قلتُ : وهذا الذي أَنكره شيخُنَا واستبعدَه نقلَه الصاغانيّ عن الكسائيّ ، ومَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ ، ويقال : رَجُلٌ رَكُوبٌ ورَكَّابٌ ، الأَوَّلُ عن ثعلب : كَثِيرُ الرُّكُوبِ ، والأُنْثَى رَكَّابَةٌ ، وفي لسان العرب : قال ابن بَرِّيّ : قَوْلُ ابن السّكّيت : مَرَّ بنا رَاكِبٌ إِذا كان على بعير خاصَّةً إِنما يريد إِذا لم تُضِفْه ، فإِن أَضَفْتَه جاز أَن يكون للبعيرِ والحِمَارِ والفَرَسِ والبَغْلِ ونحو ذلك فتقول : هَذَا رَاكِبُ جَمَلٍ ، ورَاكِبُ فَرَسٍ ، ورَاكِبُ حِمَارٍ ، فإِن أَتَيْتَ بجَمْعٍ يختصُّ بالإِبلِ لم تُضِفْه كقوله رَكْبٌ وركْبانٌ ، لا تقول (١) : رَكْبُ إِبِلٍ ولا رُكْبانُ إِبِلٍ ، لأَنَّ الرَّكْبَ والرُّكْبَانَ لا يكونُ إِلا لرُكَّابِ الإِبلِ ، وقال غيرُه : وأَمَّا الرُّكَّابُ فيجوزُ إِضَافَتُهُ إِلى الخَيْلِ والإِبلِ وغيرِهِمَا ، كقولك : هؤلاءِ رُكَّابُ خَيْلٍ ، ورُكَّابُ إِبلٍ ، بخلافِ الرَّكْبِ والرُّكْبَانِ ، قال : وأَما قَوْلُ عُمَارَةَ : إِنِّي لَا أَقُولُ لرَاكِبِ الحِمَارِ فَارِسٌ ، فهو الظاهرُ ، لأَنَّ الفَارِسَ فاعِلٌ مأْخُوذٌ من الفَرَسِ ، ومعناهُ صاحبُ فَرَسٍ وراكبُ فَرَسٍ ، مثل قولهم : لابِنٌ وتَامِرٌ ودَارِعٌ وسَائِفٌ ورَامِحٌ ، إِذا كانَ صاحبَ هذه الأَشياء ، وعَلَى هذَا قال العَنْبريُّ :
فَلَيْتَ لي بِهمُ قَوْماً إِذَا رَكِبُوا |
شَنُّوا الإِغارَةَ فُرْسَاناً ورُكْبَانَا |
فجعل الفُرْسَانَ أَصحابَ الخَيْلِ ، والرُّكْبَانَ أَصحابَ الإِبلِ قال والرَّكْبُ رُكْبَانُ الإِبِلِ اسْمُ جَمْعٍ وليس بِتَكْسِيرِ رَاكِبٍ ، والرَّكْبُ أَيضاً : أَصحَابُ الإِبلِ في السَّفَر دونَ الدَّوَابِّ أَو جَمْعٌ ، قاله الأَخفشُ وهَمُ العَشَرَةُ فَصَاعِداً أَي فَمَا فَوْقَهُم (٢) ، وقال ابنُ بَرِّيّ : قد يكونُ الرَّكْبُ لِلْخَيْل والإِبِلِ ، قال السُّلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ ، وكَانَ فَرَسُه قد عَطِبَ أَو عُقِرَ :
وَمَا يُدْرِيكَ مَا فَقْرِي إِلَيْهِ |
إِذَا ما الرَّكْبُ في نَهْبٍ أَغَارُوا (٣) |
وفي التنزيل العزيز (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) (٤) فقد يجوزُ أَن يكونُوا رَكْبَ خَيْلٍ ، وأَن يكونوا رَكْبَ إِبلٍ ، وقد يجوز أَنْ يكونَ الجَيْشُ منهم جميعاً ، وفي آخر (٥) «سيأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُونَ» يُرِيدُ عُمَّالَ الزَّكَاةِ ، تَصْغِيرُ رَكْبٍ ، والرَّكْبُ اسْمٌ من أَسْمَاءِ الجَمْعِ ، كنَفَرٍ ورَهْطٍ ، وقِيلَ هو جَمْعُ رَاكِبٍ كصاحِبٍ وصَحْبٍ ، قال ، ولو كان كذلك لقال في تَصْغِيرِه رُوَيْكِبُون ، كما يقال : صُوَيْحِبُونَ ، قال : والراكبُ في الأَصلِ هو راكِبُ الإِبلِ خاصَّةً ، ثم اتُّسِعَ فَأُطْلِقَ على كلّ مَنْ رَكِبَ دابَّةً ، وقولُ عَليٍّ رضياللهعنه «مَا كَانَ مَعَنَا يَوْمَئِذٍ فَرَسٌ إِلَّا فَرَسٌ عَلَيْهِ المِقْدَادُ بُن الأَسْوَدِ» يُصَحِّحُ أَنَّ الرَّكْبَ هاهنا رُكَّابُ الإِبِلِ ، كذَا في لسان العرب ، ج أَرْكُبٌ ورُكُوبٌ بالضَّمِّ والأُرْكُوبُ بالضَّمِّ أَكْثَرُ مِنَ الرَّكْبِ جَمْعُهُ أَرَاكِيبُ ، وأَنشد ابنُ جِنِّي :
أَعْلَقْت بالذِّئْبِ حَبْلاً ثُمَّ قُلْت لَهُ : |
الْحَقْ بِأَهْلِكَ واسْلَمْ أَيُّهَا الذِّيبُ |
|
أَمَا تَقُولُ بِهِ شَاةٌ فَيَأْكُلهَا |
أَوْ أَن تَبِيعَهَ في بَعْضِ الأَرَاكِيبِ(٦) |
أَرَادَ «تَبِيعَهَا» فحَذَفَ الأَلِفَ ، والرَّكَبَةُ مُحَرَّكَةً أَقَلُّ من الرَّكْبِ ، كذا في الصحاح.
والرِّكَابُ كَكِتَابِ : الإِبِلُ التي يُسَارُ عليها ، واحِدَتُهَا رَاحِلَةٌ ولا وَاحِدَ لها مِنْ لَفْظِهَا ، ج رُكُبٌ بضم الكاف كَكُتُبٍ ، ورِكَابَاتٌ وفي حديث النبيّ صلىاللهعليهوسلم «إِذَا سَافَرْتُمْ في الخِصْبِ فأَعْطُوا الرِّكَابَ أَسِنَّتَهَا» وفي رِوَايَةٍ (٧) «فَأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَهَا» قال أَبو عُبَيْد : هِي جَمْعُ رِكَابٍ (٨) ، وهي الرَّوَاحِلُ من الإِبل ، وقال ابن الأَعْرَابِيّ : الرُّكُبُ لا يكونُ جَمْعَ رِكَابٍ ، وقال غيرُه : بَعِيرٌ رَكُوبٌ وجَمْعُه رُكُبٌ ويُجْمَعُ الرِّكَاب رَكَائِبَ ، وعن ابن الأَثير : وقيل : الرُّكُبُ جَمْعُ رَكُوبٍ ، وهو ما يُرْكَبُ من كلّ دَابَّةٍ ، فَعولٌ بمعنى مَفْعُولٍ ، قال : والرَّكُوبَةُ أَخَصُّ منه.
__________________
(١) اللسان : لا تقل.
(٢) الصحاح : فما فوقها.
(٣) بالأصل «نقري إليه ... أغارا» وما أثبت عن اللسان.
(٤) سورة الأنفال الآية ٤٢.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله وفي آخر مقتضاه أنه ذكر حديثاً قبل هذا ولم يتقدم في هذه العبارة حديث بل لفظ آية (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)». وقبله في اللسان : حديث : بشر ركيب السعاة بقطع من جهنم مثل قور حِسمَى ..
(٦) في البيت إقواء.
(٧) وهي رواية الهروي في غريبه وابن الأثير في النهاية.
(٨) «وهي الرواحل من الإبل» ليست في غريب أبي عبيد ، وتمام عبارته : والركاب من الإبل التي يسار عليها ، ثم تجمع الركاب فيقال : ركب.