وفي الأَسَاس : ويقال : في كَلَامِه غَرَابَة ، وقد غَرُبَتِ الكَلِمَة : غَمُضَت (١) فهي غَرِيبَة.
وفي النهَايَة وَرَدَ (٢) : إِنَّ فِيكُم مُغَرَّبين ، قيل : وما المُغَرِّبُون؟ أَي بكَسْرِ الرَّاءِ المُشَدَّدَةِ في الحديث الوَارِد ، قال : الَّذِين تَشْرَكُ وفي نسخة تَشْتَرِكُ فِيهِم الجِنُّ ؛ سُمُّوا بِه لأَنَّهُ دَخَل فِيهِم عِرْقٌ غَرِيبٌ ، أَو لِمَجِيئِهِم. وعبارة النِّهَايَة : أَوْ جاؤُوا مِنْ نَسَبٍ بَعِيدٍ. وعَلَى هذا اقْتَصَر الهَرَوِيُّ في غَرِيبَيْه. وزادَ في النِّهَاية ونَقَلَه أَيضاً ابنُ مَنْظُور الإِفْرِيقيّ : وقيل : أَرَادَ بِمُشَاركة الجِنِّ فيهم أَمْرَهُم [إياهم] (٣) بالزِّنَا وتَحْسِينَه لَهُم ، فجَاءَ أَوْلادُهُم عن (٤) غير رِشْدَة. ومنه قولُه تَعَالَى : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) (٥).
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : شَأْوٌ مُغَرِّب بكَسْرِ الرَّاءِ وفَتْحِهَا أَي بَعِيدٌ ، قال الكُمَيْت :
أَعَهْدَك مِن أُولَى الشَّبِيبَة تَطْلُبُ |
على دُبُرٍ هَيْهَاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ |
وقالوا : «هَلْ أَطْرَفْتَنَا من مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ» أَي هل من خَبَر جَاءَ من بُعْدٍ. وقيل : إِنَّمَا هُو [هل] (٦) من مُغَرَّبة خَبَر. وقَال يَعْقُوب : إِنَّمَا هو : هَلْ جَاءَتْكَ مُغَرِّبَة خبر ، يَعْنِي الخَبَرَ الذِي يَطْرَأُ عَلَيْكَ من بَلَد سِوَى بَلَدِك. وقال ثَعْلَب : ما عنْدَه من مُغَرِّبَة خَبَر ، تَسْتَفْهمه أَو تَنْفي ذَلك عنه ، أَي طَرِيفَةٌ.
وفي حديث عُمَرَ رضياللهعنه أَنَّه قَالَ لِرَجُلٍ قَدِم عليه من بَعْض الأَطْرَاف : «هل مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَر؟» أَي هل من خَبَرٍ جَدِيدٍ جَاءَ من بَلَد بَعيد. قال أَبو عُبَيْد : يقال بكَسْر الرَّاءِ وفَتْحِهَا مع الإِضَافَة فِيهِمَا. قالها الأُمَويُّ بالفَتْح ، وأَصلُه من الغَرْب وهو البُعْد ، ومنه قِيل : دَارُ فُلَان غَرْبَة ، والخَبَر المُغْرِب : الَّذِي جَاءَ غَرِيباً حَادِثاً طَريفاً. وأَغربَ الرجُلُ : صار غَرِيباً ، حكاه أَبو نَصْر.
وقِدْحٌ غَرِيب : لَيْسَ من الشَّجَر التي سائِرُ القِدَاح مِنْهَا ، وعَيْنٌ غَرْبَةٌ : بَعِيدَةُ المَطْرَحِ ، وإِنَّه لَغرْبُ العَيْنِ : بَعِيدْ مَطْرَح العَيْن ، والأَنْثَى غَرْبَةُ العَيْن ، وإِيَّاهَا عَنَى الطِّرِمَّاحُ بقَوْلِه :
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدَانَةٌ |
غَرْبَةُ العَيْنِ جَهَادُ المَسَامْ |
وقال الأَزْهَرِيّ (٧) ، وكُلُّ ما وَرَاكَ وسترَك فَهُوَ مُغْرِبٌ ، وقال سَاعدَة الهُذَلِيّ :
مُوَكَّلٌ بِسُدُوف الصَّوْم يُبْصرُها |
من المغَارِب مخْطوفُ الحَشَازَرِمُ (٨) |
وكُنُسُ الوحْشِ : مغَارِبُها ، لاسْتِتَارِهَا بهَا.
وأُغْرِبَ الرجلُ : وُلِد له وَلَدٌ أَبيضُ. وفي حديث ابن عبَّاس ، اخْتُصِم إِلَيْه في مَسِيل المطَر فقال : «المطرَ غَرْب ، والسَّيْلُ شَرْق» أَرَادَ أَنَّ أَكثَرَ السحابِ يَنْشَأُ من غَرْبِ القِبْلة والعيْن هُنَاكَ. تَقولُ العربُ مُطِرْنَا بالعَيْن ، إِذَا كَان السحابُ ناشِئاً من قِبْلَة العِرَاقِ ، وقولُه : والسيلُ شَرْقٌ يريد أَنَّه يَنْحَطُّ مِن نَاحِية المَشْرِق ، لأَن نَاحِية المَشْرِق عَالِيَة ونَاحِيَةَ المغْرِب مُنْحَطَّة ، قال ذلك القُتَيْبِيّ ، قال ابنُ الأَثِير : ولعله شيءٌ يختَصُّ بتلك الأَرْضِ التي كان الخِصَام فِيهَا.
وفي المُسْتَقْصَى والأَسَاس ولِسَانِ العرَبِ «لأَضْرِبَنَّكُم ضَرْبَ (٩) غَرِيبةِ الإِبِلِ». قال ابنُ الأَثِير : هو قول الحجَّاج ، ضربَه مَثَلاً لنَفْسِه مع رَعِيَّته يُهَدِّدُهم ، وذلِكَ أَن الإِبِلَ إِذا وَرَدَتِ الْمَاءَ فدخل فيها (١٠) غَرِيبَةٌ من غَيْرِهَا ضُرِبَتْ وطُرِدت حتى تَخْرُج عَنْها ، وهو مجَاز.
وفي الأَسَاسِ : ومن المَجَاز : أَرض لا يَطِيرُ غُرَابُها أَي
__________________
(١) عن الأساس ، وبالأصل «عصت».
(٢) في النهاية : ومنه الحديث :
(٣) عن النهاية واللسان.
(٤) كذا بالأصل واللسان ، وفي النهاية «من.
(٥) سورة الإسراء : ٦٤.
(٦) زيادة عن اللسان.
(٧) في اللسان : قال الأصمعي وغيره.
(٨) الحشازرم عن اللسان وفي الأصل «الحشارزم». وصدره في اللسان شدف :
موكل بشدوف الصوم يرقهبا
وفي مادة صوم :
موكل بشدوف الصوم يرقبها من المناظر ...
وفي مادة زرم :
موكل بشدوف الصوم يرقبه
والشدوف جمع الشدف : شخص كل شيء. والصوم : شجر.
(٩) كذا بالأصل والنهاية وفي اللسان : ضربة.
(١٠) كذا في النهاية ، وفي اللسان : عليها.