وفي حديث آخر : «ابْغِني حَدِيدَةً أَسْتَطِيبُ بها» (١).
يُريدُ حَلْقَ العَانَة ، لأَنَّه تَنْظِيف وإِزَالَةُ أَذًى.
واسْتَطَابَ الشَّيْءَ وأَطَابَه وطَابَهُ ، وقد تَقَدَّم وَجَدَه طَيِّباً كأَطْيَبَه بدُون الإِعْلال وطَيِّبَه ، قد تَقَدَّم أَيْضاً واسْتَطْيَبَه ، بِدُونِ الإِعْلَال ، والأَخِيرُ حَكَاه سِيبَوَيْه ، وقال : جَاءَ على الأَصْلِ كَمَا جَاءَ اسْتَحْوَذَ ، وكَأَنَّ فِعْلَهُمَا قَبْلَ الزِّيَادَة كَانَ صَحِيحاً وإِنْ لم يُلْفَظ به قبلها إِلا مُعْتَلًّا. وقولهم : ما أَطْيَبَه ومَا أَيْطَبَه ، مَقْلُوبٌ مِنْه ، وأَطْيِبْ به وأَيْطِبْ بِهِ ، كُلُّه جَائِز.
واسْتَطَابَ القَوْمَ : سأَلهم مَاءً عَذْباً. قال :
فَلَمَّا اسْتَطَابُوا صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَه
فَسَّرَه بذلك ابْنُ الأَعْرَابِيّ.
والطَّابَةُ : الخَمْرُ. قال أَبو مَنْصُور : كأَنَّها بِمَعْنَى طَيِّبَة والأَصلُ طَيِّبَة (٢). وفي حَدِيثِ طَاوُوسَ «سُئِلَ عن الطَّابَة تُطْبَخُ على النِّصْفِ».
الطَّابَةُ : العَصِيرُ ، سُمِّيَ بِه لِطِيبهِ ، وإِصْلَاحُه على النِّصْف : هو أَن يُغْلَى حتى يَذْهَبَ نِصْفُه.
واسْتَطَاب الرجُلُ : شَرِبَ الطَّابَة ، نَقَلَه ابْنُ سِيدَه في المحكم ، وبِهِ فُسِّر : فَلَمَّا اسْتَطَابُوا صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَه على قَوْل.
وطِيبَتُهَا بالكَسْرِ ، والضَّمِير إِلَى أَقْرَب مَذْكُور ، وهو الطَّابَةُ : أَصْفَاها وأَجَمُّهَا ، كَمَا أَنَّ طِيبَة الكلإِ أَخْصَبُه ، وفي نُسْخَة إِصْفَاؤُها ، بالكَسْرِ ، على صيغَة المَصْدَرِ ، وَهُوَ خَطَأٌ.
وطَيْبَةُ : عَلَمٌ على المَدِينَة النَّبَويّةِ على سَاكِنِها أَفْضَلُ الصَّلَاة وأَتَمُّ السَّلَام ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ.
قال ابن بَرِّيّ : وقد سَمَّاهَا النَّبيّ صلىاللهعليهوسلم بِعِدَّة أَسْمَاء كَطَابَةَ والطَّيِّبَةِ والمُطَيَّبَة والجَابِرَة والمَجْبُورَة والحَبِيبَة والمَحْبُوبَة (٣) والمُوفِيَة والمِسْكِينَة ، وغَيْرِهَا مِمَّا سَرَدْنَاهَا في غير هذا المحل. وفي الحَدِيث أَنَّه أَمَرَ أَنْ تُسَمَّى المَدِينَة طَيْبَةَ وطَابَة ، وهما تَأْنِيثُ طَيْبٍ وطَاب بمَعْنَى الطِّيبِ ، لأَن المَدِينَةَ كانَ اسمُهَا يَثْرِبَ ، والثَّرْبُ (٤) : الفَسَادُ ، فنَهَى أَن يُسَمَّى (٥).
بِهَا ، وسَمَّاها طَابَةَ وطَيْبَةَ ، وقِيلَ : هُوَ مِنَ الطَّيِّب الطَّاهِرِ لخُلُوصِهَا من الشِّرْكِ وتَطْهِيرِها مِنْهُ ، ومِنْه : «جُعِلَت لِي الأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُوراً» أَي نَظِيفَةً غير خَبِيثَة. «والمُطَيَّبَةُ» في قَول المُصَنّفِ مَضْبُوطٌ بِصِيغَة المَفْعُولِ ، وَهُو ظَاهِرٌ ، ويُحْتَمَلُ بِصِيغَةِ الفَاعِل ، أَي المُطَهِّرَةُ المُمَحِّصَةُ لذُنُوبِ نَازِلِيهَا.
