وكُنّا إِذا الجَبّارُ نَبَّ عَتُودُهُ |
ضَرَبْنَاهُ تَحْتَ الأُثْنَيَيْنِ على الكَرْدِ |
وعن ابْنِ سيدَهْ : الأُنْبُوبُ ، أَي بالضَّمِّ ، أَطلقه اعتماداً على الشُّهْرَة ، مِنَ القَصَبِ والرُّمْحِ كَعْبُهُما ، كالأُنْبُوبَةِ بالهاءِ. وقال اللَّيْثُ : الأُنْبُوبُ ، والأُنْبُوبَةُ : ما بَيْنَ العُقْدَتَيْنِ من القَصَب والقَنَاةِ. ومِثْلُهُ في الصَّحاح (١) ، إِلّا أَنَّهُ قال فيه : والجمعُ أُنْبُوبٌ ، وأَنابِيبُ. فظاهرُ عِبَارَةِ المصنّفِ أَنّ الأُنْبُوب واحِدٌ ، وما بَعْدَهُ لغَةٌ فيه. والمفهومُ من الصَّحاح أَنَّ الأُنْبُوبةَ واحِدٌ ، وأَنّ جمعه أُنْبُوبٌ ، بغير هاءٍ ، وجمع الأُنْبُوبِ أَنَابِيبُ ، فهُو جمْعُ الجمْعِ ؛ وأَنشد ابْن الأَعْرَابيّ :
أَصْهبُ هَدّارٌ لِكُلِّ أَرْكُبِ |
بِغِيلَة تَنْسَلُّ بَيْنَ الأَنْبُبِ |
يجُوزُ أَن يعنيَ بالأَنْبُبِ أَنابِيبَ الرِّئَةِ كأَنّهُ حذف زوائد أُنْبُوب ، فقال : نَبٌّ ؛ ثم كَسَّره على آنُبٍّ (٢) ، ثمّ أَظهر التّضعيفَ. وكلُّ ذلك للضَّرُورَةِ. ولو قال : بَيْنَ الأُنْبُبِ ، بضم الهمزة ، لكانَ جائزاً. وهو مُرادُ المُصَنّف بقوله : ولَعَلَّه مَقْصُورٌ منه ، أَي : من الأُنْبُوب ، صرّح به أَبو حَيّانَ ، ونقله الصّاغانيُّ. ويسوغُ حينَئِذٍ أَنْ يقولَ : بينَ الأُنْبُبِ ، وإِنْ كان يقتضي «بينَ» أَكثَرَ من واحِدٍ لِأَنَّهُ أَراد الجنسَ ، فكأَنَّه قالَ : بين الأَنابِيبِ.
ومن المجاز : ذَهَبَ في كُلِّ أُنْبُوب ، وهو مِنَ الجبَلِ الطَّرِيقَةُ النّادِرةُ فيه ، هُذَلِيَّةٌ ، قال مالِكٌ بْنُ خالِد الخُناعِيُّ (٣) :
في رأْسِ شاهِقَة أُنْبُوبُهَا خَضرٌ (٤) |
دُونَ السَّمَاءِ لها في الجوِّ قُرْنَاسُ |
ومن المجاز : لَهُ أُنْبُوبٌ ، أَي السَّطْرُ من الشَّجَرِ وغيرِهِ.
والأُنْبُوبُ : الأَرْضُ المُشْرِفَةُ إِذا كانت رَقِيقَةً مُرْتَفعَةً ، والجمع أَنابِيبُ. وعنِ الأَصمعِيِّ يُقَالُ : الْزَم الأَنْبُوبَ ، وهو الطَّرِيقُ ، والْزَم المَنْحَرَ ، وهو القَصْدُ. ومن المَجَازِ : أَنَابِيبُ الرِّئَة ، وهي مَخارِجُ النَّفَسِ منها ، على التَّشبيه بأَنابِيبِ النَّباتِ.
والنَّبَّةُ : الرّائحَةُ الكَرِيهَةُ ، والبَنَّةُ ، بتقديم المُوَحَّدَة : الرّائحة الطّيِّبَةُ ، نقله ابْنُ دُرَيْدٍ هكذا.
وتَنَبَّبَ الماءُ من كذا : تَسَيَّلَ منه ، وفي بعضِ النُّسخ : تَسَايَلَ ، ومنه أُنْبُوبُ الحَوْضِ لسيْلِ مائه ، أَو على التَّشْبِيه بأُنْبُوبِ القَصبِ ، لِكَوْنِهِ أَجوفَ مستديراً.
ونَبْنَبَ : إِذا طَوَّلَ عَملَهُ في تَحْسينٍ ، عن أَبي عمْرٍو.
من المَجاز نَبْنَبَ الرَّجُلُ إِذا حمْحَمَ ، وهَذَى عندَ الجِماعِ ، عنه أَيضاً ؛ وهو على التَّشْبِيهِ بِنَبِيبِ التُّيُوسِ.
ونَبَّبَ النَّباتُ تَنْبِيباً : إِذا صارَتْ له أَنابِيبُ ، أَي كُعُوبٌ.
ونَبَّبَتِ العِجْلةُ (٥) كذلك ، وهي بقْلَةٌ مستطيلةٌ مع الأَرض.
وأَنْبَابةُ ظاهرُ إِطلاقه الفتحُ ، وهكذا ضبطه الصّاغانيّ أَيضاً ، وقال ياقوت ، بالضمِّ : ة بالرَّيّ بالقُرْب منها من ناحيةِ دَنْباوَنْدَ. انتهى.
وأَنبابةُ : قريَةٌ أُخْرَى بِمِصْرَ من الجِيزَةِ على شاطِئ النِّيل ، منها المُحَدِّثُ الصُّوفِيُّ إِسماعيلُ بْنُ يُوسُفَ الأَنْصَارِيُّ الخَرْزَجِيُّ. وقد زُرْتُ مقامَهُ بها مِراراً ، رَوَى شيئاً من الحديث ، وغَلَبَ عليه التَّنَسُّكُ ، وقد حَدَّثَ بعضُ وَلَده.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : أُنْبُوبُ القَرْنِ : ما فَوْقَ العُقَد إِلى الطَّرَف.
ومن المجَاز : شَرِبَ من أُنْبُوبِ الكوزِ.
وتقولُ إِنِّي أَرى الشَّرَّ قَصَّبَ ، وشَعَّب ، ونَبَّبَ ، وكَعَّب.
ونَبَّ فُلانٌ [نَبِيباً] (٦) : طَلَبَ النِّكَاحَ.
وأَنَبَّهُ (٧) طُولُ العُزْبةِ.
* ونقل شيخُنَا عن بعض الحواشي ، كالمُستدرك على المُصنِّف : وفي الحديث : «من أَشْكَلَ بُلُوغُه ، فالإِنْبابُ دَلِيلُه».
__________________
(١) لم يرد ذكر القناة في الصحاح.
(٢) كذا ، وفي اللسان : أَنُبٍّ.
(٣) بالأصل «الخزاعي» وما أثبتناه عن جمهرة أنساب العرب فالخناعي نسبة إلى خُناعة بطن من سعد بن هُذيل. ومثله في اللسان والأساس.
(٤) في اللسان والأساس : خصر بدل خضر. وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله قرناس هو عرناس المغزل. قال الأزهري : هو صنارته كذا في اللسان.
(٥) عن اللسان ، وبالأصل «الفجلة».
(٦) زيادة عن الاساس.
(٧) عن الاساس ، وبالأصل «وأنببه».