الصَّلاة».
وفي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِك «أَنَّه سُئل عن التَّعْقيب في رَمَضَانَ فأَمرَهُم أَن يُصلُّوا في البُيُوت».
قال ابنُ الأَثِيرِ : التَّعْقِيبُ : هو أَن تَعْمَل عَمَلاً ثم تَعُودَ فيه. وأَراد به هَاهُنَا الصَّلَاة النَّافِلَة بَعْدَ التَّرَاوِيحِ فكَرِه أَن يُصَلُّوا في المَسْجِد وأَحَبَّ أَن يكونَ ذلك في البُيوتِ. قلتُ : وهو رَأْي إِسْحَاقَ بْن رَهَوَيه وسَعِيد بْنِ جُبَيْر. وقال شَمِر : التعقِيبُ : أَن يَعْمل عَمَلاً من صَلَاةٍ أَو غيرِهَا ثم يعود فيه من يَوْمِهِ.
[يقال : عقّب بصلاةٍ بعد صلاةٍ ، وغزوةٍ بعد غزوةٍ] (١) قال : وسمِعتُ ابنَ الأَعْرَابيّ يقول : هو الّذِي يَفْعَلُ الشيءَ ثم يعودُ ثانِيَةً ، يقال : صَلَّى من اللّيلِ ثم عَقَّبَ ، أَي عَادَ في تِلْك الصَّلاة.
والتَّعْقِيبُ : المُكْثُ والانْتِظَار ، يقال : عَقَّب فُلانٌ في الصّلاةِ تَعْقيباً إِذا صلَّى فأَقَامَ في مَوْضِعه يَنْتَظِر صلاةً أُخْرَى. وفي الحَديث : «مَنْ عَقَّب في صَلَاة فَهُو في صَلَاة» (٢) أَي أَقَامَ في مُصَلَّاهُ بعدما يَفْرُغُ من الصَّلاةِ.
ويقال : صَلَّى القومُ وعَقَّب فلانٌ. [وفي الحديث] (٣) : والتَّعقِيبُ في المَسَاجِد : انتظارُ الصَّلَوَاتِ بَعْد الصَّلَوَات (٤).
والتَّعْقِيبُ : الالْتِفَاتُ. وقَوْلُه تَعَالَى : (وَلّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) (٥) قيل أَي لم يَعْطِف ولم يَنْتَظِر ، وقيل : لم يَمْكُث ، وهو قولُ سفيانَ. وقيل : لم يَلْتِفت ، وَهُو قولُ قَتَادَة. وقيل : لم يَرْجِع ، وهو قولُ مُجَاهِد. [قال شمر] (٦) : وكلُّ رَاجِعٍ مُعَقِّبٌ. قال العَجّاج :
وإِن تَوَنَّى التَّالِيَاتُ عَقْبَا
[أَي رجع] (٦).
والعُقْبَى : المَرْجِع ، وعَقِبُ كُلِّ شَيْءٍ وعُقْبَاه وعُقْبَانُه وعَاقِبَتُه : خَاتِمَتُهُ.