وعِذْقُ ابن طَابٍ : نَخْلٌ بها أَي بالمَدِينَة المُشرَّفَة أَو* ابْنُ طَابٍ : ضَرْبٌ مِنَ الرُّطَب هناك. وفي الصَّحَاح : وتَمْرٌ بالمَدِينَة يُقَالُ لَهُ عِذْقُ ابْن طَابٍ ، ورُطَبُ ابْنِ طَابٍ. قال : وعِذْقُ ابن طَابٍ ، وعذْقُ ابن زَيْدٍ : ضَرْبَان من التَّمْرِ. وفي حَدِيثِ الرُّؤيَا : «كَأَنَّنا في دَارِ ابْنِ زَيْد وأُتِينَا برُطَبِ ابْنِ طَابٍ». قال ابن الأَثِير : هو نَوْعٌ من تَمْرِ المَدِينَة مَنْسُوبٌ إِلى ابْنِ طَاب رَجُل مِنْ أَهْلِهَا. وفي حَدِيثِ جَابِر : «وفي يَدِه عُرْجُونُ ابْن طَابٍ».
والطِّيَابُ كَكِتَابِ : نَخْلٌ بالبَصْرَة إِذا أَرْطَبَ فيُؤَخَّر عَنِ اخْتِرَافه تَسَاقَطَ عن نَوَاه فَبَقِيَت الكِبَاسة ليْسَ فِيهَا إِلا نَوًى مُعَلَّقٌ بالثَّفَارِيق (٦) ، وهُوَ مَع ذلك كِبَارٌ ، قَال : وكذلك (٧) النَّخْلَةُ إِذَا اخْتُرِفَت ، وهي مُنْسَبِتَةٌ لمْ تَتْبَع النَّواةُ اللِّحَاءَ. كذَا في لِسَان العَرَب.
والطَّيِّبُ : الحَلَالُ. وفي التَّنْزِيل العَزِيزِ : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) (٨) أَي كُلُوا من الحَلَال. وكُلُّ مَأْكُولٍ حَلَالٍ مُسْتَطَابٌ ، فهُو داخِلٌ في هَذَا. وفي حَدِيثِ هَوَازِن : «مَنْ أَحَبَّ أَن يُطَيِّب ذَلِكَ مِنْكُم» أَي يُحَلِّلَه ويُبِيحَه. والكَلِم الطَّيِّب هُوَ قَوْلُ : لا إِلَه إِلَّا الله. وفلانٌ في بَيْتٍ طَيِّبٍ ، يُكْنَى بِهِ عَنْ شَرَفِه (٩). ومَاءٌ طَيِّب إِذَا كَانَ عَذْباً أَو طَاهِراً.
وطَعَامٌ طَيِّبٌ إِذَا كَانَ سَائِغاً في الحَلْق. وفُلانٌ طَيِّبُ الأَخْلَاقِ إِذَا كَان سَهْلَ المُعَاشَرَة وبَلَدٌ طَيِّب : لا سِبَاخَ فيهِ.
وأَبُو مُحَمَّدٍ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي التُّرَابِ الذُّهْلِيُّ ، رَوَى القرآنَ عنِ الكِسَائِيّ ، والحَدِيثَ عن سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة ، تَرْجَمَه الخَطِيبُ في التَّاريخ.
__________________
(١) في غريب الهروي : أستَطِبْ.
(٢) في إحدى نسخ اللسان : طَيْبَة.
(٣) في اللسان : والمحببة.
(٤) في غريب الهروي : التثرب.
(٥) في اللسان : تُسمّى بها.
(١٠) (*) أو : بالمطبوعة المصرية مشار إليها أنها من القاموس وليست منه سوى الواو.
(٦) في اللسان : التفاريق بالتاء. وما أثبتناه الصواب فالثفاريق جمع ثفروق ، والثفروق قمع البسرة والتمرة.
(٧) عن اللسان ، وبالأصل «ولذلك».
(٨) سورة المؤمنون الآية ٥١.
(٩) في اللسان : عن شرفه وصلاحه وطيب أعراقه.