ويُدِيمُ الحُزْنَ ، ويُهِيِّمُ بالَّليْلِ ، ويُخَضِّرُ الوَجْهَ ، ويُغَوِّرُ العَينينِ ويُنْحِلُ البَدَنَ ، نقله الصّاغانيُّ.
والقُطْرُبُ : صِغَارُ الكِلَابِ ، وصِغَارُ الجِنِّ.
وحَكَى ثَعْلَبٌ أَنَّ القُطْرُبَ الخَفِيفُ ، وقال على إِثْر ذلك : إِنّه لَقُطْرُبُ لَيْلٍ ، فهذا يدُلُّ على أَنَّها دُوَيْبَّةٌ ، وليس بصفةٍ كما زعمَ.
والقُطْرُبُ : طائرٌ ودُوَيْبَّةٌ كانت في الجاهِليَّة يزعمُونَ أَنّها ليس لها قَرارٌ الْبَتَّةَ. وقال أَبو عُبَيْد (١) القُطْرُبُ : دُوَيْبّةٌ ، لا تَسْتَريحُ نَهارَها سَعْياً. وفي حديث ابْنِ مسعودٍ «لا أَعْرِفَنَّ أَحَدَكُمْ جِيفَةَ لَيْلٍ ، قُطْرُبَ نَهارٍ».
قال القارِي في ناموسه : يُشَبّهُ به الرَّجُلُ يَسْعَى نهارَه في حوائجِ دُنْيَاهُ.
قال شيخُنا بعدَ ذِكرِ هذا الكلامِ : هو مأْخوذٌ من كلامِ سِيبَوَيْهِ ، لابْنِ المُسْتَنِيرِ ؛ وتَقْيِيدُه بحوائِجِ الدُّنَيا ، فيه نَظَرٌ ؛ فإِنه إِنّما كان يُلازِمُ بابَهُ لتحصيلِ العِلْمِ الّذِي هو من أَجَلِّ أَعمالِ الآخرةِ ، فالقَيْدُ غيرُ صحيحٍ. انتهى.
قلتُ : وهذا تحامُلٌ من شيخنا على صاحبِ النّاموسِ ، فإِنّه إِنّما اقتطع عِبَارَتَهُ من كلامِ أَبي عُبَيْدٍ في تفسيرِ قول ابْنِ عبّاسٍ ، فإِنّهُ قال : يِقَالُ إِنّ القُطْرُبَ لا تَستَرِيحُ نَهارَهَا سعْياً ، فَشَبَّهَ عبدُ اللهِ الرّجُلَ يسعَى نَهَاراً في حوائِجِ دُنْيَاه ، فإِذا أَمْسَى ، أَمْسَى كالًّا تَعِباً (٢) ، فينامُ ليلَتَهُ ، حتّى يُصْبِحَ كالجِيفَة لا تتحرّكُ ، فهذا جِيفَةُ لَيْلٍ ، قُطْرُبُ نهارٍ.
وقد لُقِّبَ به مُحَمَّدُ بْنُ المُسْتَنير النَّحْوِيُّ لأَنَّهُ كان يُبَكِّرُ أَيْ يَذهبُ إِلى سِيبَوَيْهِ في بُكْرَةِ النَّهَارِ ، فكُلَّمَا فَتَحَ بابَهُ ، وَجَدَهُ هُنَالِكَ ، فقال له : ما أَنْتَ إِلَّا قُطْرُبُ لَيْلٍ ، فجَرَى ذلك لَقَباً له والجمعُ من ذلك كُلِّهِ قَطَارِيبُ.
وقَطْرَبَ الرَّجُلُ : أَسْرَعَ ، وصَرَعَ ، لغةٌ في قَرْطَبَ.
وتَقَطْرَبَ الرَّجُلُ : حَرَّكَ رَأْسَهُ ، تَشَبَّهَ بالقُطْرُب (٣) حكاه ثعلبٌ ، وأَنشد :
إِذا ذاقَهَا ذُو الحِلْمِ منهم تَقَطْرَبا
وقيلَ : تَقَطْرَبَ ، هُنَا : صارَ كالقُطْرُبِ الّذي هو أَحد ما تقدَّمَ ذِكْرُهُ.
والقِطْرِيبُ بالكسر : عَلَمٌ.
[قعب] : القَعْبُ : القدحُ الضَّخْمُ ، الغَلِيظُ ، الجَافِي وقيل قَدحٌ من خَشَبٍ ، مُقَعَّرٌ ؛ أَوْ هو قَدَحٌ إِلى الصِّغَر ، يُشَبَّهُ به الحافِرُ أَوْ قَدَحٌ يُرْوِي الرَّجُلَ هكذا في النُّسخ ، ومثلُه في الأَسَاسِ (٤) ، وفي لسان العرب : وهو يُرْوِي الرَّجُلَ. قَالَ الشّاعَر :
تِلْكَ المَكَارِمُ لا قَعْبَانِ من لَبَنٍ |
شِيبَا بماءٍ فعادَا بَعْدُ أَبْوَالا |
ج أَي في القِلَّةِ أَقْعُبٌ ، عن ابْن الأَعْرَابيّ ؛ وأَنشدَ :
إِذا ما أَتَتْكَ العِيرُ فانْصَحْ فُتُوقَها (٥) |
ولا تَسْقِيَنْ جارَيْكَ منها بأَقْعُبِ |
والكَثِيرُ قِعَابٌ ، وقِعَبَةٌ ، مثلُ جَبْءٍ وجِبَأَة.
قال شيْخُنا : وظاهرُ الصَّحِاح أَنّهُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيّ على خلاف الأَصل ، وأَنّهُ بالفتح كَكَمْءٍ وكِمْأَةٍ ، ولكنَّهُم صَرّحوا بأَنّ هذا شاذٌّ ، لم يَرِدْ منه غيرُ كَمْءٍ وكِمَأَةٍ وجَبْءٍ وجِبَأَةٍ ، لا ثالثَ لهما. انتهى.
وعن ابن الأَعْرَابِيِّ : أَوَّلُ الأَقْدَاحِ الغُمَرُ ، وهو الَّذِي لا يُبْلِغُ الرِّيَّ ، ثم القَعْبُ ، وهو قَدْ يُرْوِي الرَّجُلَ ، وقد يُرْوِي الاثنَيْنِ والثَّلاثَةَ ، ثم العُسُّ.
والقَعْبُ من الكَلَامِ : غَوْرُهُ يقال : هذا كَلَامٌ له قَعْبٌ ، أَي : غَوْرٌ.
ومن المَجَاز : التَّقْعِيبُ ، وهو أَنْ يَكُونَ الحَافِرُ مِقَبَّباً ، كالقَعْبِ ، يقالّ : حافر مُقَعّبٌ : كأَنَّه قَعْبَةٌ ، لاستدارتِهِ ، مُشَبَّهٌ بالقَعْب (٦). قال العَجَّاجُ :
ورُسُغاً وحافِراً مُقَعَّبَا
__________________
(١) عن اللسان ، وبالأصل «أبو عبيدة» والمثبت صاحب الغريب.
(٢) في غريب الهروي : مزحفاً.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : قوله تشبه بالقطرب ساقط من خط الشارح ، ثابت في نسخة المتن المطبوعة.
(٤) كذا بالأصل ولم يرد في الأساس أي من هذه الأقوال.
(٥) «فانصح فتوقها» عن اللسان ، وبالأصل «فانضح».
(٦) وفي الأساس : حافر مقعّب : مدور كالقعب ، كما قال امرؤ القيس :
لها حافر مثل قعب الولي |
د ركب فيه وظيف عجرْ |