جَاءَ بعَقِبِه فهو مُعَاقِب وعَقيبٌ أَيضاً. والتَّعْقيبُ مِثْلُه ، وذَهَبَ فلانٌ وعَقَبَه (١) فُلَانٌ بَعْدُ ، واعْتَقَبَه أَي خَلَفَه ، وهما يُعَقِّبَانه ويَعْتَقِبانِ عَلَيْه ويَتَعَاقَبَان : يَتَعَاوَنَان.
والمُعَقِّبَاتُ : الحَفَظَة في قوله عزوجل : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) (٢) والمُعَقِّباتُ : مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ والنَّهَارِ لأَنَّهم يَتَعاقَبُونَ ، وإِنَّمَا أَنَّثَ لكَثْرة ذلِكَ مِنْهُم ، نحو نَسّابَة وعَلَّامة وقَرَأَ بَعْضُ الأَعْرَاب : «لَهُ مَعَاقيبُ». وقال الفَرّاء : المُعَقِّبَاتُ : المَلَائِكَة ، ملائِكَة اللَّيْلِ تَعقُب ملَائِكَةَ النَّهَارِ.
قال الأَزْهَرِيُّ : جَعَلَ الفَرَّاءُ عَقَّب بمعْنى عَاقَب ، كما يُقَالُ : عَاقَدَ وعَقَّدَ ، وضَاعَفَ وضَعَّفَ ، فكأَنَّ ملائكَةُ النهارِ تحفَظُ العِبَادَ ، فإِذَا جَاءَ الليلُ جَاءَ معه مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ ، وصَعِدَ ملائِكَةُ النَّهارِ ، فإِذا أَقبَلَ النّهارُ عاد من صَعِد وصَعِد ملائِكَةُ اللَّيْل ، كأَنَّهم جَعَلُوا حِفْظَهم عُقَباً أَي نُوَباً ، وكُلُّ من عَمِل عَمَلاً ثم عادَ إِليه فقد عقَّب. وملائكةٌ مُعَقِّبَة ، ومُعَقِّباتٌ جَمْعُ الجَمْع. وقولُ النَّبِيِّ صلىاللهعليهوسلم (٣) : «مُعْقِّباتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنّ» وهو أَن يُسَبِّح في دُبُرِ صَلاته ثلاثاً وَثَلَاثِين تَسْبِيحَةً ، ويَحْمَده ثَلَاثاً وثَلَاثِين تَحْمِيدَةً ، ويكَبِّره أَربعاً وثَلاثين تَكْبِيرَةً. وهي التَّسْبِيحَاتُ. سُمِّيت [مُعقِّبات] (٤) لأَنَّهَا يَخْلُف بَعْضُهَا بَعْضاً أَو لأَنَّها عادَتْ مَرَّة بعد مَرَّة ، أَو لأَنها تُقَالُ عَقِيبَ الصَّلاةِ. وقال شَمِر : أَراد بقَوْله مُعَقِّبَاتٌ تَسْبِيحَات تَخْلُف بأَعْقَابِ النَّاس. قال : والمُعَقِّب من كُلِّ شَيء مَا (٥) خَلَف بِعَقَبِ ما قَبْلَه. وأَنشدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ للنَّمِر بْنِ تَوْلَبٍ :
ولستُ بشَيْخٍ قد تَوَجَّهَ دَالِفٍ |
ولكنْ فَتًى من صالِح الناسِ عَقَّبَا |
يَقُولُ : عُمِّر بَعْدَهم وَبقِيَ.
والمُعَقِّبَاتُ : اللَّوَاتِي يَقُمْنَ عِنْدَ أَعْجَازِ الإِبِلِ المُعْتَرِكَاتِ على الحَوْضِ ، فإِذَا انْصَرَفَت ناقَةٌ دَخَلَتْ مَكَانَها أُخْرَى وهي النّاظرَات العُقَبِ. والعُقَبُ : نُوَبُ الوَارِدَة ، تَرِد قِطْعَةٌ فتَشْرَبُ ، فإِذا وردت قِطْعَةٌ بعدها فشَرِبَت فذلك عُقْبَتُهَا ، وقد تَقَدَّم الإِشَارَةُ إِليه.
