وليس فَعُلَ بالضَّمّ يَفْعَلُ بالفتح سِوَى لَبُبْت ، بالضَّمّ ، تَلَبُّ بالفتح ؛ فإِن القاعدة أَنّ المضموم من الماضيات لا يكونُ مضارِعُهُ إِلّا مضموماً وشذّ هذا الحَرْفُ وحدَهُ لا نظيرَ له ، وهو الّذي صرّح به شُرّاحُ اللّامِيَّة والتَّسْهِيل وغَيْرُهم ، وحكاه الزَّجّاجُ عن العرب ، واليَزِيديُّ ، ونقله ابْنُ القَطّاع في صَرْفه ، زادَ : وحكى اليَزِيدِيُّ أَيضاً : لَبِبْتَ تَلُبّ ، بكسر عين الماضي ، وضَمِّها في المستقبل. قال : وحكاه يُونُسُ بضَمِّهما جميعاً. والأَعَمُّ لَبِبَ ، كفَرِح.
وفي المِصْباح ما يقضي أَنّ الضَّمَّ ، وإِن كان فيهما معاً ، قليلٌ ، شاذٌّ في المضاعف ، واقتصر في : لَبَّ ، على هذا الفعل ، وزاد عليه في دَمم حَرْفَيْنِ آخَرَيْنِ ، قال : دَمَّ الرَّجُلُ ، يَدَمُّ ، دَمَامَةً ، من بابَيْ : ضَرَبَ وتَعِبَ ، ومن بابِ قَرُبَ لغةٌ ، فيُقَال : دَمُمْتَ ، تَدُمُّ ، ومثلُهُ : لَبُبْتَ تَلُبُّ ، وشَرُرْتَ تَشُرُّ من الشَّرّ ، ولا يكادُ يُوجَدُ لها رابعٌ في المضاعَفِ.
وصرّح غيره بأَنّ الثّلاثةَ وَرَدَتْ بالضَّمّ في الماضي ، والفتحِ في المُضَارِع ، على خلاف الأَصلِ ، ولا رابعَ لها. وذكرها في الأَشباه والنظائر غيرُ واحد. والأَكثرونَ اقتصرُوا على لَبُبَ ، وبعضُهم عليه مع دَمُمَ ، وقالُوا : لا ثالثَ لهما. انتهى.
قال شيخُنا : دَمَّ نقلَها ابْنُ القَطّاع عن الخليل ، وشَرَّ : نَقَلَهَا ابْنُ هشامٍ في شرح الفصيح عن قُطْرُبٍ ، واقتصر القَزّاز في الجامع على : لَبَّ ، ودَمَّ ؛ وقال : لا نظيرَ لهما.
وزاد ابْنُ خالَوَيْهِ : عَزُزَتِ الشّاة : قلّ لَبَنُهَا. فتكون أَربعة. وقيَّدَ الفَيُّومِيُّ بالمُضَاعَف ، لأَنّه ورَدَ في غير المُضَاعَف نظائرُه ، وإِن كانت شاذَّة.
قال ابْنُ القَطّاع في كتاب الأَبْنِيَة له : وأَمّا ما كان ماضيه على فَعُلَ ، بالضَّمّ ، فمضارعه يأْتي على يَفْعُلُ ، بالضَّمّ ، ككَرُمَ وشَرُفَ ، ما خلا حرْفاً واحداً ، حكاه سِيبَوَيْه ، وهو : كُدْتَ تَكادُ ، بضمّ الكاف في الماضي ، وفتحها في المضارع ، وهو شاذٌّ ، والجَيِّدُ كِدْتَ تَكَادُ. وحكى غيرُه : دُمْتَ تَدام ، ومُتَّ تَماتُ ، وجُدْتَ تَجاد (١). ثم نقل لَبَّ عن الزجّاج واليَزِيديّ كما مَرَّ ، ودَمَّ عن الخليل ، وعَزَّ عن ابْنِ خالَوَيْهِ. ولم يتعرّض لِشَرَّ الّذي في المصباح. انتهى.
ويأْتي في ف ك ك : ولقد فَكُكْت ، كعَلِمت وكَرُمت ، فيستدرك على هذه الأَلفاظ.
واللَّبَبُ : مَوْضِعُ المَنْحَرِ من كُلّ شَيءٍ ، قيل : وبه سُمِّيَ لَبَبُ الفَرَس.
واللَّبَبُ : كاللَّبَّة ، وهو مَوْضِعُ القِلَادَةِ من الصَّدْرِ من كُل شَيْءٍ ، أَو النُّقْرَة فوقَه ، والجمع الأَلْبابُ. وفي لسان العرب : اللَّيَّةُ وَسَطُ الصَّدْرِ والمَنْحَرِ ، والجمع لَبّاتٌ ولِبابٌ ، عن ثعلب. وحكى الِّلحْيَانيُّ : إِنّهَا لَحَسَنةُ اللَّبَّاتِ ، كأَنّهم جعلوا كلَّ جزءٍ منها لَبَّةً ، ثم جمعوا على هذا. وقال ابْنُ قُتَيْبَةَ : هي العِظَامُ الّتي فَوْقَ الصَّدْرِ وأَسفَلَ الحَلْقِ بين التَّرْقُوتَيْنِ ، وفيها تُنْحَرُ الإِبِلُ. ومن قال : إِنها النُّقْرَةُ في الحَلْقِ ، فقد غَلِطَ. انتهى.
ومن المجاز : أَخَذَ في لَبَبِ الرَّمْل ، هو : ما اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمِل ، وانْحَدَرَ من مُعْظَمِهِ ، فصار بَيْنَ الجَلَدِ وغَلْظِ الأَرْض.
وقيل : لَبَبُ الكَثِيبُ : مُقَدَّمُهُ ، قال ذُو الرُّمَّةِ :
بَرَّاقَةُ الجِيدِ واللَّبَّاتِ واضِحَةٌ |
كأَنَّهَا ظَبْيَةٌ أَفْضَى بِها لَبَبُ |
قال الأَحْمرُ : مُعْظَمُ الرَّمْلِ : العَقَنْقَلُ ، فإِذا نَقَصَ ، قيل : كَثِيبٌ ، فإِذا نَقَصَ ، قِيلَ : عَوْكَلٌ ، فإِذا نَقَصَ ، قيل : سِقْطٌ ، فإِذا نقص ، قيلَ : عَدَابٌ ، فإِذا نَقَصَ ، قيلَ : لَبَبٌ.
وفي التهذيب : اللَّبَبُ من الرَّمْل : ما كان قَريباً من حَبْلِ الرَّمْل (٢).
واللَّبَبُ : معروفٌ ، وهو ما يُشَدُّ في ، وفي نسخةٍ : على صَدْرِ الدّابَّةِ ، أَو النّاقة ، كما في نسخة بدل الدَّابّةِ. قال ابْنُ سيدَهْ وغيرُهُ : يكون للرَّحْلِ والسَّرْج لِيَمْنَعَ اسْتِئْخَارَ الرَّحْلِ والسَّرْجِ ، أَي : يَمْنَعُهُمَا من التّأْخير ، ج أَلْبابٌ قال سيبويهِ : لم يُجاوِزُوا به هذا البِناءَ.
__________________
(١) عن كتاب الافعال لابن القطّاع ١ / ١٢ وبالأصل : وحدت تحاد.
(٢) في المجمل والمقاييس : اللبب من الرمل : ما كان متصلاً بسهل وقريباً من جبلٍ.