُّ بالضَّمِّ شُذُوذاً ، وهو غيرُ معروفٍ في دَواوينِ اللُّغَة ، ولكنّا أَسلفنا النّقل عن أَبي جعفرٍ اللَّبْلِيّ أَنّه من جملة الأَفعال الثّمانية والعِشْرِين ، وبه صرَّحَ ابْنُ مالك.
ثمّ رأَيْتُ الصّاغانيَّ نقله عن الفَرَّاءِ (٨). فقولُ شيخِنا : في كلام المصنف نَظَرٌ ، لا يخلُو من تَأَمُّلٍ. هَبِيباً ، وهِبَاباً ، وهِبَّةً بالكسر فيهما : هاجَ ، نَبَّ لِلسِّفادِ ، كاهْتَبَّ ، وهَبْهَبَ. وقيلَ : الهَبْهَبَةُ : صوتُهُ عندَ السِّفاد. وفي المحكم : وهَبَّ الفَحْلُ من الإِبِل وغيرِها ، يَهِبُّ ، هِبَاباً ، وهَبِيباً ، واهْتَبَّ : أَرادَ السِّفادَ.
وهَبَّ السَّيْفُ ، يَهُبُّ ، هَبَّةً ، وهَبّاً : اهْتَزَّ. الأَخيرَةُ عن أَبي زيد. وأَهَبَّهُ : هَزَّهُ ، عن اللّحيانيّ. وقال الأَزهريّ : السَّيْفُ يَهُبُّ ، إِذا هُزَّ ، هَبَّةً. وقد تقدَّمَ.
__________________
(١) عن اللسان ، وبالأصل «زعبان».
(٢) عن التهذيب ، وفي الأصل «إليها».
(٣) في الأصل «إليها» وما أثبتناه عن التهذيب والتكملة.
(٤) ضبط اللسان : تَهِبُّ ضبط قلم.
(٥) زيادة عن اللسان.
(٦) ضبطت في التهذيب هبة بالفتح ضبط قلم. وفي اللسان أيضاً ضبط قلم بالكسر والفتح.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : قوله كلامه يؤيد لعله كله مؤيد.
(٨) وفي اللسان ضبطت يَهِبُّ ضبط قلم بالكسر والضم.