امرأتان أو واحدة / أو ملك اليمين فهو يعولها (١) فكيف يكون (أَلَّا) [٢٢ / ب] (تَعُولُوا)؟! بل ملك اليمين أدلّ على كثرة العيال ؛ لأنّ المباح من الأزواج أربع ومن ملك اليمين ما شاء. وقال الله (٢) في موضع آخر : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) فذكر الميل مع العدل.
٤ (صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) : كان الرّجل يصدق امرأته أكثر من مهر مثلها ، فإذا طلّقها أبى إلّا مهر مثلها ، فبيّن الله أنّ الزّيادة التي كانت في الابتداء تبرّعا و «نحلة» وجبت بالتسمية (٣). وقيل (٤) : نحلة هبة من الله للنّساء.
__________________
وأئمة الشرع ورؤوس المجتهدين حقيق بالحمل على الصحة والسداد ، وأن لا يظن به تحريف «تعيلوا» إلى «تعولوا» فقد روي عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه : «لا تظنن بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا» وكفى بكتابنا المترجم بكتاب «شافي العي من كلام الشافعي» شاهدا بأنه كان أعلى كعبا وأطول باعا في علم كلام العرب من أن يخفى عليه مثل هذا ، ولكن للعلماء طرقا وأساليب ، فسلك في تفسير هذه الكلمة طريقة الكنايات ...».
وانظر رد الفخر الرازي في تفسيره : (٩ / ١٨٣ ـ ١٨٥) للاعتراض الوارد على قول الشافعي.
(١) ذكر الزجاج هذا الاعتراض في معاني القرآن : ٢ / ١١ ، والنحاس في معاني القرآن : ٢ / ١٥ عن المبرد ، والجصاص في أحكام القرآن : ٢ / ٥٧.
وقد رده الفخر الرازي في تفسيره : ٩ / ١٨٥ من وجهين فقال : «الأول : ما ذكره القفال ـ رضياللهعنه ـ وهو أن الجواري إذا كثرن فله أن يكلفهن الكسب ، وإذا اكتسبن أنفقن على أنفسهن وعلى مولاهن أيضا ، وحينئذ تقل العيال ، أما إذا كانت المرأة حرة لم يكن الأمر كذلك فظهر الفرق.
الثاني : أن المرأة إذا كانت مملوكة فإذا عجز المولى عن الإنفاق عليها باعها وتخلص منها ، أما إذا كانت حرة فلا بد له من الإنفاق عليها ، والعرف يدل على أن الزوج ما دام يمسك الزوجة فإنها لا تطالبه بالمهر ، فإذا حاول طلاقها طالبته بالمهر فيقع الزوج في المحنة».
(٢) سورة النساء : آية : ١٢٩.
(٣) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : (٧ / ٥٥٢ ، ٥٥٣) عن ابن عباس ، وقتادة ، وابن جريج ، وابن زيد.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير : ٢ / ١١ وزاد نسبته إلى مقاتل.
(٤) اختاره الفراء في معاني القرآن : ١ / ٢٥٦ ، وعزاه الماوردي في تفسيره : (١ / ٣٦٢ ، ٣٦٣)