والتَّعْقِيبُ : اصْفِرَارُ ثَمَرَةِ العَرْفَج وحَيْنُونَةُ يُبْسِهِ مِن : عَقَبَ النبتُ يعقبُ عَقْباً إِذا دَقَّ عُودُه واصْفَرَّ وَرَقُه ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ.
والتَّعْقِيبُ : أَن تَغْزُوَ ثم تُثَنِّيَ أَي تَرْجع ثانِياً مِنْ سَنَتِك.
والمُعَقِّب : الذي يَغْزُو غَزْوَةً بَعْدَ غَزْوَةٍ ويَسير سَيْراً بَعْد سَيْر ، ولا يُقِيم في أَهْلِه بعد القُفُول. وعَقَّب بِصَلاةٍ بَعْد صلاة وغَزَاة بعد غزاة : وَالَى. وفي الحَدِيث : «وإِنَّ كُلَّ غَازِيَةٍ غَزَتْ يَعقُب بعضُهَا بَعْضاً» أَي يكون الغزوُ بينَهُم نُوَباً ، فإِذَا خرجَت طَائِفَةٌ ثم عادَت لم تُكَلَّفْ أَن تَعُودَ ثانِيَةً حتى تَعْقُبَهَا أُخْرَى غيرها. ومنهحَدِيثُ عمرَ «أَنَّه كَانَ كُلَّ عام يُعَقِّبُ الجيوشَ» قال شَمِر : ومعنَاه أَنه يَرُدُّ قوماً ويَبْعَث آخَرين يُعَاقِبونَهُم. يقال : عَقَّب (٦) الغَازِيةَ بأَمْثالِهِم وأَعْقَبُوا إِذَا وَجَّه (٦) مَكانَهم غَيْرَهُم. والتَّعْقِيبُ : التَّرَدُّدُ في طَلَب المَجْدِ ، هكذا في نُسْخَتِنَا وهو غَلط ، وصوابُه التَّردُّدُ في طَلَب مُجِدًّا كما في لِسَانِ العَرَب والصّحَاح وغَيْرِهَما. ويدل لذلك قولُه أَيضاً : والمُعَقِّب : المُتَّبع حَقّا له ليَسْتَرِدَّه. وقال غيرُه : الَّذِي يَتْبَع عَقِب الإنْسَانِ في حَقٍّ. قال لَبِيدٌ يَصِف حِمَاراً وأَتانَه :
حتى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وهَاجَه |
طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ |
قال ابن مَنْظُور : واسْتَشْهَد به الجَوْهَرِيُّ على قولِه : وعقَّب في الأَمْرِ إِذَا تَرَدَّد في طَلَبِه مُجِدًّا ، وأَنْشَدَه : وقال : رفع المظلوم وهو نَعْتٌ للمُعَقِّب على المَعْنَى ، والمُعَقِّب خَفْض في اللَّفْظِ ومعنَاه أَنَّه فَاعِل. ويُقَالُ أَيضاً : المُعَقِّب : الغَرِيمُ المُمَاطِلُ. عَقَّبَنِي حَقّي أَي مَطَلَني فَيَكُون المَظْلُوم فَاعِلاً والمُعَقِّب مَفْعُولاً.
وقال غيرُه : المُعَقِّب : الَّذِي يَتَقَاضَى الدَّيْنَ فيعود إِلى غَرِيمه في تَقاضِيهِ.
والتَّعْقِيبُ : الجُلُوسُ بَعْدَ أَن يَقْضِيَ الصَّلَاة لدُعَاء أَو مَسْأَلة. وفي الحَدِيثِ : «مَنْ عَقَّب في صَلَاةٍ فهو في
__________________
(١) عن اللسان ، وبالأصل «عقب».
(٢) سورة الرعد الآية ١١ قوله (مُعَقِّباتٌ) : قال في المحكم أي للإنسان معقبات أي ملائكة يعتقبون يأتي بعضهم بعقب بعض (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) أي مما أمرهم الله به.
(٣) في النهاية : وفي حديث الدعاء.
(٤) سقطت من الأصل واستدركت عن النهاية.
(٥) في النهاية : «ما جاء عقيب ما قبله» واللسان فكالأصل.
(٦) اللسان : «عُقّب .. وأُعقبوا .. وُجه».