وأصل المتشابه (١) : أن يشبه اللّفظ اللفظ والمعنيان مختلفان ، كقوله (٢) : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) ، ومن المتشابه المشكل أي : دخل في شكل غيره فأشبهه وشاكله. وكأنّ المحكم أمّ الكتاب لأنّه كالأصل في استخراج علم المتشابه منه ، وذلك كالاستواء في المتشابه يكون بمعنى الجلوس ، وبمعنى القدرة والاستيلاء.
والأول لا يجوز على الله بدليل المحكم وهو قوله (٣) : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
والحكمة في المتشابه البعث على النظر لئلا يهمل العقل (٤).
٨ (لا تُزِغْ قُلُوبَنا) : لا تملها عن القصد والهدى (٥).
__________________
ولو كانوا جهالا بمعرفة المتشابه لما وصفوا بالرسوخ في العلم ...».
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : (٣ / ٢٥ ، ٢٦) : «وهذه المسألة إذا تؤملت قرب الخلاف فيها من الاتفاق ، وذلك أن الله تعالى قسم آي الكتاب قسمين : محكما ومتشابها ، فالمحكم هو المتضح المعنى لكل من يفهم كلام العرب لا يحتاج فيه إلى نظر ولا يتعلق به شيء يلبس ، ويستوي في علمه الراسخ وغيره ، والمتشابه يتنوع ، فمنه ما لا يعلم ألبتة ، كأمر الروح ، وآماد المغيبات التي قد أعلم الله بوقوعها إلى سائر ذلك ، ومنه ما يحمل على وجوه اللّغة ومناح في كلام العرب ، فيتأول تأويله المستقيم ، ويزال ما فيه مما عسى أن يتعلق به من تأويل غير مستقيم كقوله في عيسى (رُوحٌ مِنْهُ) إلى غير ذلك ، ولا يسمّى أحد راسخا إلا بأن يعلم من هذا النوع كثيرا بحسب ما قدر له ، وإلا فمن لا يعلم سوى المحكم فليس يسمى راسخا ، وقوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ) عائد على جميع متشابه القرآن ...».
(١) نص هذا الكلام في تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة : ١٠١.
وانظر تفسير الطبري : ٦ / ١٧٣ ، ومعاني النحاس : ١ / ٣٤٦.
(٢) سورة البقرة : آية : ٢٥.
(٣) سورة الشورى : آية : ١١.
(٤) قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٨٦ : «ولو كان القرآن كلّه ظاهرا مكشوفا حتى يستوي في معرفته العالم والجاهل ، لبطل التفاضل بين الناس وسقطت المحنة وماتت الخواطر ، ومع الحاجة تقع الفكرة والحيلة ، ومع الكفاية يقع العجز والبلادة».
(٥) معاني الزجاج : ١ / ٣٧٩ ، وفيه أيضا : أي لا تضلنا بعد إذ هديتنا ، وقيل أيضا :