ويقال : إِنَّه لعالِم بعُقْمَى الكَلامِ وعُقْبَى الكَلامِ وهو غامِضُ الكلام الذي لا يَعْرِفه الناسُ وهو مِثْل النّوَادِر. والعُقْبَى أَيضاً : جَزَاءُ الأَمْرِ يقال : العُقْبَى لَكَ في الخَيْر ، أَي العَاقِبَة. وأَعْقَبَه بِطاعَتِه ، وأَعْقَبَه على ما صَنَع أَي جازَاهُ. وأَعْقَب الرَّجُلُ إِذا مَاتَ وخَلَّف ، أَي تَرَك عَقِباً أَي وَلَداً. يقال : كان له ثلاثَةُ أَولادٍ فأَعْقَبَ منهم اثْنان أَي تَركا عَقباً ودَرَجَ وَاحِدٌ. وقد تقدم إِنشادُ قول طُفَيْلٍ الغَنَوِيّ. ويقال : أَعقَبَ هذَا هذَا ، إِذَا ذَهَب الأَولُ فلم يَبْقَ منه شَيْءٌ وصارَ الآخرُ مكانَه. وأَعْقَبَ مُسْتَعِيرُ القِدْرِ : رَدَّهَا إِليه وفيها العُقْبَةُ بالضّم ، وهي قَرارةُ القِدْر أَو هي مَرَقَةٌ تُرَدُّ في القِدْر المُسْتَعَارَةِ. قال الكُمَيْتُ :
وحَاردَتِ النُّكْدُ الجِلَادُ ولم يَكُن |
لعُقْبَةِ قِدْرِ المُسْتَعِيرِينَ مُعَقبُ |
وقد تَقَدَّم.
وتعقَّب الخَبَرَ ؛ تَتَبَّعَه ، ويقال تَعَقَّبْتُ (٧) الأَمْرَ إِذَا تَدَبَّرْتَه ، والتَّعقُّبُ : التّدبُّر والنَّظرُ ثانية ، قال طُفَيْلٌ الغَنَوِيُّ :
فلَمْ يَجِدِ الأَقْوَامُ فِينَا مَسَبَّةً |
إِذَا اسْتُدْبِرَتْ أَيَّامُنَا بالتَّعَقُّب |
يقول : إِذا تَعَقَّبُوا أَيَامَنا لم يَجِدُوا فِينَا مَسَبَّةً.
ويقال : لم أَجِدْ عن قَوْلِكِ مُتَعَقَّباً أَي رُجُوعاً أَنْظُر فِيهِ ، أَي لَمْ أُرَخِّص لنَفْسِي التَّعَقُّبَ فيه لأَنْظُرَ آتِيه أَم أَدَعُه. وقولهُ [تعالى] : (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) (٨) أَي لا رَادَّ لقَضَائِه. وعَاقَبه بذَنْبِه مُعاقَبَة وعِقَاباً : أَخذَه بِهِ وتعقَّبَه : أَخَذَه بذَنْبٍ كَانَ مِنْه. وتَعَقَّبَ عَن الخَبَر إِذا شَكَّ فِيهِ وعَاد للسُّؤَال عَنْه قال طُفَيْلٌ :
تَأْوَّبَنِي هَمٌّ مع اللَّيْل مُنْصبُ |
وجَاءَ من الأَخْبَارِ ما لا أُكَذِّبُ |
|
تَتَابعْنَ حتَّى لم تَكُن لِيَ رِيبَةٌ |
ولم يَكُ عَمَّا خَبَّرُوا مُتَعَقَّبُ |
وفي لسان العرب : وتَعَقَّب فلانٌ رأْيَه إِذَا وَجَدَ عَاقِبَتَه إِلى خَيْرٍ (٩) ، وتَعقَّب من أَمْره : نَدِمَ ، ويقال : تعقَّبْتُ الخَبَر إِذَا سأَلتَ غيرَ مَنْ كنتَ سأَلْتَه أَوَّلَ مَرَّة ، ويقال : أَتَى فلانٌ إِليّ خَيْراً فعَقَبَ بخَيْرِ منه.
__________________
(١) زيادة عن اللسان اقتضاه السياق.
(٢) في اللسان : «الصلاة» والنهاية فكالأصل.
(٣) زيادة عن اللسان اقتضاها السياق. وفي النهاية : ومنه الحديث.
(٤) في النهاية : بانتظار الصلاة بعد الصلاة.
(٥) سورة النمل الآية ١٠.
(٦) زيادة عن اللسان للإيضاح.
(٧) عن اللسان ، وبالأصل «عقبت».
(٨) سورة الرعد الآية ٤١.
(٩) عن اللسان ، وبالأصل «إلى الخير».