إلى عائد من الضمير ، وإنما جاءهم المفسدون مع فساد غيرهم لشدة فسادهم ، فكأنه لم يعتد بغيره.
وينتصر المؤلف ـ رحمهالله ـ في النحو للمذهب البصري ، وذلك بترجيح أقوالهم ، كما صنع في قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) [يوسف : ١٥] حيث قال (١) : محذوف الجواب ، والكوفيون يجعلون «أجمعوا» جوابا ، والواو مقحمة ، وإقحامها لم يثبت ، ولا له وجه في القياس.
وقد يذكر ـ أحيانا ـ بعض المصطلحات الكوفية ، مثل : النصب على القطع ، أي : على الحال (٢). ولعله تأثر في ذلك بالفراء الذي جرى على هذه الاصطلاحات في كتابه معاني القرآن.
أما استشهاد المؤلف في هذا الكتاب بأشعار العرب وأمثالهم وأقوالهم فقليل جدا ، لكنه توسع في ذلك في وضح البرهان حيث أكثر من ذكر الشواهد الشعرية حتى إنه أفرد تلك الشواهد بمصنف خاص شرح فيه تلك الأبيات.
سابعا : ذكر لطائف تتعلق بالنظم القرآني ، وذلك من حيث أسلوبه وبلاغته ، فأورد من ذلك على سبيل المثال ، سبب تقديم العبادة على الاستعانة في قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، فقال (٣) : «وإياك نستعين» على نظم آي السورة ، وإن كان «نعبدك» أوجز ، ولهذا قدم «الرحمن» والأبلغ لا يقدم. وقدمت العبادة على الاستعانة لهذا ، مع ما في تقديم ضمير المعبود من حسن الأدب.
وعند تفسير قوله تعالى : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٨] قال (٤) :
__________________
(١) إيجاز البيان : ٤٣١.
(٢) إيجاز البيان : ٥٦٤.
(٣) إيجاز البيان : ٦٠.
(٤) إيجاز البيان : ٦٨.