دخلت الباء في خبر «ما» مؤكدة للنفي ، لأنه يستدل بها السامع على الجحد إذا غفل عن أول الكلام.
وعند قوله تعالى : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) [البقرة : ١٤] قال (١) : أبلغ من «خلوا بهم» ، لأن فيه دلالة الابتداء والانتهاء ، لأن أول لقائهم للمؤمنين ، أي : إذا خلوا من المؤمنين إلى الشياطين.
وذكر فائدة «عشرة كاملة» في قوله تعالى : (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) [البقرة : ١٩٦] فقال (٢) : المراد رفع الإبهام ، فقد يتوهم في الواو أنها بمعنى «أو».
المطلب الثالث : مصادره :
إن كتاب إيجاز البيان لبيان الحق النيسابوري يعتمد على أصلين يكثر المؤلف النقل عنهما ، وهما «جامع التأويل لمحكم التنزيل» لأبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني المتوفى سنة ٣٢٢ ه ، و «النكت والعيون» للإمام علي بن حبيب الماوردي المتوفى سنة ٤٥٠ ه.
فقد أكثر من نقل أغلب فوائد هذين الكتابين ، وتأثر بأقوالهما تأثرا واضحا ، ونجده تارة يصرح بالنقل عن ابن بحر ، وأحيانا كثيرة ينقل عنه دون الإشارة إليه ، لكنه يصرح بذلك ـ أحيانا ـ في كتابه وضح البرهان. أما الماوردي فلم يصرح باسمه في هذا الكتاب «إيجاز البيان» ، ويفعل ذلك عند ما ينقل عنه في وضح البرهان.
وقد أشرت أثناء التعليق على هذا الكتاب إلى المواضع التي تطابقت النصوص بألفاظها مع تفسير الماوردي.
ثم إن النيسابوري ـ في غالب نقوله ـ لا يشير إلى المصدر الذي ينقل
__________________
(١) إيجاز البيان : ٦٩.
(٢) إيجاز البيان : ١٤٢.