وقيل : هو رِيحُ المَاءِ والطِّين لأَنَّه يتغَيَّر سَرِيعاً. ويقال للدَّالِج بَيْن البِئر والحَوْض لا تُغْرِب ، أَي لا تَدْفُقِ المَاءَ بَيْنَهُمَا فتَوْحَلَ والغَرَب : الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرَس مع ابْيِضَاضِها.
والغُرَابُ : م أَي معرُوف فلا يُحْتَاج إِلى ضَبْطِه ، وهو الطَّائِرُ الأَسْوَد. وقَسَّمُوه إِلَى أَنواع (١). وفي الحَدِيث أَنَّه غَيَّر اسمَ غُرَاب لِمَا فيه من البُعْد ولأَنَّه من أَخْبَثِ الطُّيُور.
والعَرَبُ تَقُولُ : «فلانٌ أَبصَرُ من غُرَابٍ ، وأَحْذَرُ مِنْ غُرَابٍ ، وأَزْهَى من غُرَاب ، وأَصْفَى عَيْشاً من غُرَاب ، وأَشَدُّ سَواداً مِنْ غُرَاب ، وهذا بِأَبِيه أَشبَهُ مِنَ الغُرَابِ بالغُرَابِ ، وإِذَا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْب قالوا : وقَع في أَرْض لَا يَطِيرُ غُرَابُهَا.
ويَقُولُون : وَجَدَ ثَمرَة الغُرَابِ ، وذلك أَنَّه يَتَّبع أَجْوَدَ الثَّمَر فيَنتقِيه ، ويَقُولُون : أَشأَمُ مَنْ غُرَاب ، وأَفْسَقُ مِنْ غُرَاب ، ويَقُولُون : طَارَ غُرَابُ فلان إِذَا شَابَ رأْسُه ، وغُرَابٌ غَاربٌ على المُبَالَغَة. كما قالوا : شِعْرٌ شَاعِرٌ ، ومَوْتٌ مَائتٌ. قال رؤبَة :
فازجُرْ مِنَ الطَّيْرِ الغُرَابَ الغَارِبَا
قال شيخُنَا : قالوا : وليس شَيْءٌ في الأَرْض يُتَشَاءَم بِه إِلّا والغُرَابُ أَشأَمُ مِنْهُ. وللبَدِيع الهَمَذَانِيّ فَصْلٌ بَدِيع في وَصْفِه ذَكَره في المُضَافِ والمَنْسُوب. وأَورَد ما يُضَافُ إِلَيْه الغُرَابُ ويُضَافُ إِلَى الغُرَاب ، والأَبْيَاتُ في غُرَاب البَيْنِ كَثيرَةٌ مُلئت بها الدَّفَاتِر ، وإِنَّمَا الكلامُ فيما حَقَّقه العَلَّامَة الكَبِير قَاضِي غَرْنَاطَةَ أَبو عَبْدِ اللهِ الشَّرِيفُ الغَرْنَاطِيّ في شَرْحه الحَافِل على مَقْصُورَة الإِمام حَازِم ، وصرَّح بأَنَّ غُرَاب البَيْنِ في الحقيقَة إنَّما هو الإِبِلُ التي تَنْقُلُهم مِنْ بِلاد إِلى بِلَاد. وأَنْشَدَ في ذلك مَقَاطِيعَ مِنْهَا :
غَلِطَ الَّذِينَ رَأَيْتُهُم بجَهَالَة |
يَلْحَون كُلُّهمُ غُراباً يَنْعَقُ |
|
ما الذَّنْب إِلّا للأَباعر إِنَّها |
مِمَّا يُشَتِّتُ جمْعَهمْ ويُفَرِّقُ |
|
إِنَّ الغُرَابَ بيُمْنِهِ تَدْنُو النَّوَى |
وتُشَتِّتُ الشملَ الجَمِيعَ الأَيْنُقُ |
وأَنشَدَ شَيْخُنا ابْنُ المسَنَّاوِيّ لابْنِ عَبْدِ رَبّه وهو عَجِيبٌ :
زَعَق الغُرَابُ فقلتُ أَكذَبُ طَائِرٍ |
إِن لم يُصَدِّقْهُ رُغَاءُ بَعِيرٍ (٢) |
انْتَهى.
ج أَغْرُبٌ وأَغْرِبَةٌ وغِرْبَانٌ بالكسر وغُرْبٌ بضَمٍّ فسُكُون (٣) قال :
وأَنْتُم خِفَافٌ مِثْلُ أَجْنِحةِ الغُرْبِ (٤)
جج أَي جَمْعُ الجَمْع غَرَابِينُ وهو جَمْع غِرْبَان كسِرْحَان وسَرَاحِين.
وبلا لام فَرَسٌ (٤) كانت لِغَنِيِّ بْنِ أَعْصُر ، على التَّشْبِيه بالغُرَاب من الطَّيْر. وفرس آخر للبَرَاء بْنِ قَيْس.
والغُرَابُ من الفَأْسِ : حَدُّهَا. قال الشَّمَّاخُ يَصِف رَجُلاً قَطَع نَبْعَةً :
فأَنْحَى عليها ذَاتَ حَدٍّ غُرَابُها |
عَدُوٌّ لأَوْسَاطِ العِضاهِ مُشَارِزُ |
والغُرَابُ : البَرَدُ والثَّلْجُ ، مأْخوذٌ من المُغرَب وهو الصبح لبياضهما.
والغُرَابُ : لَقَبُ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَصْفَهَانيّ المُحَدِّث عن غانم البرجيّ وعنه علي بن بوزندان.
والغُراب : جَبَلٌ ، قال أَوْسٌ (٥) :
فمُنْدَفَعُ الغُلَّان غُلَّانِ مُنْشِدٍ |
فنَعْفُ الغُرَاب خُطْبُه فَأَسَاوِدُهْ (٦) |
والغُرَابُ : ع بِدِمَشْقَ ، وجَبَلٌ آخر شَاهِقٌ وفي نسخة : شامي بالمَدِينَةِ أَي على طَرِيقِ الشَّام كذا في النَّهاية في تَرْجَمَة «غرن».
__________________
(١) انظر الحيوان ٢ / ٣١٥ و ٣ / ١٤٦ ، ٥٦٢.
(٢) في العقد الفريد : «نعب» بدل «زعق» وبعده :
رِدّ الجمال هو المحقق للنوى |
بل شر أحلاس لهن وكور |
(٣) ضبط اللسان : غُرُبٌ.
(٤) في القاموس : اسم فرس لغنيّ.
(٥) كذا بالأصل واللسان ، وفي معجم البلدان : معن بن أوس المزني.
(٦) «فنعف» عن معجم البلدان ، وبالأصل : «فنغف».