وذُو القَلْبَيْنِ : لَقَبُ أَبي مَعْمَرٍ جمِيلِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ الجُمَحِيّ وقيل : هو جَميلُ بْنُ أَسَدٍ الفِهْرِيُّ. كان من أَحفظِ العربِ ، فقيلَ له : ذُو القَلْبَيْنِ ، أَشار له الزَّمَخْشَرِيُّ.
ويُقَالُ : إِنَّهُ فيه نَزَلَتْ هذه الآية : ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ (قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (١) ، وله ذِكرٌ في إِسلامِ عُمَرَ ، رضياللهعنه ، كانت قُرَيْشٌ تُسَمِّيه هكذا.
ورَجُلٌ قَلْبٌ ، بفتح فسكون ، وقُلْبٌ بضَمّ فسُكون : مَحْضُ النَّسَب خالِصُه ، يستوي فيه المُؤَنثُ والمُذَكَّرُ والجَمْعُ ، وإِن شِئتَ ثَنَّيْتَ وَجَمَعْتَ ، وإِن شِئتَ تَركتَه في حال التَّثْنِيَةِ والجمعِ بلفظٍ واحد ، وقد قدّمتُ الإِشارَةَ إِليه فيما تقدَّمَ.
وأَبُو قِلَابَةَ ، ككِتابَة : عبدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ الجَرْمِيُّ ، تابِعيٌّ جليل ، ومُحَدِّثٌ مشهورٌ.
والمُنْقَلَبُ : يستعملُ لِلمَصْدَرِ ولِلْمَكَانِ كالمُنْصَرَف ، وهو مَصِيرُ العِبَادِ إِلى الآخِرَة ، وفي حديثِ دُعاءِ السَّفَرِ : «أَعُوذُ بك من كآبَةِ المُنْقَلَبِ» أَي : الانقلابِ من السَّفَر والعَوْدِ إِلى الوَطَن ، يعني : أَنَّه يعودُ إِلى بيته ، فيَرى ما يَحْزُنُه : والانقلاب : الرُّجُوعُ مُطْلَقاً.
والقُلَابُ ، كغُرابٍ : جَبَلٌ بدِيَارِ أَسَدٍ ؛ ودَاءٌ للْقَلْبِ.
وعِبَارَةُ اللِّحْيَانيِّ : داءٌ يأْخُذُ في القَلْب.
والقُلَابُ : دَاءٌ لِلْبَعِيرِ فيَشتكي منه قَلْبَه ، ويُمِيتُهُ مِنْ يَوْمِهِ وقيل : منه أُخِذَ المَثَلُ الماضي ذكرُه : «ما به قَلَبةٌ يُقَالُ : بَعِيرٌ مَقلوبٌ ، وناقةٌ مَقلوبةٌ. قال كُرَاع : وليس في الكلام اسْمُ داءٍ اشْتُقَّ من اسم العُضْوِ ، إِلا القُلابُ (٢) ، والكُبادُ من الكَبِدِ ، والنُّكَافُ من النَّكَفَتَيْنِ ، وهما غُدَّتَانِ تَكْتَنِفَانِ الحُلْقُومَ من أَصْلِ اللَّحْيِ.
وقَدْ قُلِبَ بالضَّمّ قُلَاباً (٣) ، فهو مقْلُوبٌ ؛ وقيل : قُلِبَ البَعِيرُ قُلَاباً (٣) : عاجَلَتْهُ الغُدَّةُ فمات ، عنِ الأَصْمَعيِّ.
و: أَقْلَبُوا : أَصابَ إِبِلَهُمُ القُلابُ ، هذا الدّاءُ بعَيْنِهِ. وقُلْبَيْنُ ، بالضَّمّ فسكون ففتح المُوَحَّدَة : ة ، بدِمَشْقَ ، وقد يُكْسَرُ ثالثُهُ ، وهي المُوَحَّدَةُ.
