والغُرَابُ : قَذَالُ الرَّأْسِ. يقال : شاب غُرَابُه ، أَي شَعَرُ قَذَالِه. وطار غُرَابُ فُلَان ، إِذا شَابَ. نقله الصَّاغَانِيّ.
والغُرَابُ من البَرِيرِ بالمُوَحَّدَة كأَمِير : عُنْقُودُه الأَسْوَدُ ، جَمْعُهَا غِرْبان. قال بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِم :
رَأَى دُرَّةً بيضاءَ يَحْفِل لَوْنَها |
سُخَامٌ كغِرْبَان البَرِيرِ مُقَصَّبُ |
يعني به النَّضِجَ من ثَمَر الأَرَاك ، ومَعْنَى يَحْفِل لَوْنَها : يَجْلُوه ، والسُّخَام : كُلُّ شَيء لَيِّنٍ من صُوفٍ أَو قُطْن أَو غَيْرِهما ، وأَرَادَ بِهِ شَعَرها ، والمُقَصَّبُ : المُجَعَّدُ.
والغُرَابَانِ هما : طَرَفَا الوَرِكَيْن الأَسْفَلَانِ اللذان يلِيَان أَعَالِيَ الفَخِذ يْن وقيل : هما رُؤوسُ الورِكَيْن وأَعَالِي فُرُوعهما ، أَو هما عَظْمَانِ رَقِيقَان أَسْفَلَ مِنَ الفَرَاشَةِ.
والغُرَابَانِ من الفَرسِ والبَعير : حَرْفَا (١) الوَرِكَيْن الأَيْسرِ والأَيمنِ اللَّذَانِ فوق الذَّنَب حيث الْتَقَى رَأْسا الوَرِك اليُمْنَى واليُسْرى (٢) والجَمْعُ غِرْبَانٌ. قال الرَّاجِزُ :
يا عَجَبا للعجَبِ العُجابِ |
خَمْسَةُ غِرْبانٍ عَلَى غُرَابِ |
وقال ذُو الرُّمَّة :
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ بَعْدَ مَا |
تَقَوَّبَ عن غرْبَانٍ أَوْرَاكِها الخَطْرُ (٣) |
أَراد تَقَوَّبَت غِربانُهَا عن الخَطْرِ فقَلَبه ، لأَنَّ المَعْنَى معروفٌ ، كقَوْلك : لا يدخُلُ الخاتَمُ في إِصْبِعي ، أَي لا يدْخُل إِصْبَعي في خَاتَمي.
وقيل : الغِرْبَانُ : أَوراكُ الإِبِل أَنْفُسِها ، أَنْشَدَ ابْنُ الأَعْرابِيّ :
سأَرْفَعُ قولاً للحُصَيْن ومُنْذِرٍ |
تَطِيرُ به الغرْبَانُ شَطْرَ المَوَاسِمِ |
قال : الغرْبانُ هُنَا أَوراكُ الإِبِل. أَي تَحْمِلُه الرُّوَاةُ إِلى المَوَاسِم ، والغِرْبَانُ : غِربَانُ الإِبِلِ. والغُرَابَانِ : طَرَفَا الوَرِك اللَّذَانِ يكُونَان خَلْف القَطَاةِ ، والمعنى أَنَّ هَذَا الشِّعرَ يُذهَبُ به على الإِبل إِلَى المَوَاسِم ، وليس يُريدُ بالغِرْبانِ غيرَ ما ذكرْنا. وهَذَا كَما قَالَ الآخر :
وإِنَّ عِتَاقَ العِيسِ سَوْفَ يزُورُكُم |
ثَنَائي على أَعْجَازِهِنّ مُعَلَّقُ |
فلَيْسَ يُرِيدُ الأَعْجازَ دُونَ الصُّدُورِ (٤).
والغُرَابُ : حَدُّ الوَرك الذي يلي الظَّهْرَ ، كَذا في لسان العرب.
ورِجْلُ الغُرَاب : ضَرْبٌ مِنْ صَرِّ الإِبِلِ شَديد لَا يَقْدِرُ مَعَهُ الفَصِيلُ أَن يَرْضَع أُمَّه (٥) ولا ينْحَلّ. وحَشِيشَةٌ مذكورة في التّذْكرة وغيرها من كتب الطّبّ ، وهي التي تُسَمَّى بالبَرْبَرِيّةِ أَي لِسَانِ البَرْبَر : الجِيلِ المَعْرُوف. آطْريلَال بالكَسْر وهو كالشَّبَتِ (٦) محركة وبِكَسْر الأَوَّل وسُكُون الثَّاني في سَاقِه وجُمَّتِه ، بالضَّم فتشديد وأَصْلِهِ أَي شَبِيه بالشَّبَت في هَذِه الثّلاثة غَيْرَ أَنّ زَهْرَهُ أَيْ رِجْلِ الغُرَاب أَبيَضُ بخِلَاف الشَّبَت ، وهو يَعْقِدُ حَبًّا كحَبِّ المَقْدُونِسِ تقريباً ، ثم ذكر خَوَاصَّها فقال : ودِرْهَمٌ من بِزْرِه حالة كونه مَسْحُوقاً مَخْلوطاً بالعَسَل المَنْزُوع الرَّغْوَةِ مُجَرَّبٌ مَشْهُور في استئْصَالِ مَادَّة البَرَص ، وكذا البَهَقِ هما مُحَرَّكتان شُرباً ، وقد يُضَافُ إِليه أَيضاً رُبْعُ دِرْهَمٍ من عَاقِرِ قَرْحَا المَعْرُوف بعُودِ القَرْح وَشرط أَن يَقْعُد فيَ شَمْسِ صَيْف حَارَّةٍ حَالَةَ كونه مَكْشُوفَ المَوَاضِع البَرِصَة والبَهقة (٧). وزاد الصاغانيّ : وأَصلها إِذَا طُبخ نَفَع من الإِسْهَال ، وهذَا الذِي ذَكَرَه المُؤَلِّف هنا مَذْكُورٌ في التَّذكرة وغَيْرِها من كُتُبِ الطّبّ ، مشْهُورٌ عِندَهُم ، وإِنما ذَكَرها لغَرابَتِها ، ولِمَا فِيها من هذِه الخَاصِّيَّة العَجِيبَة ، فأَحبّ أَن لا يُخْلِيَ كتَابه من فَائِدة ؛ لأَنه القَامُوس المُحِيط والله أَعْلَم.
ومن المجاز ، يقال : صُرَّ عَلَيْه رِجْلُ الغُرَابِ إِذَا ضَاقَ الأَمْرُ علَيْهِ (٨) وكذلك أُصِرَّ ، وقيل : إِذا ضَاقَ على الإِنْسَان مَعَاشُه قال :
__________________
(١) في الصحاح : حدّ الوركين ، وهما حرفاهما.
(٢) في اللسان : الأيمن والأيسر.
(٣) عن اللسان والصحاح ، وبالأصل «الخمائل».
(٤) وقيل إنه إنما خص الأعجاز والأوراك لأن قائلها جعل كتابها في قعبة احتقبها وشدها على عجز بعيره.
(٥) في اللسان : معه.
(٦) في القاموس : «كالشبث» ومثله في التذكرة للأنطاكي.
(٧) انظر كيفية استعماله باختلاف تذكرة داود الأنطاكي.
(٨) في الأساس : إذا وقع في ضيق وشدة.