و [صون] (١) ثِيَابِه ، وَيَكْتُم في صدره أَخصَّ أَسرارِه التي لا يُحِبّ شُيوعَها ، فسُمِّيت الصدُورُ [والقلوب] (١) عِيَابَاً تَشْبِيهاً بِعِيَابِ الثِّيَاب. ومنه قولُ الشَّاعر :
وكادَتْ عِيابُ الوُدِّ مِنّا ومِنْكُمُ |
وإِنْ قيلَ أَبْنَاءُ العُمُومَةِ تَصْفَرُ |
أَرادَ بِعِيَابِ الوُدِّ صُدُورَهَم. وفي الحَديث أَنَّه أَمْلَى في كِتَاب الصُّلْح بَيْنَه وَبَيْنَ كفّار أَهْلِ مَكَّة بالحُدَيْبيَة «لا إِغْلَالَ ولا إِسْلالَ وَبَيْنَنَا وبَيْنَهُم عَيْبَةٌ مَكفُوفَة» رُوِي عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ أَنَّه قال : معناه بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم في هذا الصُّلْح صَدْرٌ معقودٌ على الوَفَاءِ بِمَا في الكِتَاب ، نَقِيٌّ من الغِلّ والغَدْرِ والخِدَاعِ ، والمَكْفُوفَةُ : المُشْرَجَةُ المَعْقُودَة. قال الأَزْهَرِيُّ : وقرأْتُ بخَطّ شَمِر : قال بَعْضُهُم : أَراد به : الشّرُّ بينَنَا مَكْفُوفٌ ، كما تُكَفُّ العَيْبَةُ إِذا شُرِّجَت (٢). وقيل : أَرادَ أَن بَيْنَهُم مُوادَعَةً ومُكَافّةً العَيْبَةُ إِذا شُرِّجَت (٢). وقيل : أرادَ أَن بَيْنَهُم مُوادَعَةً ومُكَافْةً عن الحَرْبِ يَجْرِيانِ (٣) مَجْرَى المودَّةِ التي تَكُونُ بين المُتَصافِين الذين يَثِق بَعضُهم إِلى (٤) بعض.
والعِيَابُ : المِنْدَفُ ، بالكَسْر. قال الأَزْهَرِيّ : لَمْ أَسْمَعْه لغيرِ اللَّيْث.
والعَائِبُ : الخَاثرُ مِنَ اللَّبَن. ومِنْه يُقَالُ : قد عَابَ السِّقَاءُ ، أَي إِذَا خَثُر مَا فِيه من اللَّبَن.
وأُعْيَبٌ كَجُنْدَب : ع باليَمَنِ أَي على طَرِيقِه وهو فُعْيَلٌ وقد سبَقَ في كلَام المُصَنِّف في «ع ل ب» أَنَّه ليس في كَلامِهم فُعْيَلٌ غير عُلْيَب ، ولو كَانَ أُعْيَبٌ فُعْيلاً لوجَبَ ذكرُه في الهَمْزة ، قاله شيخُنا ، وهو ظَاهرٌ ، لمَنْ تَأَمَّل. أَوْ أُفْعَلٌ وقد أُخرِجَ على أَصْله ، وهو وَزْن قَليلٌ جِداً.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : عَيَّبَه وتَعَيَّبَه ، إِذا نَسَبَه إِلى العَيْب ، وجَعَلَه ذَا عَيْب. قال الأَعْشَى :
وليس مُجِيراً إِنْ أَتَى الحَيَّ خائِفٌ |
ولا قائِلاً إِلَّا هُوَ المُتَعَيَّبَا |
أَي ولا قائلاً القَوْلَ المَعيب إِلَّا هو. والمُعَيَّب كمُعَظَّم : المَعْيُوب ، وأَنْشَدَ ثَعْلَب :
قال الجَوَارِي ما ذهَبْتَ مَذْهَباً |
وعِبْنَنِي ولَمْ أَكُن مُعَيَّبَا |
وفي حديث عَائِشةَ رضياللهعنها في إِيلَاء النَّبِيِّ صلىاللهعليهوسلم على نِسَائِه قالت لعُمَرَ رضياللهعنه لَمَّا لَامَهَا : «مَا لِي ولَكَ يا ابْنَ الخَطَّاب عَلَيْكَ بعَيْبَتِكَ» أَي اشتَغِل بأَهْلِكَ ودَعْنِي.
وعَيْبَة كطَيْبَة : من مَنَازِل بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدُ.
فصل الغين المعجمة
[غبب] : الغِبُّ بالكَسْرِ : عَاقِبَةُ الشَّيءِ أَي آخِرُه. وغبّ الأَمْرُ : صَارَ إِلَى آخِرِه (٥) ، وكذلك غَبَّت الأُمُورُ ، إِذَا صارت إِلى أَواخِرهَا ، وأَنْشَدَ :
غِبَّ الصَّباح يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى
كالمَغَبَّة بالفَتْح : ويُقَال : إِنّ لهذا الأَمرِ مغبَّةً طَيِّبَةً أَي عَاقِبَة.
والغِبُّ : وِرْدُ يَوْمٍ وظِمْءُ ، بالكسر ، آخر ، وقيل : هُو لِيَوْم ولَيْلَتَيْن ، وقيل : هو أَنْ تَرْعَى يوماً وتَردَ من الغَدِ. ومن كلامهم : لأَضْرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمارِ وَظَاهِرَة الفَرَس ؛ فغِبُّ الحِمَار أَنْ يَرْعَى يَوْماً ويَشْرَب يوماً ، وظاهِرَةُ الفَرسِ : أَن يَشْرب (٦) كُلّ يوم نِصْفَ النّهَار. والغِبُّ في الزِّيَارَة : أَنْ تَكُونَ في كُلّ أُسْبُوع مَرَّة. قاله الحَسَن. قال أَبو عَمْرو : يقال غَبَّ الرَّجلُ ، إِذا جَاءَ زائراً (٧) بَعْدَ أَيّامٍ. ومنه «زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبًّا». قال ابنُ الأَثير : نُقِل الغِبُّ في (٨) أَوراد الإِبِل إِلى الزِّيارَة ، قال : وإِن جَاءَ بَعْدَ أَيَّام ، يقال : غَبَّ الرجلُ إِذَا جَاءَ زَائِراً بَعْدَ أَيَّام. والغِبُّ من الحُمَّى : ما تَأْخُذُ يوماً وتَدَعُ يَوْماً ، هكَذَا في النُّسَخ ، وفي أُخْرَى وتدَعُ آخَرَ ، وهو مُشْتَقّ من غِبِّ الوِرْدِ ، لأَنَّهَا تأْخذ يَوْماً وتُرَفِّه يَوْماً (٩) ، وهي حُمَّى غِبٌّ على الصِّفَة للحُمَّى قد أغبَّتْهُ الحُمَّى وأغَبَّتْ عَلَيهِ
__________________
(١) عن اللسان.
(٢) في اللسان : أشرجت.
(٣) اللسان والنهاية : تجريان.
(٤) كذا بالأصل والنهاية ، وفي اللسان : ببعض.
(٥) في المقاييس : إذا بلغ آخره.
(٦) اللسان : تشرب.
(٧) اللسان : زائراً يوماً بعد أيام.
(٨) اللسان : من.
(٩) قوله وترفه قال المجد : ورفه عني ترفيهاً : نفس.