* ومما بقي على المؤلِّف من ضروريّات المادة : قَلَب عيْنَهُ وحِمْلَاقَةُ عندَ الوَعِيدِ والغَضَب ، وأَنشدَ :
قالِبُ حِمْلَاقَيْهِ قد كادَ يُجَنْ
وفي المَثَل : «اقْلِبِي قَلَابِ» يُضْرَبُ للرَّجُلِ يَقْلِبُ لِسانَهُ ، فيضَعُهُ حيثُ شَاءَ. وفي حَديث عُمَرَ ، رضياللهعنه : «بَيْنَا يُكَلِّمُ إِنساناً إِذا انْدَفَعَ جَرِيرٌ يُطْرِيهِ ويُطْنِبُ ، فأَقبلَ عليه [فقال] : (٤) ما تقولُ يا جَرِيرُ؟ : وعرَف الغضبَ في وجهِه ، فقال : ذَكَرْتُ أَبا بكرٍ وفَضْلَهُ ، فقال عُمَرُ : اقْلِبْ قَلَّابُ».
وسكت.
قال ابن الأَثِيرِ : هذا مَثَلٌ يُضْرَب لِمَنْ يكون منه السَّقْطَةُ ، فيتداركُها ، بأَنْ يَقْلِبها ، عن جِهتها ، ويَصْرِفَهَا إِلى غيرِ معناها ، يريد : اقْلِبْ يا قَلَّاب ، فأَسْقَطَ حرفَ النِّدَاءِ ، وهو غريبٌ لأَنّه إِنّما يُحْذَفُ مع الأَعْلَامِ. ومثلُه في المُسْتَقْصَى ، ومَجْمَعِ الأَمْثَالِ لِلمَيْدَانِيِّ.
ومن المَجاز : قَلَبَ المُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ : صَرَفَهم إِلى بُيُوتِهم ، عن ثعلب. وقال غيره. أَرسلَهم ورَجَعَهُمْ إِلى منازلِهم. وأَقْلَبَهم لغةٌ ضعيفةٌ ، عن اللِّحْيَانيّ. على أَنّه قد قال : إِنَّ كلامَ العربِ في كلِّ ذلك إِنّما هو : قَلَبْتُهُ ، بغيرِ أَلِفٍ : وقد تقدّمتِ الإِشارةُ إِليهِ. وفي حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ :«أَنّه كان يُقَالُ لِمُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ : اقْلِبْهُمْ ، أَي : اصْرِفْهُمْ إِلى منازلهم. وفي حديث المُنْذِرِ : «فاقْلِبُوهُ (٥). فقالوا : أَقْلَبْناهُ ، يا رَسُولَ اللهِ ، قال ابْنُ الأَثِيرِ : هكذا جاءَ في صحيح مسلم ، وصوابه : قَلَبْنَاهُ (٦).
ويَأْتِي القَلْبُ بمعنى الرّوحِ.
وقَلْبُ العَقْرَبِ : مَنْزِلٌ من منازلِ القمرِ ، وهو كَوكبٌ نَيِّرٌ ، وبجانِبَيْهِ كوكبانِ. قال شيخُنا : سُمِّيَ به لأَنّه في قلْب العقْرب. قالوا : والقُلُوبُ أَربعة : قَلْبُ العَقْرب ، وقلْبُ الأَسَد ، وقلبُ الثَّوْرِ وهو الدَّبَرانُ ، وقلبُ الحُوتِ وهو
__________________
(١) سورة الأحزاب الآية ٤. انظر تفسير القرطبي ١٤ / ١١٦.
(٢) في اللسان : القلاب من القلب.
(٣) كذا بالأصل والصحاح بضم القاف ، وضبطت في اللسان بكسرها.
(٤) زيادة عن اللسان والنهاية.
(٥) كذا في الأصل واللسان ، وفي صحيح مسلم : «فأَقْلَبوه» وفي النهاية «فأقْلِبوه».
(٦) زيد في النهاية : «أي رددناه.» والحديث في صحيح مسلم كتاب الآداب باب استحباب تحنيك المولود ... وجواز تسميته يوم ولادته.